السيمر / الاثنين 13 . 06 . 2016
احمد الشرقاوي / مصر
“الشيعة” لغة، هي الفرقة والجماعة، واصطلاحا وفق التعريف الفلسفي والصوفي، هي الفرقة الكبيرة من المسلمين الذين اجتمعوا على حبّ علي بن أبي طالب وآل بيت الرسول الأطهار عليهم السلام واتبعوا سنة النبي الكريم في الدين بدل سنة فقهاء السلاطين التي أسس لها بنو أمية..
أما في السياسة، فكان شيعة الإمام علي عليه السلام يقولون بأحقيته في تولي الخلافة من غيره، وهذا مذهب سياسي له علاقة بشأن من شؤون التنظيم والإدارة الدنيوية للجماعة الإسلامية التي أسسها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وفاءا بعهد الله، لتكون اللبنة الأولى لقيامة الأمة الإسلامية مستقبلا، ولها ما يدعمها من وجهة النظر القرآنية التي تحيل على دور الولاية الذي يأتي بعد دور النبوة لما تتسم به من قيادة ربانية تصطفيها السماء كما يقول ابن خلدون، وتؤكد ذلك واقعة العهد الإلهي لخليله إبراهيم عليه السلام بقوله (وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين) البقرة: 124.
لكن هذا المذهب السياسي تطور ليتخذ بعدا دينيا له علاقة بمفهوم وأصول ومقومات فكرة “الولاية” التي تختلف عن فكرة “الخلافة” عند السنة، وتعتبر المقابل النظري لفكرة “القطب” عند الصوفية، بسبب الفرق القائم بين ظاهر النص المقدس وباطنه، لأن الخليفة لدى السنة يجب أن يكون من أشراف قريش ويقوم بتطبيق “الشريعة الإسلامية” التي تعني حرفيا “شريعة الفقهاء”، في حين أن الإمام له ولاية ربانية لا يمكن أن يهبها الله إلا إلى أفراد أهل البيت المعصومين الأربعة عشر (النبي وابنته فاطمة والأئمة الإثني عشر) وفق ما يؤكده النسق التاريخي لسنة الله في الخلق من خلال تجربة أنبيائه الستة الكبار.
وللتوضيح، يرمز علم الإثني عشرية في القرآن إلى السماء بنجومها وأبراجها الإثني عشر كما في قصة يوسف، وإلى الينابيع الإثني عشر التي فجرها موسى من الصخرة بضربة من عصاه، كما وأن لكل من الأنبياء الستة الكبار المذكورين في القرآن إثني عشر إماما، وحيث أن نسق عالم الفيض الإثني عشري قد انتهى بانتهاء النبوة، فآخرهم كان وسيبقى الإمام الغائب “صاحب الزمان” الماثل في القلب والحاضر في الماضي والمستقبل إلى أن تأذن السماء بظهوره ليحمل عهد الله لأمته، وهي فكرة تعبر بإبداع عن دين “الهادي” أو الشخص المعرف اللامنظور، كما يقول ‘هنري كوربان’ في تعريفه للشيعة الإثني عشرية في مؤلفه (تاريخ الفلسفة الإسلامية).
ويستفاد من دراسة حقبة النهضة الصفوية ومدرسة أصفهان مع المير داماد والملا الشيرازي وتلاميذهما أن التشيع عرف في هذه الحقبة التاريخية قفزة نوعية لا نظير لها في العالم الإسلامي أنتجت كنزا من الوجدان الشيعي الذي شكل وحدة وتلاحم غير مسبوق بين الوحي النبوي من جهة، والفكر الفلسفي الإشراقي من جهة ثانية، هذا في الوقت الذي كان العرب قد أغلقوا باب الفلسفة منذ هزيمة ابن رشد أمام الإمام الغزالي في الأندلس فبدأ عصر الانحطاط الذي لا يزال مستمرا إلى يوم الناس هذا.. وعديد من تلامذة هذه المدرسة الشيعية في الحقبة الرابعة تتلمذوا أيضا على يد الشيخ الأكبر محيي الدين ابن عربي وتأثروا بمقولاته.
