السيمر / فيينا / السبت 16 . 12 . 2023
بعد الاستقرار السياسي والاجتماعي الذي ينعم به العراق، طيلة السنوات السابقة، نتيجة الانتصار الكبير الذي حققه ابناء الرافدين، على عصابات داعش الاجرامية، عاد الحديث عن التكتل السُني الذي يُراد منه كسب الأصوات الانتخابية بالتزامن مع انتخابات مجالس المحافظات التي جرت يوم أمس بالنسبة للتصويت الخاص، وتذكرنا هذه الخطابات بالأحاديث التي سبقت ظهور داعش الارهابي بالتزامن مع ساحات الاعتصام التي اقيمت ببعض المحافظات السُنية، آنذاك، والتي مهدت لظهور هذا التنظيم المجرم، الذي احتل ما يقارب جميع المدن السُنية حتى كاد ان يصل العاصمة بغداد، إلا ان سواعد القوات الأمنية والحشد الشعبي بعد فتوى الجهاد الكفائي، حالت دون ذلك وردعته واستطاعت هزيمته برغم الغطاء الدولي الذي كان يحظى به، وقدمت آلاف الشهداء والجرحى، الذين لولا دماؤهم لما كنا ننعم بالاستقرار الحالي.
والآن وبعد مرور نحو سبع سنوات على يوم النصر المتحقق على داعش الاجرامي، نرى البعض من زعماء المكون السُني، وبالتزامن مع اجراء الانتخابات المحلية التي غابت هي الأخرى لنحو 10 سنوات، ليعودوا عن الحديث الطائفي وتقسيم المجتمع الواحد، من أجل استغلال دعوات المقاطعة وتحقيق نسب مشاركة سُنية مرتفعة، وهو ما عدّه مراقبون للشأن السياسي بانه لعب على الوتر الطائفي، إلا انه لا يجدي نفعاً بعد التجربة التي خاضها العراقيون خلال الأعوام 2006 – 2007 وما تلاها من عمليات قتل وترهيب وخطف، والتي ما يزال البعض يعيش أجواءها المرعبة لغاية يومنا الحالي.
ويذكرنا الخطاب الذي ألقاه رئيس تحالف السيادة خميس الخنجر في أحد التجمعات الانتخابية بالعاصمة بغداد ومدن أخرى، بالأحاديث السابقة التي كانت تطرق مسامعنا من بعض داعمي العصابات الاجرامية والارهابية والتي كانت تتوعد الشيعة وأهالي بغداد بشعارات ارهابية أبرزها “قادمون يا بغداد”، خاصة وان حديثه كان موجهاً بالتحديد الى ابناء المكون السُني في العاصمة بغداد، وردد هذه العبارات في أكثر من مناسبة، اضافة الى حديث مشابه له من الموصل، حينما قال ان هذه هي “مدينة العرب السُنة” تجسيداً للطائفية وشرخ المجتمعات التي طالما عاشت بعيداً عن هذه المسميات، واعتادت التعايش بعراقيتها الأصيلة.
وحول هذا الأمر، يقول المحلل السياسي ابراهيم السراج في حديث لـه ان “هذا الحديث الطائفي من خميس الخنجر هو افلاس كونه لا يمتلك خطاباً يتناغم مع جمهوره، لذلك يحاول اعطاء الصفة الطائفية لخطابه الإعلامي، من أجل التحشيد لقائمته الانتخابية”.
وأضاف، ان “هذا يدل على ان الخنجر لا يمتلك شيئا لتقديمه للجمهور، كما ان هذا يتنافى مع القوانين العراقية والدستور بوصفه تحريضاً على الطائفية، ولا ينسجم مع قانون الانتخابات، وكذلك يحاول الخنجر، ان يسوق هذه الكلمات عبر برامجه وجولاته”.
وأشار الى ان “المحافظات تمثل أطيافاً سُنية وشيعية وايزيدية وكل الأقليات الأخرى، ولا توجد صبغة لمدينة حتى نقول انها تابعة للمكون الفلاني”، لافتا الى ان “شعارات بعض الأحزاب السُنية من الأساس تحتوي على جانب تحريضي، ومنها حزب تقدم والذي شعاره (نحن أمة) وهذا بحد ذاته تحريض ويدل على انهم لا يمتلكون مشروعاً وطنياً بل مناطقيا”.
الى ذلك، يقول عضو مجلس النواب رفيق الصالحي في حديث لـه، ان “العراق تجاوز الخطابات الطائفية التي لم يحصد منها سوى سفك الدماء وهذا مرفوض سياسيا وشعبيا”.
وأضاف، ان “هذه الخطابات تؤدي الى عرقلة سير العملية السياسية باختيار الحكومات الخدمية عبر الانتخابات، والتي هي مكملة للحكومة الاتحادية والبرلمان بشكل عام”.
يذكر ان المعسكر السياسي السُني بجميع أحزابه وكتله يشهد، حالة من الفوضى، بالتزامن مع حلول الانتخابات المحلية، والتي ستجري يوم غد الاثنين، وفقا لما حددته الحكومة الحالية، بعد ان اجري الاقتراع الخاص يوم أمس الأحد، بمشاركة فعّالة.
وبرغم المدّة الزمنية المتبقية عن موعد الانتخابات العامة، لا تزال الكتل والأحزاب السُنية المرشّحة للمشاركة فيها تشهد، موجة من الانسحابات، فضلا عن فوضى في ادارة الحملات الانتخابية.
المصدر / كنوز ميديا