السيمر / فيينا / الاحد 04 . 10 . 2020
أياد السماوي
قبل أن أعلن عن رأي بلقاء “الصدمة” الذي أجراه رئيس شبكة الإعلام العراقي نبيل جاسم عبر قناة العراقية الفضائية مع رئيس الوزراء , لا بدّ لي أن أتقدّم بالشكر لقناة العراقية الفضائية التي اتاحت الفرصة للرأي العام والشعب العراقي في التعرّف على فكر ووعي رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي .. وربّما هي الميزة الوحيدة في هذا اللقاء الصادم والأول من نوعه مع الكاظمي , حيث وقف العراقيون على الحقيقة الضحلة لهذا الرجل الغامض الذي أصبح رئيسا لجهاز المخابرات العراقي في غفلة من الزمن , وهو الذي لا يملك التخصص الاكاديمي ، كما لم يعمل لحظة واحدة في حياته ضمن أي جهاز أمني أو استخباري قبل توّليه مسؤولية هذا الجهاز الخطير , بل وليس له ارتباطا من قريب أو بعيد بالمؤسسة العسكرية العراقية ، حيث تسلل في غفلة من الزمن وبفعل فاعل وأصبح رئيسا لوزراء العراق رغم افتقاده لأي خبرة في عالم السياسة والإدارة والاقتصاد ..
ولذلك يثور السؤال عن حقيقة هذا الكاظمي الذي لا يمت للكاظمية بصلة ما هي مؤهلاته لتبوأ هذا المنصب الأهم في الدولة العراقية ؟ وماذا كان يعمل قبل أن يقدم رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي على تعيينه رئيسا لجهاز المخابرات العراقي ؟ ولماذا أبقاه رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي رئيسا لجهاز المخابرات رغم تآمره عليه ؟ وكيف تقبلّ قادة شيعة السلطة فكرة أن يكون الكاظمي مرّشحا لرئاسة مجلس الوزراء في الوقت الذي رفضوا فيه ترشيح شخصيات سياسية مقتدرة مثل عزت الشابندر ومحمد شياع السوداني ؟ وما هو دور رئيس الجمهورية برهم صالح في ترشيح الكاظمي لهذا المنصب الأهم في الدولة ومن كان وراء صالح ؟
ان لقاء الكاظمي يوم أمس مع قناة العراقية الفضائية قد كشف للرأي العام جانبا مهما من حقيقة ما يمتلكه هذا الرجل من فهم و وعي وإدراك , كما صدم المتابعين بمدى نرجسيته الشخصية الفارغة وسذاجته في عالم السياسة والإدارة والاقتصاد , وكشف كذلك عدم قدرته على الحديث والتلّفظ بشكل سوي وأظهر عدم استيعابه وفشله حتى بفهم الاسئلة البسيطة الموّجهة له من قبل السيد نبيل جاسم الذي ظهر عليه التكلف وعدم الارتياح لأنه كان يدير الحوار بعقلية المسؤول المقيد وليس بعقلية الاعلامي الحر كما كان سابقا ..
والحقيقة الكبرى انه في هذا الحوار صدم العراقيون جميعا للمستوى الهزيل جدا الذي ظهر عليه رئيس الوزراء حتى بدا كأنّه يونس شلبي في مسرحية مدرسة المشاغبين ، ولعلّ وصفه لحكومته أنّها حكومة ( ارتداد اجتماعي ) هو تجسيد لهزالة وعيه وفكره من دون أن يعي أنّ الارتداد الاجتماعي هي حالة الانحطاط الأخلاقي والقيمي والتراجع عن القيم الأخلاقية والعقائدية السامية التي تصاب بها بعض المجتمعات , كما يحصل الآن في السعودية من تراجع أخلاقي وديني , وكذلك ما يحصل في بعض بلدان الخليج من تراجع قيمي وأخلاقي بسبب التطبيع مع إسرائيل .. وهو وصف حقيقي ، فحكومته هي فعلا حكومة الانحطاط السياسي والأخلاقي التي انتهى لها المجتمع العراقي بسبب حكومات أحزاب الفساد التي تسلطت على البلد بعد سقوط الديكتاتورية ..
المهم أن الحصيلة التي خرج بها كلّ من تابع هذا الحوار الفاشل بإمتياز والمتملّق إلى حد الاشمئزاز , هي أنّ رئيس شبكة الإعلام العراقي السيد نبيل جاسم لم يكن يهدف من الحوار مناقشة وضع الدولة العراقية في ظل هذه التدهور الأمني والصحي والاقتصادي , بل كان جلّ اهتمامه هو تلميع صورة من جاء به رئيسا لشبكة الإعلام العراقي , بالرغم من أنّه يستّحق هذا المنصب وبكلّ جدارة .. فقد كان الأولى بمدير الحوار السيد نبيل جاسم أن يتناول مع الكاظمي خطوات الإصلاح المالي والاقتصادي التي قامت بها حكومته , ويسأله عن استمرار الحكومة بدفع الأموال لسلطة الإقليم خلافا للقانون في الوقت الذي لم يسلّم فيه الإقليم دينارا واحدا للخزينة العامة , ويسأله عن ارتباط بعض مساعديه بعصابات القتل والحرق والتدمير في محافظات الجنوب العراقي وما الذي فعله لإيقاف هذه العصابات التي تعبث بأمن البلد واستقراره , ويسأله عن دوره في أكبر صفقة للفساد بتاريخ العراق وهي صفقة تجديد عقود شركات الهاتف النّقال وما هي علاقته بحمادة الچرچفجي رئيس مجلس إدارة شركة الاثير ومالك شركة بوابة العراق , ويسأله عن تسليم مناصب الدولة العليا للفاسدين والمشبوهين والمدانين من قبل مجلس النواب العراقي كخالد العبيدي , ويسأله كذلك عن انبطاحه لإملاءات الكتل السياسية في الاستحواذ على مناصب الدولة العراقية العليا , ويسأله عن الاجراءات الفعلية التي قامت بها حكومته بتوفير الأجواء الصحية لإجراء الانتخابات المقبلة من حيث السيطرة على السلاح المنفلت والمال السياسي الحرام , ويسأله عن منافذ الإقليم وتهريب النفط وبيعه إلى إسرائيل , ويسأله عن ملّفات الفساد الكبرى التي توّرطت بها الكتل السياسية الفاسدة .. الحوار الذي أراده رئيس شبكة الإعلام نبيل جاسم لتلميع صورة الزعيم المنقذ , أعطى نتائج عكسية تماما .. ولم يفعل إلا أن ذكرّ الشعب العراقي المصدوم بسذاجة حاكمه الذي ظهر وكأنه المرحوم يونس شلبي !!!
في 04 / 10 / 2020
الجريدة غير معنية او مسؤولة بكل ما تم طرحه من آراء داخل المقال ، ويتحمل كاتب المقال كامل المسؤولية