وبالتالي، فمن ينفي اليوم وجود علاقة بين الفكر الشيعي والتصوف من بعض أعلام الشيعة أنفسهم، إنما يضرب من حيث يدري أو لا يدري أساس فكرة “الولاية” التي هي مؤسسة ربانية روحية من حيث الباطن وعقلانية من حيث الظاهر في آن معا.
وبهذا المعنى، فالتشيع لا يعتبر مذهبا دينيا كما يعتقد أهل السنة خطأ، بل تيارا روحيا يتجاوز حدود القضايا الفقهية الشرعية ليسمو إلى فضاءات الأنوار العلوية من خلال استبطان الوحي القرآني ليعيش الإنسان تجربة النبي الحميمية كما حدثت ليلة المعراج، والتي تمثل الاختبار الحقيقي لظروف التوحيد وأوضاعه، تجربة تجعلنا نفهم أن الله وحده هو القادر على البوح بسر وحدانيته مباشرة لعباده دون وسيط، كما يقول اللاهوتي والصوفي الشيعي ‘حيدر آملي’ (عاش في القرن الثامن الهجري – الرابع عشر ميلادي).
وبهذا المعنى، فالتشيع والتصوف كلاهما يتجاوز التفسير الفقهي البحث للشريعة كما هو الحال بالنسبة للمذاهب السنية المعروفة والتي يمكن اختزالها كلها تحت تيار “الإسلام الظاهري” أو “إسلام الرسوم”، والفرق بين التشيع والتصوف يكاد لا يدرك إلا في حدود دقيقة، بحيث أن “العرفان الشيعي” يعتبر علما نظريا، في حين أن التجربة الصوفية ليست كذلك لأنها تتجاوز بطبيعتها كل النظريات العلمية وتتحدى مناهج العقل والمنطق، لأنها مسلك يعبر عباب عالم البرزخ الذي لا يعرف له العلم قوانين ناظمة، وهذا ما لا يستطيع إدراكه عامة الناس، بل وكل من لم يخض تجربة المعراج الروحي لا يستطيع فهم “أسرار التجربة النبوية”.
لن ندخل هنا في عمق التجربة الروحية الشيعية أوالصوفية، فهذا بحر بلا شاطئ، له أول ما له آخر، ويكفي أن نقول على سبيل المثال، أنك لو قرأت للشيخ الأكبر محيي الدين ابن عربي مثلا، لقلت أنه شيعي، في حين أن الرجل لم يكن شيعيا ولا سنيا بالمعنى المذهبي الفقهي السائد، وهنا يكمن سوء فهم الدين وعدم إدراك الفرق بين الجانب الروحي القلبي والجانب الشرعي العقلي في الإسلام وفق النسق القرآني، لأن ابن عربي كان يجمع بين التجربة المحمدية والتجربة العيسوية والتجربة الموسوية في تصوره للإنسان الكامل وفق الرؤية القرآنية للكون والخلق، ولا يختزل الإسلام في تجربة قريش كما يفعل أهل السنة والجماعة.
لذلك، فبعض الشيعة الذين ينكرون تأثير التصوف على تجربتهم الروحية، إنما يحاولون عبثا إنكار الحقيقة، لأن التشيع من دون تجربة روحية (صوفية) لا يمكن أن يمثل التيار الروحي للإسلام الأصيل الذي يستبطن الوحي القرآني ويمتح من الفلسفة النبوية كما وضع أسسها الإمام علي عليه السلام وشرحها الأئمة الكبار.. بل يصبح مجرد مذهب فقهي لا يتجاوز مجال الدين الشرعي المحض، بما يعنيه ذلك من إفراغ الإسلام من روحه للحفاظ على هيكله، وهذا هو حال معظم المسلمين اليوم للأسف، عبارة عن هيكل بلا روح، غثاء كغثاء السيل.
