الرئيسية / مقالات / كيف تصرفت منظمة مجاهدي خلق مع الأسرى الإيرانيين في العراق؟

كيف تصرفت منظمة مجاهدي خلق مع الأسرى الإيرانيين في العراق؟

السيمر / فيينا / الاربعاء 23 . 09 . 2020

احمد جعفر الساعدي

قبل نحو 40 عاماً وفي 22 سبتمبر/أيلول 1980، اندلعت أطول حرب شهدها العالم في القرن العشرين بين العراق وإيران فيما عُرف باسم حرب الخليج الأولى، واستمرت تلك الحرب الطاحنة ثماني سنوات راح ضحيتها الآلاف من الأشخاص من كلا الطرفين، وكان لمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة دوراً مهماً في تلك الحرب.

وتعددت أدوار هذه المنظمة الإيرانية التي كانت تتواجد في العراق، بين القتال إلى جانب الجيش العراقي وكذلك المساهمة في تجنيد الأسرى الإيرانيين الذين كانوا يقعون بيد العراقيين.

وقد كشف تقرير نشرته هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” باللغة الفارسية، يوم الأحد الماضي، طريقة تعامل قيادة منظمة مجاهدي خلق الإيرانية بزعامة مسعود رجوي مع الأسرى الإيرانيين، التقرير أثار استياء قيادة المنظمة التي اعتبرت هذا التقرير من الهيئة الإذاعة البريطانية خدمة للنظام الإيراني.

ويتحدث في التقرير عدداً من العناصر المنشقين عن منظمة مجاهدي خلق والذين كانوا قبل ذلك أحد عناصر الجيش الإيراني لكنهم وقعوا أسرى في تلك الحرب.

وأشار التقرير الذي نقل عن مصادر قيادية ومقربة من منظمة مجاهدي خلق قولها إن “الأسير الإيراني لدى القوات العراقية بقبول شرطين يمكن له مغادرة معتقلات أسرى الحرب وينقل إلى معسكرات خاصة لأعضاء منظمة مجاهدي خلق”.

وقالت المصادر دون الكشف عن هويتها لاعتبارات أمنية، إن الشرطين هما: أولاً: قبول العلاقات التنظيمية، وثانيا: الحرب المسلحة ضد الجمهورية الاسلامية في ايران، وبحسب هذه المصادر “فإن حالة الأسرى الإيرانيين في معسكرات ما يسمى بجيش التحرير (تابعة لمنظمة مجاهدي خلق) تكاد تكون أفضل من أوضاع معتقلات أسرى الحرب لدى الجيش العراقي“.

وقال عضو رفيع المستوى في منظمة مجاهدي خلق وقد خدم لدى المنظمة 36 عاماً: “بالنسبة للمنظمة، كان لأسر الجنود الإيرانيين فائدتان: استعراض القوة العسكرية والسياسية للمنظمة؛ لأن إمتلاك الأسرى يعتبر ورقة قوة، وثانياً استقطاب إعضاء جدد لمنظمة مجاهدي خلق من هؤلاء الأسرى للتظاهر بعددها لباقي التيارات والدولة الحاضنه لها (العراق) والذي كان يسميها مسعود رجوي “صاحب البيت”.

وأضاف العضو في مجاهدي خلق “ومن أجل تحقيق الهدف الثاني كانت المنظمة تتحمل تكاليف باهضة على المحل النوم ومرافق الرفاهية من اجل استمالة وتشجيع الأسرى وتوسيع الاستقطاب “.

بدوره، كتب ایرج مصداقي، وهو من أوائل الذين عملوا بشكل مستقل في موضوع “الأسرى الملتحقين بالمنظمة”، “من بين مقاتلي جيش التحرير الـ 1304 الذين قُتلوا في عملية “فروغ جاويدان” التي وقعت 1988 قبل نهاية الحرب العراقية الإيرانية بفترة قصيرة، تظهر أسماؤهم وسيرهم الذاتية القصيرة في كتاب” مذكرات شهداء فروغ جاويدان”.

