السيمر / فيينا / الأحد 02 . 01 . 2022
سليم الحسني
هذه الليلة ليست غريبة، مرّتْ على العراق من قبل. رآها الإمام عليّ تغطي الكوفة. يحلّق الملائكة في السماوات، ويتخفى الشياطين في زوايا الظلام. في فجرها دوّى أعظم هتاف لأعظم بطل: (فزتُ ورب الكعبة)
في هذه الليلة وعند فجرها، تعانق القائدان وهتفتْ روحاهما في الأرجاء: (فزنا ورب الكعبة).
سمعنا الانفجار. ساد الحزن. لكن النور شعّ يغطي العالمين.
مرّ علينا عامان حزينان.
أنتما هنا في مكان الواقعة، لقد صار مزاراً. تساءل الناس:
مَنْ هذا القتيل الذي يمشي في مكان اغتياله؟
هل عادتْ له الروح فخرج من تحت الثرى؟
أيعزي الشهيد أبناءه؟
نعم، يحدث ذلك، عندما يكون القتيل بطلاً يسكن السواتر لينام الناس في بيوتهم آمنين.
يحدث ذلك عندما يكون من طراز الرجال الذين خاف منهم الموت طويلاً، فكان المجرمون يدفعونه صوبهم، لكن الموت يرى صدورهم المكشوفة وابتسامتهم الوادعة، ويشاهد أذرعهم مفتوحة لإحتضانه، فيقف مذهولاً متجمداً. يبقى الموت واقفاً ويمضون في طريقهم، بالخطوة الواثقة، يحررون الأرض، يطردون الشياطين من أسوار المدن، يُخلّصون السبايا من أيدي الوحوش.
يحدث ذلك على الدوام، منذ زمن موغل في القدم، ألم تقرأ في التاريخ عن الحسين والعباس؟
ألم تقرأ عن الذين سلكوا نهج الحسين؟
هذا الرجل الغارق ببياض السنين، أحدهم، هرب منه الموت سنين طويلة، كان الرصاص يصل قرب صدره فيستحيل حجارة عند قدميه. وحين أصابته الطائرة بقذائفها، همس الموت بأذنه يستأذنه، ابتسم ومد ذراعيه يعانقه صاحبه، ثم هتفا معاً: (فزنا ورب الكعبة).
كتبوا على الشاهد: أبو مهدي المهندس.
وكتبوا على شاهد آخر: الجنرال قاسم سليماني.
وكتب التاريخ: فازا ورب الكعبة.
٢ كانون الثاني ٢٠٢٢