السيمر / فيينا / الخميس 06 . 01 . 2022
نعيش ذكرى استشهاد رجالٍ لولاهم لكانت نساءُنا اليوم بيد داعش.
➖ يعيش بيننا متدينون انعزاليون وهم يصرّون على قضاء أعمارهم بلا مواقفٍ من القضايا الكبرى.
التدين عند هؤلاء هو علاقةٌ فرديةٌ مع الله، وأعلى ما يُنتجه هو مواقف أخلاقية فردية (لا يسرق – لا يزني – لا يغتاب …).
➖ في المقابل يوجد فهمٌ ثاني لدور الإنسان المتدين. وهو مستوحى من الفكر القرآني ومن سِيَر الأنبياء والأوصياء عليهم السلام ، ويطلقون عليه “الرسالي”.
يرى متبنّوه أن دورَهم في الحياة رسالةٌ ذاتُ أبعادٍ إجتماعية تتجاوز كثيرا الدور الفردي.
.. وأنها تتطلب الحركة والفعل والتخطيط لأجل نقل المفاهيم الإسلامية إلى المجتمع وتفعيلها.
..كما تصلُ إلى مفهوم حاكمية الإسلام ودوره في قيادةِ الأمة وإدارة شؤونها.
وهكذا تصبح حياةُ الفرد سلسلةَ مواقفَ أخلاقيةٍ واجتماعيةٍ – ينتج بسببها كثيرٌ من الضغط والمعاناة والمخاطر أحياناً على المتدين الرسالي – خصوصاً عندما تضعه في مواجهة قوى الظلم والطغيان والفساد والرجعية وأعداء الإسلام.
➖ ففي الوقت الذي يُرضي المتديّن الانعزالي نفسه بالقول (شَعليّه) كي لا يعرضها للخطر ..
.. يتحرّق الرساليُّ ألماً ويشغل فكرَه وبالَهُ ووقتَهُ ، وكثيراً ما يخسر حياتَه في مواجهة المخاطر .
التدين الانعزالي الفردي تدينٌ سهلٌ لا تعكّر صفوَه الصراعاتُ.
وهو تدين يتحاشى أي إحتكاكٍ مع قوى الباطل.
ويتحاشى نصرةَ الحقِّ وأهلِه – كي لا يناله الأذى بسببها.
➖ يتضح لنا أن الإمتياز الأخلاقي هو في صالح التدين الرسالي
كما أن الإمتياز الوجودي هو أيضا في صالحه.
.. لأن التدين الإنعزالي يحتاج في الأزمات إلى الدور الرسالي. بينما يستغني الرسالي عن الإنعزالي .
➖ عندما داهَمَنا خطرُ داعش برز الإسلام الرسالي في أنقى صوره.
وإنكشف لنا كيف أن “الإنعزاليّين” صاروا يمجّدون “الرساليّين” ويُثنون عليهم ويقبّلون أياديهم التي قاتلت وتقطعّت.
.. خصوصا وأن “كفائيّة” الفتوى قد أفسحَت المجالَ للإنعزاليّين كي يكتفوا بالرساليّين ليقاتلوا نيابةً عنهم ، وليكتفوا هم بالدعاء.
➖ في ذكرى شهادة القائدين أبومهدي وسليماني – نقف إجلالا لدورهم الرسالي وتضحياتهم العظيمة
.. وننحني تواضعا امام عطائهم
.. ونتصاغر بتديّننا السلميّ أمام تديّنهم الذي جعل حياة المعارك أحلى في عيونهم من حياتنا الآمنة
.. تديّنهم الذي جعل هجرَ الأحبة والعيش في الصحارى ألذَّ من عيشنا وسط أحبابنا
.. تدينهم الذي جعلهم يفضلون الموتَ في سبيل الله وتقطيع أوصالهم إرباً ..
.. على حياتنا المنضبطة وفق الرسائل الفقهية، والتي ستفضي بنا الى الموت على فراش المرض بعد عمرٍ سنقضيه بالورع والتقوى.
٦ -١ -٢٠٢٢
المعمار
كتابات في الشأن العراقي- الشيعي