وأضاف مصداقي إن “202 منهم أسرى من قوات الجيش الإيراني أرسلوا إلى العملية العسكرية التي قامت بها منظمة مجاهدي خلق ضد الجيش الإيراني، وبعبارة أخرى كان عدد الأسرى والقتلى هو سدس إجمالي قتلى المنظمة“.

وبدأت إعادة تجنيد منظمة مجاهدي خلق في وقت أصيب فيه أسرى الحرب الإيرانيون بخيبة أمل بعد فترة من الأمل، وكان هذا الإحباط في الواقع نتيجة عدم تبادل الأسرى الإيرانيين والعراقيين في نهاية الحرب، وفي ذلك الوقت، توقف تبادل الأسرى بشكل كامل لمدة عامين (من صيف 1988 إلى 1990).

وخلال هذه الفترة انضم إلى منظمة مجاهدي خلق الأسرى الذين أمضوا سنوات في المعسكرات العراقية.

حول سبب التحاقه بالمنظمة، قال السيد يوزمند: “كانت الغرف صغيرة للغاية، وكان في كل غرفة 70-80 شخصًا، وكانت المساحة المتاحة لكل شخص بلاطة ونصف (كاشية واحدة ونصف)، وكان المخيم مليئًا بالأمراض ومشاكل الجلد والقمل والفطريات، لم يكن هناك مخرج من أجل الحرية إلا مناشدة منظمة مسعود رجوي، وهم كانوا أيضاً على علم بهذه الشروط واستغلوها“.

ويوزمند الذي كان يقضي أسره في المعسكر رقم 13 في مدينة الرمادي، ويقول إن “منظمة مجاهدي خلق اتصلت به من خلال سجين كانت عائلته من أعضاء المجاهدين، وطالبوا في مقابلة مع التلفزيون العراقي بالإفراج عن سجناء مرضى وفي نفس المقابلة أعلنوا دعمهم لجيش التحرير“.

ويقول هذا العسكري الإيراني السابق: “في ربيع عام 1988، أرسلت منظمة مجاهدي خلق التي اطلعت على مقابلاتنا فريقًا للزيارة، وجرى الاجتماع في أحد فنادق مدينة الرمادي غرب العراق، وأحضر لنا وفد المجاهدين الملابس والكتب والطعام وطلب منا العمل في المخيم ودعونا نشاهد تلفزيون المجاهدين ونجذب الأسرى المعارضين للنظام الإيراني”.

وفي ذلك الوقت، في بعض المعسكرات العراقية كان يبث للسجناء الإيرانيين قناة المجاهدين التلفزيونية وتشير التقديرات إلى أنه تم أسر حوالي 42 ألف جندي إيراني خلال الحرب في العراق.

وبعد عام واحد من لقاء مجموعة من السجناء في معسكر الرمادي 13، أعد المجاهدون الظروف لنقلهم وخلال هذه الفترة كان من المفترض أن توفر هذه المجموعة من السجناء الأرضية لمزيد من السجناء للانضمام من خلال أنشطة دعائية لصالح المنظمة.

وأخيراً أرسلت منظمة مجاهدي خلق وفداً برئاسة مهدي أبرشمجي إلى المعسكر رقم 13 في الرمادي في يونيو 1989، وتكرر هذا الإجراء بالنسبة لبقية معسكرات أسرى الحرب العراقية.

ويقول السيد يوزمند عن تلك الأيام، عندما كان من المفترض أن يتم نقلنا من المخيم، كنا مجتمعين في مبنى خارج المخيم حيث كان الجنود العراقيون يقيمون، وكان من المفترض أن نبقى هناك لمدة أسبوع، وعندما أحضروا الطعام، كانت هذه هي المرة الأولى منذ ثماني سنوات التي رأينا فيها الخبز العراقي.

وألقى مهدي أبريشمجي كلمة مفصلة هناك، وأوضح لنا الموقف، فلا يجب أن تفكر في تحصيل منصب وهذه الأشياء، ولدينا ملابس واحدة وسرير هناك، وقد يستشهد بعضكم، لكن اطمئنوا أننا سننتصر“.

