السيمر / الخميس 14 . 04 . 2016
رواء الجصاني*
بعد ان خبت كل الامال في امكانية “اصلاح” النظام الذي اباح ما أباح من وعود وعهود وقيم ودماء، اعلن المزيد من قوى الشعب العراقي الوطنية عام 1978 معارضته العلنية والمباشرة لانهاء السلطة الدكتاتورية في البلاد، التي شددت من اجراءاتها القمعية ، ونزعت كل لبوساتها وبراقعها التي تزيت ، او حاولت التستر، بها …
وفي ضوء تلكم الاوضاع والتطورات المتسارعة ، تنادى نشطاء وسياسيون لاعادة النشاط لجمعيات وروابط الطلبة العراقيين خارج الوطن بعد “تجميد” عملها لفترة دامت حوالى اربعة اعوام . وهكذا راحت الاشهر االاخيرة من عام 1978 والاولى من عام 1979 تشهد حركة دؤوبة على تلك الطريق ، وفي العديد من العواصم، والاوربية منها بشكل رئيس …
وما هي سوى بضعة اشهر وحسب ، حتى انعقدت مؤتمرات استثنائية لتلكم الجمعيات والروابط واتخذت قراراتها بالغاء ” التجميد” استجابة لنداء اتحادها المركزي،اتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية، وأكدت شعارها الرئيس : من اجل التفوق العلمي والعودة للوطن… وشعارات اخرى راهنة ، للتضامن مع طلبة وشبيبة وشعب العراق في النضال ضد الكتاتورية والارهاب ، واقامة النظام الديمقرطي ..
… وهكذا انطلقت جمعيات وروبط وتشكيلات الطلبة العراقيين في : المملكة المتحدة والاتحاد السوفياتي والمانيا الاتحادية وبرلين الغربية وبلغاريا وفرنسا والدانمارك والمجر والسويد وبولندا وايطاليا ورومانيا وبلجيكا والمانيا الديمقراطية واليونان ويوغسلافيا والنمسا وسوريا ولبنان واليمن الديمقراطية والولايات المتحدة الاميركية واليونان والهند وتشيكوسلوفاكيا … انطلقت لتبدع وتتألق في مختلف مهمات العمل المهني – الديمقراطي – الاجتماعي، بأشكال واساليب ومستويات متنوعة ، ولتبرز في المقدمة بصورة رئيسة مهام التضامن مع طلبة وشبيبة وجماهير بلادهم … ولأننا نؤرخ هنا لهذا الجانب من النشاطات تحديدا ، نقول ان العواصم والمدن الاوربية والعالمية قد شهدت المئات من الفعاليات والمهرجانات والتظاهرات التي ساهمت بكشف المزيد من الحقائق عما كان يجري تحت سلطة الحرب والارهاب في العراق ، في ربع القرن الذي نوثق له وعنه: 1978-2003… ذلك فضلاً عن النشرات والبيانات والاصدارات ، وبلغات واشكال مختلفة .
لقد حرصت الجمعيات والروابط الطلابية العراقية خارج الوطن ، وعبر اعضائها ومؤازريها واصدقائها ،النجب على ابسط وصف ، حرصت على ان لا تفوت فرصة تتاح الا وكان لها صوت وموقف ونشاط يتناسب وقدراتها ، في فضح جرائم النظام الدكتاتوري وسياساته التى اكتوت بها جماهير الشعب العراقي على مدى عقدين ونصف … دعوا عنكمو ما عانت منه بلدان الجوار، وحتى غير الجوار… وكل ذلك الى جانب التحاق العشرات من اعضاء تلكم الجمعيات والروابط ، طالبات وطلاب ، في تشكيلات الحركة الوطنية ، السياسية والجماهيرية والمسلحة ، داخل العراق … وما برح سجل شهداء الحركة الوطنية االخالدين يحفل باسماء اولئك المناضلين الذين أنهوا، او تركوا مقاعد الدراسة ليعودوا الى الوطن ، مشاركين ابناء شعبهم في خوض المعارك الباسلة .
