السيمر / السبت 07 . 05 . 2016
حسين ابو سعود
يضطر الآلاف من المسافرين الى التوقف لساعات قد تطول او تقصر في صالات الترانزيت المختلفة لمواصلة رحلاتهم الى محطاتهم الاخيرة، وليس في هذه الصالات أفضل من أماكن الصلاة للنوم والراحة فهي اولا وأخيرا بيوت الله تعالى خاصة وان بعض المطارات ضيقة ومملة تجلب الكآبة على عكس البعض الاخر الذي يعج بالحركة والالوان والأماكن الفسيحة كمطار دبي مثلا، وهذه المساجد موجودة حتى في مطارات البلدان الغربية حيث توجد في مطارات بريطانيا مثلا أماكن مخصصة للصلاة يقصدها المسلم واليهودي والمسيحي (multi faith).
وقد صادف ان توقفت مرة في مطار بيروت لمدة سبع ساعات، ولم أجد بدا من الذهاب الى المسجد للصلاة ثم الراحة بانتظار موعد الرحلة وفوجئت هناك بدخول شخص يعمل منظفا فصار يوقظ النائمين ويزعجهم ويطالبهم بالخروج من المسجد وكأنه بيت ابيه، فقلت له زعما مني باني سأقنعه: انا متمدد فقط ولست نائما ثم أني أقوم بالتسبيح والتحميد وانا متمدد، فقال بالحرف الواحد: ممنوع وهذا المكان مخصص للصلاة فقط لا غير، وامام إلحاحه المستمر فوضت امري الى الله وتركت بيت الله الذي هو ربي وخالقي الى حيث الكراسي.
وأما في مطار دبي فلا يحتاج المسافر ان ينام في المسجد لان المطار الواسع الجميل بممراته وصالاته ومحلاته يغري الانسان بقضاء أطول وقت فيه وكذلك الكراسي المريحة الموجودة امام بوابات الدخول تغني الانسان عن النوم في المسجد.
وفي مطار اتاتورك بإسطنبول حيث يكثر عدد المسافرين الذين يصلون اليه كركاب ترانزيت فانهم يجدون في مسجد المطار الذي
يقع في اخر الممر الطويل أفضل مكان للنوم والراحة وشحن الموبايلات، وقد وجدت لوحة معلقة على جدار المسجد كُتب بلغات عدة منها العربية (المسجد هو مكان للعبادة لا يجوز فيه النوم والاكل)ولكن رغم هذه الكتابة لم اجد هناك احدا يوقظ المسافرين النائمين او يزعجهم بل حتى جاء احدهم وطلب الإذن بإطفاء الأنوار كلها لان حضرته يريد ان يخلد الى النوم لبضع ساعات.
ولا ادري من أين جاءوا بعدم جواز النوم في المساجد علما بان اكثر ففقهاء الاسلام هم على جواز النوم في المسجد اذا لم يجد مكانا للمبيت او اذا كان النوم انتظارا للصلاة، وقالوا بان النوم في المساجد جائز ولا كراهة في ذلك لا سيما للغرباء، الا القليل منهم قال بالكراهة ولم يقل بالمنع او عدم الجواز، وقد اشتهر عن اصحاب الصفة بأنهم كانوا ينامون في المسجد وكان بعض الصحابة ينامون فيه ايضا، وان عبد الرحمن بن ملجم المرادي قاتل الامام علي بن ابي طالب عليه السلام كان ينام في المسجد ليلة تنفيذ الجريمة فأيقظه الامام ليعدل نومته اذ كان ينام على بطنه وقال له بان النوم على البطن هو نومة الشياطين ونصحه بالنوم اما على ظهره وهو نوم الأنبياء او على يمينه وهو نوم العلماء او
على يساره وهو نوم الحكماء، وان كنت لا أميل الى صحة هذه الرواية لأسباب عدة الا ان فيها عبرة.
وقد لاحظت مرة في مدينة دبي بان المساجد تظل مفتوحة في الصيف لا سيما بين الظهر والعصر حيث الحرارة شديدة فيقصدها العابرون والمسافرون والغرباء فيستظلون من حرارة الشمس اللاهبة ببرد مكيف الهواء في بيت ربهم الجميل.
ثم أين يذهب الغريب إذا لم يذهب الى بيت ربه لاسيما في غير أوقات الصلاة وهل هم الا عُبَّاد ينامون في بيت معبودهم وربهم ولا يعقل ان تظل بيوت الله فارغة وعباده مشردون لا مأوى لهم.
وبقي ان أقول عن مساجد المطارات بأنها توحد بين المسلمين على اختلاف مذاهبهم فلا فرق فيها بين السني والشيعي، وهذا ما يجب ان يكون عليه جميع المساجد وبيوت الله في كل العالم.