الرئيسية / مقالات / علاقة الرياض مع موسكو لم تكن نزيهة

علاقة الرياض مع موسكو لم تكن نزيهة

السيمر / فيينا / الثلاثاء 30 . 11 . 2021 

نعيم عاتي الهاشمي الخفاجي

الأمة الروسية تفتخر بتاريخها القديم والحاضر ولم تتنكر له، حتى في فترة الحقبة السوفياتية ورغم بطش واجرام ستالين لكن الروس ينظرون لتلك الحقبة في افتخار لأنهم أسياد العالم وحطموا عنجهية الدكتاتور النازي هتلر ولولا دخول جيوش أمريكا إلى أوروبا الغربية بسرعة البرق لأصبحت كل دول أوروبا سوفياتية، لذلك كل المثقفين من كتاب واعلاميين ومحللين ومواطنيين عاديين روس لا ينكرون احترامهم لتاريخ حقبة الاتحاد السوفياتي رغم أن روسيا كانت بتلك الحقبة بقرة حلوب إلى دول الاتحاد السوفياتي وإلى حلف وارسو.

لكن الطبقات المثقفة الروسية تعبر عن سعادتها للخلاص من السوفيت وأصبحت خيرات الأمة الروسية للشعب الروسي الشعب الروس معاك صاحب فكر وثقافة ورؤية، من روسيا ظهر مئات المفكرين والفلاسفة غالبية الحركات التنويرية في أوروبا تجد المفكرين روس.

الدولة الروسية ليست دولة صغيرة بل دولة روسيا تتكون من أقاليم متعددة بثقافاتها وطبائعها لكن الجميع مرتبط في حدود روسيا الحالية ومستعد الجميع للتضحية من اجل حدود روسيا وتاريخها ومجدها، لذلك لايوجد خلل أوانقسام في طبيعة الحياة الاجتماعية أو هناك صراع قومي واثني يتبعون أسلوب النظام الفدرالي بالحكم بدون إقصاء اي احد وهذا هو سر نجاح الأمة الروسية.

عندما تهيكل السوفيت وسقطت الشيوعية ظن الكثير من السفهاء أن النسيج المجتمعي الروسي بات ممزقاً بعد كل تلك التحولات ، لكن سرعان ماظهر نجم روسي جديد وهو بوتين استطاع إعادة الوحدة والتمسك بالهوية الوطنية إلى الأمة الروسية.

يمتاز الروس أن لديهم علاقات صداقة مع الكثير من الحركات اليسارية العربية والكثير من الأنظمة العربية، ويعرف الروس بحقبة السوفيت دول الرجعية العربية التي وظبت أموال بترول الخليج لتمويل الحروب الباردة والساخنة ضد السوفيت وضد روسيا، يعلم الروس جيدا أن أموال الخليج وفتاوى الجهاد وقطعان المفخخين من الوهابيين هم سبب خسارة السوفيت في افغانستان، ويعرف الروس أن من أشعل الاضطرابات في آسيا الوسطى هي الأموال السعودية التي نشرت الفكر الوهابي، ويعرف الروس أن السعودية اغرقت أسواق البترول العالمي للضغط على روسيا اقتصاديا لكون روسيا تعتمد على البترول والغاز فهي أول دولة بالعالم كانت تصدر البترول والغاز قبل اكتشاف البترول في امريكا، لذلك أمريكا كانت تأمر النظام السعودي في إغراق السوق العالمي بالبترول إلى تخفيض أسعار البترول طوال قرن من الزمان وبقيت السعودية تتبع هذا الأسلوب إلى شهر كانون الثاني عام ٢٠٢٠ اغرقت الاسواق وتسببت في إفلاس شركات بترولية أمريكية عندها اتصل ترامب في ابن سلمان وأمره بعدم إغراق الأسواق بالبترول لأن أمريكا أصبحت دولة مصدرة للبترول، ولولا دخول أمريكا كدولة مصدرة للبترول لبقي السعوديين يغرقون الأسواق العالمية بالبترول لتخفيض الأسعار نكاية في روسيا وإيران والعراق والجزائر.

بعد دخول الطاقة البديلة واكتفاء أمريكا من البترول بقي البترول الخليجي السعودي والاماراتي والعراقي والكويتي والايراني تشتريه الصين والهند بشكل خاص، قام ملك السعودية وولي عهده في زيارة روسيا قبل عامين وزيارة الصين والهند وايضا عرضوا خدماتهم على الصين والهند لكن الصين تشتري البترول من السعودية والإمارات وإيران والكويت والعراق لأن العقلية الصينية تريد تستفيد من الأسواق التجارية لدول الخليج والعالم في دخول الشركات والبضائع الصينية لجميع الدول.

قبل أيام السعودية نظمت اجتماع في جدة ضم شخصيات دينية من العالم الإسلامي للتعاون مع روسيا، حسب قول الحكومة السعودية أن الاجتماع في جدة جاء هذا الاجتماع في إطار مساعي روسيا لتعزيز علاقاتها بالعالم الإسلامي، وفي ظل مبادرة السعودية للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، الاجتماع في هذا المنتدى عُقد هذا العام تحت شعار «الحوار وآفاق التعاون»، والذي يهدف لبحث القضايا المشتركة بين روسيا والعالم الإسلامي، وتعزيز التعاون في مواجهة التحديات القائمة.

في الكلمة التي ألقاها الملك سلمان أكد شراكة السعودية مع روسيا في عدة مبادئ رئيسية، «منها احترام الشرعية الدولية، وتأسيس العلاقات على أساس الاحترام المتبادل، وسيادة واستقلال ووحدة الدول، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية»، مشدداً على «تمسك الدولتين بالالتزام بنظام عالمي عادل يسوده القانون الدولي.

الحقيقة السعودية نشرت الوهابية في اوساط المسلمين في آسيا الوسطى وفي روسيا نفسها التي بها ٤٠ مليون مسلم روسي، لكن السلطات الروسية تنبهت إلى خطر الفكر الوهابي وقامت في حضره بشكل رسمي، روسيا ترحب الروس بالتقارب مع السعودية ويسعون لتعزيز العلاقة لكن يعرفون جيدا أن السعوديين ينفذون أجندة الناتو ضد روسيا والعمل على خلق مشاكل إلى روسيا، التقارب السعودي مع روسيا كان نتيجة طبيعية لدخول أمريكا دول المصدرة للبترول وانتهى دور السعودية التآمري ضد روسيا في اغراق الأسواق العالمية في البترول لتخفيض الأسعار.

ميخائيل غورباتشوف كتب مقال قبل عدة سنوات قال أخذت تعهد من الناتو على عدم التدخل بشؤون الدول السوفياتية وعدم ضم الدول الشرقية للناتو وعدم إسقاط أنظمة عربية مؤيدة للسوفيت بالشرق الأوسط وحدد ليبيا والعراق وسوريا لكن تم خرق التعهدات واسقطوا أنظمة موالية وكادوا يسقطون نظام بشار الأسد لولا تدخل روسيا العسكري الذي استطاع أن يحمي الدولة السورية.

من كاد يسقط سوريا هي العصابات الوهابية وفتاوى التكفير لشيوخ السعودية الوهابيين مع صرف ٣٠٠مليار دولار من السعودية لاسقاط الدولة السورية، روسيا لم ولن تنسى مشاغبات السعودية في إغراق الأسواق العالمية للبترول ضد روسيا لتخفيض أسعار البترول لمحاربة روسيا اقتصاديا نيابة عن الناتو.

29/11/2021

اترك تعليقاً