وبالاضافة الى كل هذا وذاك ، كان منتسبو الجمعيات والروابط الطلابية خارج الوطن فاعلين في اعلاء صوت التضامن مع اتحادهم المناضل – اتحاد الطلبة العام، وفصائل الحركة الوطنية العراقية عموما، داخل الوطن، وذلك في العشرات من المنابر والمنتديات والنشاطات المحلية والاقليمية والعالمية، وسواء التي انعقدت في البلدان التي يدرسون او يقيمون فيها ، او خارجها، وفقاً لما يكلفون به … ونذكر من بينها ، ونحن هنا معنيون وشهود عيان : المؤتمرات السنوية للجمعيات والروابط الطلابية ذاتها ، والمهرجانات المرافقة ، و اللجان التضامنية ونشاطات وندوات ومؤتمرات اتحاد الطلاب العالمي في المدن والعواصم الاوربية وغيرها … وكذلكم هي الحال في فعاليات المهرجانات العالمية للطلبة والشباب ، والتي انعقدت خلال الفترة التي نكتب عنها – 1978-2003- ومنها في هافانا وموسكو وبيونغ يانغ ..
وفي هذا السياق لا يجوز ان نغفل هنا – وان سريعاً – الدورالبارز للجنة التنسيق بين الروابط والجمعيات الطلابية خارج الوطن، ومقرها في براغ ، في مجالات المتابعة والتوجيه للنشاطات والفعاليات التضامنية، وغيرها ، مع طلبة وشبيبة وشعب العراق في نضالهم الثابت من اجل انهاء الدكتاتورية وقيام النظام الديمقراطي. ومما نشير بهذا المجال: الاصدارت الدورية التي كانت تنشرها “اللجنة” بلغات مختلفة واهمها ” طلاب العراق” بالغتين العربية والانجليزية ، وكذلك الاسبانية احياناً … ذلكم الى جانب العشرات من البيانات والنشرات التنظيمية والجماهيرية وسواها….
وعلى صعيد ذي صلة نوثق ايضا للدور المهم الذي نهضت به اللجنة – لجنة التنسيق بين الجمعيات والروابط الطلابية خارج الوطن – في تمثيل قيادة الاتحاد الام، اتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية، على الصعيد الخارجي، ولدى السكرتارية الدائمة لاتحاد الطلاب العالمي في براغ، ومن الطبيعي ان كل نشاطات “اللجنة ” التي نتحدث عنها ما كان له ان يكون بذلك المستوى المشهود له – على اقل وصف – لولا مساهمات الجمعيات والروابط الطلابية العراقية خارج الوطن : المادية والاعلامية ، فضلا عن المشاركات المباشرة الاخرى …
وبهدف التأرخة ايضا نثبت في متابعتنا هذه ، والتي كم نتمنى ان يزيد اليها المعنيون ، ان العشرات من اعضاء ونشطاء تلكم الجمعيات والروابط الطلابية العراقية التي نوثق لها وعنها ، يواصلون اليوم في بلادهم ذات النهج ، من اجل العراق الديمقراطي الجديد ، ومن بينهم عشرات المناضلين السياسيين والنشطاء الوطنيين ، الذين تسنموا ، وما فتئوا، مهاماً جليلة ومسؤولة في احزابهم ومنظماتهم المدنية … وكم أظنهم مستمرين بالتباهى – ولم لا ؟- بتاريخهم وتراثهم وانتمائهم للعمل الطلابى الوطني – المهني ..
أخيرا، وأذ يتزامن نشر هذه المساهمة مع الذكرى الثامنة والستين لمؤتمر “السباع” الخالد ، الذي انبثق عنه اتحاد الطلبة العام الاول في البلاد العراقية ، كم نتمنى – مرة اخرى واخرى – ان يبادر ذوو الشأن ، ولاسيما منهم : النشطاء الطلابيون “المتقاعدون” مثلنا ، فيكتبون ذكريات وتجارب تمد شباب الغد بالمزيد من الخبرات وهم على طريق النضال الديمقراطي والوطني.. فهم ، ونحن من بينهم ، على درب واحد ،على ما نزعم… مرددين سوية ما قاله الجواهري الكبير في بغداد بمناسبة طلابية عام 1959:
ياشبابَ الغد انا فتيةٌ ، مثلكم فرّقنا في العمر ســنُ…
…والغدُ الحلو بنوه انتمُ ، فأذا كــان لكم صلـبٌ، فنحنُ
فخرنا انا كشفنـاهُ لكم ، وأكتشافُ الغـد للأجيال ، فـنُ
—————————————————-
* السكرتير العام للجنة التنسيــق بين روابط وجمعيـات
الطلبة العراقيين خارج الوطن، للفترة : 1980- 1985