وعلى إيران أن تنتبّه اليوم لهذا المعطى التاريخي الهام الذي يكتسي أهمية بالغة الخطورة، كي لا يتحول التشيع الجعفري إلى مجرد مذهب فقهي مثله مثل بقية المذاهب الأخرى، الأمر الذي يجعل منه معتقلا طائفيا بامتياز، في حين أن الفلسفة النبوية تنطلق من أساس عام يقول بشمولية رسالة الإسلام وتضمنها للتجربة الروحية والشرعية معا لكل أنبياء الله ورسله، وبهذا المعنى يفقد التنصيص على المذهب الجعفري الإثنا عشري في الدستور الإيراني صبغته المذهبية التي يعيبها عليه أعداء إيران، ليتخذ مفهوم التيار الفكري والروحي الذي يختزل في جوهره سر تجربة نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم كما دونها الإمام علي عليه السلام وبينتها شروح الأئمة الكبار.
والحوار بين المذاهب بهذا المعنى، يتجاوز الجوانب الفقهية الشرعية حيث الاختلافات تطال الفروع والشكليات، ليرقى إلى مستوى الثوابت والأسس والمبادئ بمفهومها القرآني من خلال آليات التأويل بدل الشرح والتفسير الذي لا ينتج معنى ولا يحقق وحدة حول المفاهيم الأساسية، وهذا المستوى الراقي والعميق من الحوار مقدم على مسألة الحوار بين الحضارات أو الحوار مع أهل الكتاب كما يدعو البعض إليه اليوم من دون فهم ديني صحيح ولا رؤية سياسية واضحة ولا أهداف عملية لتحقيق المصالح وجلب المنافع في إطار مفهوم الأمة الإسلامية الواحدة.
*** / ***
إنه لمن الأهمية بمكان التمييز على المستوى النظري بين التشيع بمعناه الديني والتشيع بمعناه السياسي وإن كان ذلك لا يعني التفريق بينهما بالضرورة، لأن خطورة الخلط بين المفهومين لدى العامة تؤدي حكما إلى التفرقة في الدين التي نهانا الله عنها في قرآنه.. والحقيقة أن أول من استعمل مصطلح “شيعة” كمفردة مستقلة عن غيرها تفيد التفرقة في الدين، هو القرآن الكريم في أربع آيات من ثلاث سور هي: الأنعام (آية 65 وآية 159) والقصص (آية 4) و الروم (آية 32). لمن أراد العودة إليها، مع الإشارة إلى أن المفردة وردت في القرآن الكريم على مستوى الجذر اللغوي في 11 آية مختلفة السياقات والمعاني.
أما في التراث، فأول من استعمل هذا المصطلح بالمعنى السياسي لا الديني، هو الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي كان من المعارضين بشدة لصلح الحديبية الذي ارتضاه الله للمسلمين ووقعه رسوله. وكان يرى أن هذا الصلح يكرس دونية المسلمين أمام كفار قريش، وحاول جهده إلغائه، ولكن محاولاته لم تنجح، فقال قولته الشهيرة: (لو وجدت ذلك اليوم شيعة تخرج عنهم رغبة بالقضية لخرجت)، وهو بذلك قصد بالمصطلح جماعة من المسلمين ترى رأيه وتسعى معه لتحقيق هدف الإطاحة بالاتفاق، وترى بعض كتب السيرة أن عديد المسلمين كانوا يرون نفس رأي عمر، وقد أصابهم غم شديد من توقيع الاتفاق، لكنهم لم يكونوا ليجرؤوا على مخالفة الله ورسوله لحكمة تفوق قدرتهم على الفهم والإدراك.
