السيمر / فيينا / الاربعاء 24 . 06 . 2020
سليم الحسني
أسأتَ استغلال الختم، أعده لصاحبه، واصنع لنفسك واحداً. أتعلم أن الرجل يكون قوياً حين لا يتكئ على جدار؟
أتدري أن الشجاع لا يستعير سيف غيره؟
أتعرف أن استغلال ختم الكبار خيانة؟
ليس بمقدورك الإجابة. فلقد نشأتَ تخيف الآخرين بلسان غيرك، تنسب للكبير أقوالاً تختلقها، فعرفك مَنْ عرفك، وقررَ أن يبتعد عن طريقك حتى لا تلسعه بكلمة مكذوبة، ولسعة كلماتك قاتلة.
كنتَ بارعاً من قبل، أعانك حذرك على ما تريد. لكنك أخطأتَ في هذه، فما السبب؟
هل قرأتَ الخوف على الوجوه فتماديت؟
هل خشيتَ افتضاح أمر صاحبك، فاستعجلت؟
أم هي غفوة المُسهد أول الفجر؟
لقد أخطأتَ حين هرعت الى الحبر تختم به، فالناس هنا جرّبت الحبر مرات وعرفته مغشوشاً.
أعدْ الختم لصاحبه. صار الأمر مكشوفاً. أعدهْ إليه، ترفّق به، سيموت لو تحسس جيبه ووجد الخيط مقطوعاً.
لقد صنعتَ الكثير، أقصيتَ وأدنيتَ. كنتَ تضع الحساب للبعيد، وأجدتَ ذلك، لكن فاتك أن القضاء المحتوم سيربك حسابك. سيراك الناس كما أنت بلا ختم، ومن دون الختم ينظر الناس اليك نظرة أخرى. أنت في عيونهم سجّان على الغرفة المغلقة.
أعدْ الختم لصاحبه، امسحْ سطورك المزورة. هنا يصبح للزهد معنى، فالزهد بالمال هيّن أمام الزهد بالسلطة. كسرة الخبز تبقيك حياَ وإن كانت دون الشبع، لكن حبّك للسلطة يجعلك جباراً عتياً. فدعْ عنك الزهد الأول والزمْ الثاني.
أنت الذي تسببتَ في الكثير من الانتكاسات، حساباتك الخاطئة، نزعتك المنفعلة، نظرتك القصيرة، هوس النفوذ الدائر في رأسك. كل ذلك دفعك للتدخل في أمور صعبة لم تعرفها من قبل ولم تجربها، فجعلتَ المائل ساقطاً، وصيّرت الأعور أعمى. ولم تكتف بما فعلت، فأردتَ أن تأتي على ما تبقى من قوة لدينا، ففصلتَ بعضهم عن كلهم، وأنت تعلم علم اليقين أن هذه الفئة المرابطة على السواتر مستهدفة، وأنها الوحيدة القادرة على حمايتنا. لقد جاءوا بفتوى الكبير، فلا معنى لعدائك لهم. لكنك لا تهدأ إلا أن يكون لك الرأي الأوحد.
عدْ الى غرفة الدرس. اقنعْ بما قسم الله لك. لا يصلح ثوبك لكل مكان، ولا تصلح أنت لشيء خارج الدرس. كفاك سطوة على هذا البيت، لقد صدّعتَ أبوابه بنظراتك المتلصصة، أثقلتَ جدرانه بآذانك المتنصتة. كفاك من هذا، لقد أرهقتَ الكبير وأرهقتنا.
لا تغلقْ الباب، دعْ الرجل يسمعهم، وتنَحَّ عنهم بعيداً. لقد صار الأمر مكشوفاً. فبقاؤه في البيت راية احتجاج، كأنه يصرخ للناس: إني مُحتجز.
لا تخفْ، لن يصيبك مكروه حين يخرج، فليس هو بالمنتقم. إنه كبير رقيق القلب يعفو ويصفح، افتح الباب وأعدْ الختم وامسحْ سطورك، ثم ارحل، لا نريدك.
٢٤ حزيران ٢٠٢٠
الجريدة لا علاقة لها بكل الاراء المطروحة داخل المقالة