فيينا / الأحد 25. 05 . 2025
وكالة السيمر الاخبارية
في دهاليز السلطة، حيث تُعقد الصفقات خلف الأبواب المغلقة، تتكشّف فصول مشهد خطير تقوده أيادٍ تُحرك الدولة كما يُدار متجر خاص. خميس الخنجر، الرجل الذي عاد إلى الساحة من بوابة التسويات، لا يبدو أنه اكتفى بالمقاعد البرلمانية ولا بالتمثيل الرمزي، بل مدّ نفوذه إلى وزارة التجارة، محولاً إياها إلى “دكان سياسي” يبيع فيه الولاءات، ويشتري الصمت، ويعرض فرص النفوذ على رفوف “الهايبر ماركت”، ولم تتوقف طموحاته عند الاقتصاد، فالإشارات واضحة إلى منحه ضوءً أخضرا لتمكين تيار المدخلية السلفي المتطرف، واستثماره كورقة انتخابية تُضاف إلى رصيده.
في الوقت ذاته، تفتح مكاتب الخنجر الأبواب أمام أزلام النظام السابق، ليُعاد تدويرهم ضمن مشروع سياسي يسعى للتمدد حتى وإن تعارض مع ذاكرة العراقيين ودماء من سقطوا في مواجهته.
https://r.almaalomah.me/PwX
وبهذا السياق اتهم عضو لجنة الاقتصاد النيابية، ياسر الحسيني، رئيس حزب السيادة خميس الخنجر، بالتورط المباشر في ملفات فساد خطيرة عبر شركة “الأويس”، مؤكداً أن وزارة التجارة أصبحت أداة بيده لتمرير عقود وهمية مشبوهة.
وقال الحسيني في تصريح لـ/المعلومة /، إن “وزارة التجارة امتنعت بشكل مريب عن تزويد لجنة الاقتصاد النيابية بعقود شركة الأويس رغم الشبهات الكبيرة التي تلاحقها، وفي مقدمتها صفقة الشاي الأخيرة، التي أُبرمت بطرق ملتوية تخدم مصالح الخنجر وشركائه”.
وأضاف، أن “الخنجر يتعامل مع الوزارة كما لو كانت ملكاً شخصياً له، ويوجه العقود لشركاته الخاصة دون رقابة حقيقية، وسط صمت حكومي مريب”، مشدداً على أن “سيطرة الخنجر على وزارة التجارة تجاوزت مرحلة النفوذ، وأصبحت استحواذاً كاملاً على القرارات والمناقصات والصفقات الكبرى”.
وأوضح أن “محاولات تعطيل عمل البرلمان وعرقلة الجلسات ليست سوى وسيلة يستخدمها الخنجر لمنع الاستجوابات وكشف الفساد الذي يغرق به ملف التجارة”.
وتثير هذه التطورات تساؤلات جدية حول مصير المال العام في ظل تغلغل نفوذ شخصيات سياسية في مفاصل الدولة، وسط مطالبات بفتح تحقيق عاجل في ملفات وزارة التجارة وكشف المستفيدين الحقيقيين من عقود الفساد.
“المدخلية” والمكاسب الانتخابية
وإلى ذلك كشف عضو تحالف الأنبار المتحد، عبد الستار الدليمي، عن قيام رئيس تحالف السيادة السابق خميس الخنجر بمنح الضوء الأخضر لتيار المدخلية التكفيري بالظهور بهدف تحقيق مكاسب انتخابية.
وقال الدليمي في تصريح لوكالة / المعلومة /، ان “رئيس تحالف السيادة السابق خميس الخنجر، المتهم بدعم وإيواء المجاميع الإرهابية، منح الفرصة لظهور تيار تكفيري يُعرف بـ(المدخلية)، بدعم من جهات نافذة في الحكومة المركزية، في محاولة لإشاعة حالة من عدم الاستقرار، وتحقيق نتائج انتخابية تخدم مصالح أحزابهم”.
وأضاف: “للخنجر سجل طويل في تجنيد ودعم الجماعات الإرهابية مادياً وعسكرياً، حيث نجح سابقاً في تشكيل فصيل مسلح خلال سقوط مدن الأنبار بيد داعش الإرهابي، وعلى الرغم من وجود أدلة واضحة تثبت دعم الخنجر للمجاميع الإرهابية في سوريا، إلا أن الجهات المعنية لم تتخذ أي إجراءات قانونية بحقه ولم تحيله إلى القضاء بتهم الإرهاب”.
البعثيون والخنجر
وبهذا الشأن يؤكد عضو ائتلاف دولة القانون إبراهيم السكيني، ان الخنجر كان له دور في إيواء البعثيين وابرزهم ابنة الطاغية (رغد)، منتقدا حديث الخنجر عن المكون الشيعي والسلطة ومظلومية السنة.
وقال السكيني لـ /المعلومة/، ان “خميس الخنجر كان له دور في إيواء ازلام البعث المقبور وابرزهم ابنة الطاغية رغد ومن هم على شاكلتها، وبالامس يصدر تصريحات عبر تسجيل مسرب يتحدث فيه بسوء عن حكم الشيعة ومظلومية السنة”.
وأضاف ان “المكون الشيعي تعرض لابشع أنواع الظلم والتعذيب خلال فترة حكم النظام المقبور، حيث زج بابناء هذا المكون في حرب طاحنة وارتكبت بحقهم مقابر جماعية ومجازر مروعة، من دون ان يقوم هذا المكون بالرد على ذلك بعد 2003”.
وبين ان “محافظات الوسط والجنوب مازالت تمثل سلة العراق من حيث الغذاء والمعادن والخيرات الأخرى، وينتفع منها كل العراقيين، وعلى رأسهم المنطقة الغربية”، لافتا الى ان “أهالي الجنوب ليسوا فقراء وبامكانهم الرد على أي اساءات تصدر بحقهم”.
تحول وزارة التجارة من صرح خدمي إلى واجهة سياسية مغلفة بالمصالح التجارية، تكشف حجم التشوه في بنية الحكم والرقابة داخل الدولة، حيث تدار الوزارات بصفقات لا تراعي الأمن القومي ولا نسيج المجتمع، وفي ظل تمدد “المدخلية” بدعم غير معلن، وعودة النظام السابق إلى الواجهة بشخصيات جديدة، يبدو أن الخنجر لا يبني تحالفاً انتخابياً فقط، بل يعيد رسم مشهد سياسي يخشى أن يعمق الانقسام، ويقوض ما تبقى من ثقة المواطن بمؤسسات الدولة، فهل سيتحرك البرلمان والرأي العام لوضع حد لهذا التمدد… أم أن “الدكان السياسي” سيواصل بيع السيادة على رفوف المصالح؟.
وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة والجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات