الرئيسية / تقارير صحفية وسياسية / أكثر من 2100 قتيل في زلزال المغرب وهزة أرضية جديدة جنوب غرب مراكش

أكثر من 2100 قتيل في زلزال المغرب وهزة أرضية جديدة جنوب غرب مراكش

السيمر /النمسا /الأحد 10. 09 . 2023

ارتفعت حصيلة ضحايا الزلزال المدمر الذي ضرب المغرب الجمعة إلى أكثر من 2100 قتيل، بالإضافة إلى أكثر من 2400 جريح . وتواصل فرق الإنقاذ المغربية وبعض الفرق الدولية التي وصلت إلى البلاد جهودها بحثا عن ناجين تحت الأنقاض.

وأعلن المرصد الأورومتوسطي للزلازل أنه سجّل اليوم الأحد هزة أرضية قوتها 4.5 درجات على مقياس ريختر على بعد 77 كيلومترا جنوب غرب مراكش.

وتوافد المغاربة صباح اليوم بأعداد كبيرة على مراكز التبرع بالدم استجابة لدعوة أطلقتها السلطات الصحية للمساعدة في علاج المصابين الذين يحتاجون إلى نقل دم.

وأعلن ملك المغرب محمد السادس، مساء السبت، حداد وطنيا لمدة ثلاثة أيام على أرواح ضحايا الزلزال المدمر، كما أمر بتسريع عمليات الإنقاذ.

وقد تمكن الجيش المغربي من فتح أحد الشوارع الرئيسية المؤدية إلى المناطق الأكثر تضرراً بالزلزال، مما يسمح بوصول المساعدات الحيوية للسكان.

وكان انهيار أرضي قد أغلق الطريق المؤدي إلى بلدة “أسني” الصغيرة الواقعة في جبال أطلس.

وتظهر مقاطع فيديو قرى عريقة على رؤوس التلال وقد تحولت إلى حطام وغبار بفعل الزلزال، الذي ضرب المناطق القريبة من مدينة مراكش التاريخية.

وتقول منظمة اليونسكو إنها ستساعد المغرب في تقييم الدمار الذي لحق بالمواقع الأثرية ووضع استراتيجية خاصة لترميمها.

وتعتبر المدينة القديمة في مراكش- التي تأثرت كثيراً بزلزال الجمعة- موقعاً للتراث العالمي من قبل اليونسكو.

وقال المدير الإقليمي للمنظمة إريك فولت إن من الضروري وضع خطة لإعادة بناء الأصول الثقافية المدمرة.

وتعتبر مراكش البوابة الرئيسية للسياحة في المغرب. وكان يُتوقع أن تستقبل المدينة 13 مليون سائح في عام 2023- كما كانت تفعل في السنوات السابقة قبل تفشي وباء كورونا.

وكان أكثر من نصف عدد الضحايا قد وقع في إقليم الحوز الجبلي جنوبي مراكش.

وتُقام اليوم في المغرب صلاة الغائب بجميع المساجد ترحما على ضحايا الزلزال الذي ضرب البلاد ليل الجمعة.

وقال الديوان الملكي المغربي إن الملك محمد السادس أعطى تعليماته بمواصلة كافة أعمال الإنقاذ بشكل عاجل على الصعيد الميداني.

رجال الإنقاذ يقومون بعملية بحث في أمزميز بالمغرب

وسُجل وقوع الضحايا في الحوز ومراكش وورزازات وأزيلال وشيشاوة وتارودان.

وقال مسؤول محلي إن معظم الوفيات كانت في مناطق الجبال التي يصعب الوصول إليها.

وأفاد المعهد الوطني للجيوفيزياء في المغرب أنه تم تسجيل زلزال بقوة 7 درجات على مقياس ريختر بإقليم الحوز، وسط البلاد، في الساعة 11:00 من ليل الجمعة بتوقيت المغرب.

وأشار المعهد الوطني للجيوفيزياء، أن الهزات الارتدادية، عقب الزلزال الذي ضرب المغرب، يمكن أن تتواصل، مضيفاً أنه “يُنتظر أن تتواصل الهزات الارتدادية بضعة أيام أو بضعة أسابيع قبل أن تختفي”، وفق وسائل إعلام مغربية.

وأظهرت مقاطع فيديو نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي مبان مدمرة ومبان أخرى تهتز وشوارع يملؤها حطام متناثر. وشوهد الناس يهربون في حالة من الذعر والبعض كان يمشي وسط سحب من الغبار.