واستعمل المصطلح أيضا بمعناه السياسي في صك التحكيم الذي كتب بين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام وبين معاوية بن أبي سفيان، وقد وردت كلمة “شيعة” لتدل دلالة كاملة على المعنى اللغوي المستقر في اللغة والمعبر عنه في القرآن والحديث، حيث جاء في الصك: (هذا ما تقاضى عليه علي بن أبي طالب ومن كان معه من شيعته، وقاض معاوية بن أبي سفيان ومن كان معه من شيعته)، ويلاحظ أن المصطلح استعمل للدلالة على أتباع علي عليه السلام من جهة وأتباع معاوية من جهة ثانية، وهذا يؤكد انتفاء المعنى الديني وحضور المعنى السياسي الزمني بقوة.
كثيرة هي الشهادات والوثائق التي يزخر بها التراث في هذا الباب، لكنها جميعها تشكل نماذج من الاستعمالات التاريخية لمصطلح “شيعة” بمعناه اللغوي المتعارف عليه والذي يعني الفرقة أو الجماعة المتجانسة والمتميزة في الموقف السياسي عن غيرها من الفرق أو الجماعات حتى لو كانت من نفس عقيدتها الدينية.
وكون الطائفة الشيعية الأقوى اليوم في العالم تلتف حول الإمام أو الولي الفقيه وفق المصطلح المتداول اليوم، فلا يعني ذلك أنها تختلف عن بقية المسلمين في العقيدة من حيث الثوابت والمبادئ، بل الاختلاف هو في الفكر والموالاة والرؤية لمفهوم الأمة، الأمر الذي يتطلب الالتفاف حول قيادة ربانية لها مشروع حضاري وإنساني يمتح من القرآن والسنة النبوية اقتداءا بآل البيت الأطهار لتجسيد مفهوم الأمة كما حدد خطوطه العامة القرآن ووضع أسسه العملية الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله، وهذا هو معنى “شيعة النبوة” التي قليلا ما يتم تداولها، برغم أن جوهرها ينفي وجود التفرقة في الدين بين من يتبع سنة النبي وآل بيته الأطهار من المسلمين سنة كانوا أم شيعة.
*** / ***
أما في العصر الحديث، فلعل سماحة السيد حسن النصر الله هو أول من أدخل إلى قاموس الإسلام السياسي المعاصر مصطلح “شيعة السفارة”، بحيث قصد به بعض المنافقين المنتسبين إلى الطائفة الشيعية الكريمة ظاهريا، لكنهم من حيث الباطن يدينون بالولاء للسفارة البريطانية التي تستعملهم لتفرق بين الطائفة الشيعية بعد أن فشلت بمعية أمريكا و”السعودية” و”إسرائيل” في خلق فتنة سنية – شيعية تجهز على فكرة الوحدة بين مختلف مكونات الأمة.. ومعلوم أن بريطانيا هي من ابتدعت لأهل السنة والجماعة “الإسلام الوهابي” الذي ابتلع كافة المذاهب السنية التاريخية، وحارب العروبة، وفرّق بين المسلمين السنة أنفسهم فأصبح كل حزب بما لديهم فرحون، يستضعفون إخوانهم في الدين ويذبحون أبنائهم ويستحيون نسائهم ويغتصبون ممتلكاتهم ويفسدون في الأرض كما يقول تعالى في محكم كتابه، وهذا بالضبط هو ما نراه اليوم واقعا على الأرض في عالمنا العربي والإسلامي، حيث اختلط الديني بالسياسي في أذهان العامة.
وإذا كان “شيعة السفارة” يمثلون الطابور الخامس الذي يسعى للتفريق بين الطائفة الشيعية الكريمة كما نلحظ في العراق مثلا، بسبب الصراع الخفي القائم حول المرجعية، إلا أن الأمر لم يصل حد الإحتراب بسبب حكمة المرجعيات الدينية في النجف وطهران، وهو أمر لم يحن الوقت بعد للخوض فيه بسبب حساسيته في هذه اللحظة الأمنية الخطيرة التي يمر منها العراق، لكن ما تجب ملاحظته، هو أن الأمر يتعلق بصراع مفتعل يدار من الخارج، وتحديدا من “السعودية” والسفارتين البريطانية والأمريكية لأهداف لم تعد خافية على الشرفاء في العراق.
