الرئيسية / مقالات / سلطة السيد السيستاني

سلطة السيد السيستاني

السيمر / فيينا / الخميس 19 . 11 . 2020

سليم الحسني

ارتبطت العملية السياسية في العراق بشكل وثيق بمرجعية السيد السيستاني. وكان المأمول من هذا الترابط أن يسفر عن تجربة ناجحة لحكم الشيعة، لكن الأمور سارت على العكس من ذلك، فجاءت النتائج سقطات متتالية انتهت بواقع بائس للشيعة، مظهره التمزق والانقسامات العميقة.

لم تمر المرجعيات الشيعية في العراق بظرف تنفتح فيه الأبواب كالذي حصل مع السيد السيستاني. لقد سقط أعتى أنظمة القمع يوم التاسع من نيسان ٢٠٠٣، فانكشفت الشمس عن مرجعية لها كل أسباب القوة والتأثير على الواقع الشيعي العراقي بشكل مطلق، وعلى عموم الساحة العراقية بصورة واضحة بحيث راح السنة والكرد يجاملونها بعد أن رأوا فيها عملاقاً جباراً يفوق قوات الاحتلال الأمريكي قدرة، ويتصدر المشهد بملايين الموالين لها المستعدين للتضحية بأرواحهم من أجلها.

وسرعان ما عرف السياسيون وقادة البيت الأبيض وزعماء المنطقة مكانة السيد السيستاني وقوته ونفوذه الخارق لأقوى الحواجز، فاستسلموا له بين مؤمن مطيع، وناقم خائف.
كلمة واحدة من السيد السيستاني كفيلة بأن تمزق الدستور وتلقيه تحت أقدام الشعب. عبارة واحدة منه تجعل الأمريكان يتركون قواعدهم العسكرية ويغادرون العراق. رسالة قصيرة منه تزيل التشتت الشيعي وتجعلهم بموقف موحد. وغير ذلك الكثير كان ـ ولا يزال ـ متاحاً للسيد السيستاني.

يتحمل جهاز السيد السيستاني الكثير من المسؤولية في ما حدث لشيعة العراق. إن هذه العبارة ستضع كاتب المقال أمام هجمة بركانية غاضبة، فلقد اعتاد الوضع الشيعي على قراءة مقالات المجاملة والتمجيد من الكتاب الشيعة حين يأتون على ذكر المرجع الأعلى ونجله ومكتبه.

لكن المؤكد بالنسبة لي ولكثيرين غيري، أن مقالات المجاملة السائدة حالياً ستأخذ منحاها المختلف بعد رحيل السيستاني أمد الله في عمره، وستظهر الكتابات الجادة في تقييم هذه الحقبة الطويلة التي ملأها مكتبه بالتأثير والتدخل والتحكم.

في حالة شيعة العراق، فان طريق الحل يحدده السيد السيستاني وحده، بيده علامة المرور التي تحدد الاتجاه. بيده المفتاح الذي يفك المغاليق. بيده الورقة التي لو كتبها لانتظم الشيعة على النحو المطلوب، لكنه لا يفعل، فما السبب؟

هذا السؤال هو المفصل الزمني الذي يجب الوقوف عنده بدقة وموضوعية وصراحة. لا بد من تقديم الجواب بعيداً عن ضغوط الشارع وعن أمزجة البسطاء، فنحن في لحظة صعبة من التاريخ، وعلى أصحاب القلم والرأي تسجيل الموقف.

ربما تكون هذه الأمنية صعبة التحقق لما هو معروف من حال الكثير من الأقلام، لكن الدرب في اتجاه التشخيص والصراحة لن يكون موحشاً أبداً، فللتاريخ صوت يؤنس السائرين.
على الله الاتكال، وبهذا الاتجاه ستكون الكتابة.
يتبع
١٩ تشرين الثاني ٢٠٢٠

اترك تعليقاً