وأفادت تقارير بوجود عائلات ما زالت عالقة تحت حطام منازلها. وشهدت المستشفيات في مدينة مراكش تدفقاً للجرحى من مختلف المناطق، ودعت السلطات المواطنين إلى التبرع بالدم.

وأظهرت العديد من اللقطات التي نُشرت على منصة إكس المباني وهي تنهار، لكن البي بي سي لم تتمكن من تحديد مكان تلك المباني.

وقد قرر السكان البقاء خارج منازلهم تحسباً لوقوع زلازل أخرى قوية.

وقالت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية إن زلزالا قويا بقوة 6.8 درجة ضرب وسط المغرب، وأضافت أن مركز الزلزال كان على بعد 71 كيلومتراً، جنوب غربي مراكش، وعلى عمق 18.5 كيلومتراً.

نقل الجرحى من المركز الصحي بأمزميز إلى مراكش

وقال سكان مراكش، أقرب مدينة كبيرة إلى مركز الزلزال، إن بعض المباني قد انهارت في الجزء القديم من المدينة، وهي المصنفة في قائمة اليونسكو للتراث العالمي، وأظهرت لقطات لسور المدينة الذي يعود تاريخه إلى العصور الوسطى شقوقا كبيرة في أحد أقسامه وسقوط أجزاء منه وتناثر الأنقاض في الشارع.

أسباب وقوع الزلزال

وحول الأسباب العلمية لوقوع الزلازل، قال غسان سويدان، مدير مركز رصد الزلازل في الأردن، لبي بي سي إن “هناك أسباباً طبيعية وأخرى اصطناعية. الأولى تكتونية بمعنى أنها تتعلق بحدوث تصادم بين الكتل الصخرية الضخمة في القشرة الأرضية. أما الثانية فتتعلق بالتفجيرات النووية وتفجيرات مقالع الحجارة والمناجم”.

لكن لماذا وقع الزلزال في هذه المنطقة من المغرب تحديدا؟

طرحنا هذا السؤال على سويدان الذي أكد على وجود صدع نشط في المنطقة كان في حالة سبات في السابق لكن تراكم الإجهادات عليه من حركة الصخور الضخمة أدى إلى وقوع الزلزال.

وقال إن “الزلازل لا تحدث إلا على حدود الصدوع في الكرة الأرضية ولا تحدث عشوائيا”.

وتوقع خبير الزلازل الأردني حدوث هزات ارتدادية وقال إنه سجل وقوع زلزال متوسط بقوة 4.8 درجة وهو ليس من النوع المدمر، لكنه عندما يقع بعد زلزال قوي بقوة 7 درجات فقد يكون الأثر التدميري له أكبر بسبب تخلخل البنية التحتية من أبنية وسدود وجسور بفعل الزلزال الأكبر، كما قال سويدان.

وأضاف سويدان بأن منطقة شمال أفريقيا معرضة للمزيد من هذه الزلازل لأنها “قريبة من منطقة التصادم بين صفيحتين تكتونيتين هما الصفيحة الأفريقية المتجهة شمالا والصفيحة الأوروآسيوية في أوروبا، حيث تغوص الصفيحة الأفريقية تحت الأوروبية، فنجد أن مناطق اليونان وقبرص والدول التي تطل على البحر المتوسط تشهد وقوع العديد من الزلازل بين الفينة والأخرى”.

المغرب

من مشاهد الأنقاض في مراكش

وقال منتصر إتري أحد سكان قرية أسنى الجبلية القريبة من مركز الزلزال إن معظم المنازل هناك تضررت.

وأضاف أن “جيراننا تحت الأنقاض ويعمل الأهالي جاهدين على إنقاذهم باستخدام الوسائل المتاحة في القرية”.

كما نقل موقع “ميديا 24” عن مصادر طبية أن ثمة “تدفقا هائلا” للجرحى إلى مستشفيات مراكش. وشعر سكان الرباط والدار البيضاء وأغادير والصويرة بالزلزال، إذ خرج عدد من المواطنين إلى شوارع هذه المدن خشية انهيار منازلهم وفقا لصور متداولة على شبكات التواصل الاجتماعي.

تضامن دولي لتقديم المساعدة

توالت ردود الفعل الدولية على الزلزال والتي أبدت تعاطفها مع ضحايا الزلزال وعرضت تقديم المساعدة.