لكن الأخطر اليوم، هو دخول “إسرائيل” على خط الفتنة بين المسلمين من خلال تجنيد عملاء متجولين يمثلون الطابور السادس لتشويه الفكر الشيعي الأصيل وتنفير المسلمين منه وتحريضهم على إيران، هذا في الوقت الذي نراهم يدعون لمحاربة ما يسمونه بمعاداة السامية ويطالبون بوجوب إقامة حوار مع أهل الكتاب وخاصة اليهود الصهاينة لإنهاء حالة الكراهية والعداوة القائمة معهم لتنعم المنطقة بالأمن والسلام.
ولعل أبرز “شيعة تل أبيب” المدعو “محمد علي الحسيني” اللبناني الجنسية والذي يقدم نفسه بوصفه “عالما” شيعيا لا شغل ولا شاغل له سوى إيران والتحذير من خطرها “الإرهابي” ومشروعها “الطائفي” الذي يستهدف كل الأقطار العربية وفق زعمه، ويقوم بحملات مكوكية في الدول الأوروبية خاصة لتحذير الجالية المغاربية من مغبة الانسياق وراء الدعوة الإيرانية التي تهدف إلى استغلالهم في مشاريع فتنوية داخل أوطانهم.
هذا الداعية المنافق، قام مؤخرا بزيارات إلى فرنسا وبلجيكا وغيرها، حيث حذر مما أسماه بالتمدد الإيراني في المغرب، خصوصا بعد التقرير الذي نشرنا مقتطفات منه على هذا الموقع قبل أيام وتحدثنا خلاله عن اعتناق عديد المغاربة في بلجيكا ولندن وإسبانيا وغيرها للمذهب الشيعي الإثني عشري، متأثرين بانتصارات حزب الله على “إسرائيل”، وبنجاح الأنموذج الإسلامي الثوري الإيراني في مختلف المجالات، وبالفكر الشيعي الذي يمثل الإسلام الأصيل الذي يمتح من تجربة النبوة وآل البيت الأطهار وفكر الأئمة الكبار.
وقد هال هذا المنافق اعتراف الدولة المغربية مطلع سنة 1915 بالطائفة الشيعية في المغرب ومنحها حق ممارسة طقوسها ونشر فكرها الإنساني المبني على المحبة والإخاء والتسامح، ونبذ العنف والتطرف والإرهاب الذي أسس له الفكر الوهابي الخبيث، واتهم إيران بتجنيد المغاربة في بلجيكا التي أصبحت منصة لنشر التشيع في أوروبا والمغرب والترويج لولاية الفقيه التي يعتبر الولاء لها خطرا على المغرب والدول الأوروبية سواء، معتبرا التمدد الإرهاب أكثر خطرا من “إرهاب “داعش”، لأن شيعة إيران هم “الأشرار الحقيقيين في العالم” وفق قوله.
وبموازاة حملة هذا الداعية المنافق، أطلق نشطاء مغاربيون حملة دولية تحت رعاية منظمة “شيعة رايتس ووتش”، التي يوجد مقرها بالعاصمة الأمريكية واشنطن، تدعو أصحاب المذهب الشيعي ومعهم نشطاء حقوق الإنسان لاعتبار يوم 12 من شهر يونيو الجاري “يوماً عالميا خاصا بالمسلمين الشيعة”، مشيرة إلى أن التحرك يأتي “إحياءا للمظلومية التي يتعرض لها أتباع المذهب الشيعي في الكثير من المجتمعات والدول حول العالم”.