يقول أصغر يوزمند: “عندما ادخلنا المجاهدين، تغيرت الأرض فقط ومنطقة المخيم واللغة، وبقي السلوك نفسه: انقطع الاتصال بالخارج، حتى داخل المخيم كان هناك قيود على التحرك، باستثناء المنطقة المعروفة بمنطقة عسكر، ولم يسمح لنا بالتنقل “.

لكن أصغر يوزمند يقول: “عندما كان من المقرر نقلنا إلى معسكر منظمة مجاهدي خلق، في لقاء خاص مع السجناء، أخبرت المسؤول الذي كان يتحدث معي أنني اتخذت هذا القرار لإنقاذ نفسي والالتقاء باسرتي، وهو قال نحن نعدك برؤية عائلتك عندما تأتي، لكن هذا الوعد كان فارغًا ولم يتحقق”.

وترك السيد يوزمند أخيراً منظمة مجاهدي خلق في عام 2013.

بدوره، سياماك نادري، سجين سياسي في الثمانينيات وعضو سابق في منظمة مجاهدي خلق، يقول إنهم عرفوا في تنظيم أسرى الحرب بـ “حجر الأساس للطاحونة”.

وأضاف “حتى في وجود مسعود ومريم رجوي، كانت منظمة مجاهدي خلق تقول عن أسرى الحرب أن هذه الفئة هي الحجر الأسفل للطاحونة. كل الأعمال الشاقة من دروع ولوجستية وتكنولوجيا ومرافق ودعم (ووظائف)، المطبخ والمخابز والبناء والعمالة وغيرها …) كان يتكفل بها هذه الفئة، واعتبر المسؤولون هذه الصعوبة بمثابة تكريم لهذه الطبقة من التنظيم”.

وقال مجتبى زرجر، عضو آخر انضم إلى خلق الإرهابية عام 1991 وأمضى 23 عامًا معها في معسكرات في أشرف وليبرتي وألبانيا: “كانت معاملة الأسرى الملتحقين بالمنظمة تمييزية وكانوا يُعتبرون عمليًا أشخاصًا من الدرجة الثانية، وهذا كان يسيء إليهم دائمًا”.

ويقول السيد زرجر: “في الأساس، كانت معاملة المنظمة لأسرى الحرب الذين انضموا إلى المنظمة تعامل استغلالي ومزدوج. بمعنى، طالما كان الشخص لأي سبب، سواء كان بسبب الإيمان أو الإكراه ضمن علاقات المجاهدين، فقد كان يعتبر جوهر ثورة مريم رجوي الذي لا يمكن تعويضه. وكان “الاخ المجاهد” وإذا قتل لقب بـ “المجاهد الشهيد”. لكن عندما يغادر هؤلاء السجناء أنفسهم المنظمة، ترى أن المنظمة تشير إليهم دائمًا على أنهم أسرى حرب سابقون أو أسرى حرب مفرج عنهم، وهو يستخدم هذا المصطلح لإذلالهم والتعبير عن حقيقة أنه ليس مجاهدًا حقيقيًا بل أسير حرب”.

وعلى مدى سنوات، كانت قضية انفصال وإنشقاق عدد كبير من الأعضاء في منظمة مجاهدي خلق الإيرانية ترافقها قضايا ومسائل هامشية كثيرة.

وسيامك نادري يقول “رجوي أخبر الأعضاء مرارًا وتكرارًا أن من ينفصل يجب أن يذهب إلى إيران (لا يوجد سفر او ترحيل إلى الخارج) ويجب أن يصبح الخميني ممتلكات وحمأة. حتى بعد انفصال الدكتور دکتر کریم قصیم و محمدرضا روحاني، قال إن أي انفصال عن التنظيم” والمجلس سينضم الى النظام وكل انشقاق عن المنظمة هو اتصال وارتباط وعمالة للنظام ووزارة المخابرات”.
 *  كاتب عراقي متخصص في الشؤون الإيرانية

 

اترك تعليقاً