فقد أرسلت إسبانيا وحدة طوارئ تابعة للجيش قوامها 56 عامل إنقاذ متخصصين في مهمات البحث والانقاذ وأربعة كلاب بحث، وذلك استجابة لطلب رسمي من المغرب. وهي تستعد أيضاً لإرسال فريق إنقاذ آخر.

وأرسلت الولايات المتحدة فريقاً صغيراً من الخبراء في الكوارث إلى المغرب لتقييم الوضع والتعرف على الاحتياجات الإنسانية المطلوبة وللعمل مع الحكومة المغربية على تحديد الدعم الإضافي الذي تحتاجه البلاد. وقال مسؤول أمريكي إن الفريق وصل الأحد إلى المغرب.

وقالت فرنسا إنها مستعدة لإرسال مساعدات إلى المغرب وتنتظر طلباً رسمياً بذلك.

وقال لحسين حداد، وهو وزير سياحة مغربي سابق، لبي بي سي إن هناك مخاوف من ارتفاع حصيلة القتلى خلال الأيام القليلة القادمة مع انتشال المزيد من الجثث من تحت الأنقاض.

وفي بريطانيا، قال ديفيد وايتويك من المنظمة الخيرية للمساعدات الطبية “يو كي ميد” لبي بي سي إنه سيكون جزءاً من فريق متخصص من عاملي الإغاثة الذي سيتوجه من المملكة المتحدة إلى المغرب غداً الاثنين.

وقال وايتويك إن أولوية الفريق ستكون الوصول إلى المناطق النائية في جبال أطلس التي كانت من أكثر المناطق تضرراً بالزلزال.

وقال: “سندرس كيفية إيصال الرعاية الصحية إلى هناك” مضيفاً بأنه سيعمل مع زملائه على تقييم إمكانية إنشاء مستشفيات ميدانية في تلك المناطق.

وقال مسؤول محلي لوكالة أنباء “رويترز” إن المساعدات التي وصلت حتى الآن للمناطق المنكوبة هي مساعدات غذائية فقط قدمتها الحكومة المغربية ومنظمات أهلية.

وكانت الجزائر- التي قطعت العلاقات الدبلوماسية مع المغرب في عام 2021 – قد تقدمت بتعازيها لأسر الضحايا والشعب المغربي، وأعلنت فتح مجالها الجوي المغلق منذ أيلول/سبتمبر 2021، أمام الرحلات التي تنقل مساعدات إنسانية وجرحى جراء الكارثة.

وأعلنت كل من مصر والسعودية والإمارات والأردن والعراق تضامنهم مع المغرب.

وأعرب الرئيس الأمريكي جو بايدن عن تعاطفه مع ضحايا الزلزال وقال إن الولايات المتحدة “مستعدة لتقديم أي مساعدة ضرورية”.

وقال في بيان نشره الموقع الرسمي للبيت الأبيض: “أشعر بأسى بالغ على فقدان الأرواح والدمار الحاصل بسبب الزلزال في المغرب”.

وفي الصين، أرسل الرئيس الصيني شي جنبنغ “رسالة تعزية” إلى المغرب، حسبما أفادت وسائل إعلام رسمية.

و قال رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي الذي كان يتحدث في قمة العشرين (جي 20) إن المجتمع الدولي سيهب لمساعدة المغرب.

وتلقى المغرب، الذي طبع علاقاته مع إسرائيل عام 2020، عرض مساعدة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، الذي أعلن أنه أعطى “تعليمات لكل الهيئات والقوى الحكومية لتقديم كل المساعدة الضرورية للشعب المغربي”، وفق بيان صادر عن مكتبه.

كما أعلنت إسرائيل أنها سترسل اليوم الأحد وفدا إلى المغرب، للمساعدة في إعادة مواطنيها الموجودين هناك. ويضم الوفد ممثلين من القسم القنصلي في وزارة الخارجية الإسرائيلية، وموظفين إداريين.

ويذكر أنه في 24 شباط/فبراير عام 2004 ضرب زلزال بلغت قوته 6,3 على مقياس ريختر محافظة الحسيمة على بعد 400 كلم شمال شرق الرباط وأسفر عن 628 قتيلا وعن أضرار مادية جسيمة.

وفي 29 شباط/فبراير 1960 دمر زلزال مدينة أغادير الواقعة على الساحل الغربي للبلاد مخلفا أكثر من 12 ألف قتيل، أي ثلث سكان المدينة.

خارطة لمركز الزلزال
المصدر / بي بي سي

اترك تعليقاً