وتجذر الإشارة إلى أن الداعية محمد علي الحسيني، يعتبر من المرضي عنهم في تل أبيب، فقد سبق وأن قام بزيارات منتظمة لمنظمات يهودية وصهيونية في أوروبا كان آخرها في العاشر من الشهر الجاري حيث التقى برئيس الكنيس اليهودي بصفته كبير حاخامات فرنسا (انظر الصورة المعلقة أعلاه)، واتفق معه على تشكيل تجمع للوقوف في وجه “الشيعة الأشرار”، كما التقى بكبير حاخامات بلجيكا لنفس الغرض، واغتنم فرصة تفجيرات فرنسا ليبدي تعاطفه مع اليهود، وكذلك فعل بعد تفجيرات بلجيكا، حيث، وبدل أن يفضح الفكر الوهابي التكفيري الذي يمتح منه الإرهابيون الذين يفجرون في أوروبا، قلب الآية وصب جام غضبه على “الإرهاب الشيعي” الذي يراه السبب الرئيس في عدم استقرار المنطقة والعالم.
كما وعرف بمواقفه المنددة بمعاداة السامية، وكأن العرب ليسوا من أصل سامي، وتعاطفه مع محنة اليهود وما تعرضوا له في المغرب العربي، متناسيا ما حصل لهم في أوروبا، ومتجاهلا عنصريتهم الفاشية ونازيتهم المقيتة التي عانى منها الشعب الفلسطيني المظلوم والشعوب العربية والإسلامية عامة منذ أن زرع هذا الشر المستطير بجسد الأمة سنة 48.
لكن ما لا يفهمه هذا الداعية الصهيوني، هو أن الخطر الحقيقي بالنسبة للمغاربيين عموما والمغاربة خصوصا هو في انتشار الفكر الوهابي الذي فرخ الإرهاب، أما الفكر الشيعي، فلم يثبت أن شيعيا فجر نفسه أو أسس خلية سرية وتمرد على النظام في بلاده، وإذا كان النظام المغربي يحارب التطرف وينشر المذهب المالكي في دول إفريقيا السوداء في ما أصبح يعرف بـ”الدبلوماسية الدينية” التي يقوم بها العاهل المغربي شخصيا، فكيف للدولة أن تمنع مواطنيها من اعتناق الفكر الشيعي الذي يمثل الإسلام السمح الأصيل؟.. لا أحد يملك حق الوصاية على عقيدة المؤمنين غير الله تعالى.
إن الخطر الحقيقي الذي يتهدد المغرب كما الجزائر وتونس وباقي الأقطار العربية هو الفكر الوهابي بدرجة أولى، والفكر الصهيوني الذي يتغلغل من خلال سياسة التطبيع، ودعوات الإلحاد وأكل رمضان والزواج المثلي التي بدأت تطل برأسها خلال السنوات الأخيرة، ناهيك عن حملات التنصير المشبوهة التي تتم لقبائل أمازيغية تعيش في مناطق مهمشة ومعزولة في كل من المغرب والجزائر.
ومهما يكن من أمر، فمن الواضح أن فشل الوهابية في خلق فتنة سنية – شيعية دفع بـ”إسرائيل” لتجنيد هذا النوع من العملاء الذين باعوا دينهم وضميرهم للترويج لأفكار مضللة بهدف خلق الفتنة بين المسلمين وتحريض السنة على الأقلية الشيعية في المغرب العربي.
وهي خطة سيكون مآلها الفشل لا محالة بسبب وعي الشاب اليوم وإدراكهم لخيوط اللعبة وخطورة المؤامرة، ولإيمانهم بأن الله متم لنوره ولو كره الكافرون والمنافقون من الطابور الخامس والسادس معا، ما دامت الجالية المغاربية في أوروبا تقف لمثل هؤلاء الشياطين بالمرصاد.
بانوراما الشرق الاوسط