السيمر / الأحد 26 . 06 . 2016
معمر حبار / الجزائر
يمكن للمتتبع أن يقف على نتائج الانتخابات البريطانية والمتمثلة في انفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوربي من عدة زوايا. وقد تطرق صاحب الأسطر لإحداها في مقالته السابقة بعنوان ” إستفتاء بريطانيا.. حرية الاختيار، واحترام الاختيار “. واليوم يتطرق إليها من زاوية فضل الانتخابات في الرفع من مستوى المجتمعات، مهما كانت اتجاهاتها وطبيعتها وتكوينها.
مما جاء في اليومين الأخيرين، أن الانتخابات البريطانية لاتمثل حقيقة المجتمع البريطاني، بدليل أن نسبة كبار السن الذين إنتخبوا لانفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوربي، هم أكثر من الشباب الذين إنتخبوا لأجل بقاء بريطانيا ضمن الإتحاد الأوربي. ويرى أصحاب هذه النظرة، أن الانتخابات ظلمت القوة الصاعدة، وكانت لصالح فئة الكبار، الذين لن يستمتعوا كثيرا بحلم الانفصال.
ويرى نفس أصحاب هذه النظرة، أن الهند دولة إنتخابية وديمقراطية بامتياز، لاحترامها إرادة الصناديق ، مهما كانت نتائجها. لكن في المقابل تعيش فقرا مدقعا، وظاهرة التسول المنتشرة بكثرة، وامتهان مهن حقيرة بثمن بخس، وسيطرة جماعة على خيرات البلاد واستغلال العباد.
وكما يحترم أصحاب هذه النظرة، الناجمة عن خوفهم الشديد من بعض النتائج السلبية التي قد تفرزها الانتخابات، يتدخل المتتبع ، ويقول..
الانتخابات وسيلة كغيرها من الوسائل لتحقيق أقصى درجات التطور، ينتابها بعض الخلل، لأنها ممارسة شعبية يعيشها المجتمع، بما يحتوي على ما يشجع وما يثبط.
ما يجب التركيز عليه، أن الدول العظمى إختارت بمحض إرادتها، ودون ضغط من عجوز ، ولا شاب، ولا رئيس، ولا ملك، ولا تاج، ولا عمامة، ولا حذاء. والجميع رضي بالنتائج غير نادمين.
والمطلوب منا أن نعزّز الانتخابات في كافة المستويات، وعلى جميع الأصعدة، ونحارب بشدة وقسوة ، كل ردة تدعو للتمسك بالحكم الوراثي، والتشبث بحكم الأحذية.
والانتخابات حق الجميع وللجميع، دون النظر إلى مستواهم العلمي والديني والمعيشي. فالأمي، والمتعلم، والكبير، والصغير، والمرأة ، والرجل، والقائد، وأبسط فرد، والمقيم، والمهاجر، كلهم معنيون بالانتخابات، ولا يمكن بحال الاكتفاء بواحد، أو الاستغناء عن واحد. ما يدل على عظم الانتخابات، ودورها في المساواة بين الجميع، دون استثناء.
إن الانتخابات البريطانية فرصة لنا، لنحيي ثقافة الصندوق المقبور من جديد، ونزيل عنه الغبار، ليتخذه المجتمع وسيلة للتداول في أبسط شؤونه، حتى يتربى على إختيار من يراه أهل ومناسب لتسيير العباد والعباد، دون توجيه ولا تدخل من أيّ كان، ومهما كان.
وأن إحترام الصوت، أيّ صوت من إحترام الإنسان. وهذا من أبرز ميزات إرادة الصندوق، التي تجعل حرمة الصوت من حرمة الإنسان. وقد كتب صاحب الأسطر في في مقال بعنوان ” إستفتاء بريطانيا.. حرية الاختيار، واحترام الاختيار”، يقول ..
“فالانتخابات قبل أن تكون أرقام ونسب، هي أصوات لإنسان محترم، حرمة صوته كحرمة عرضه ودمه “.
وبالتالي فإن الاحتكام للصندوق الشفاف ليس “تفاهة ” !!، كما يعتقد أنصار التوريث باشكاله وأتواعه والتبريرات المقدمة في سبيل تثبيته والدعاية له، ولن يكون أبدا. وتبقى معالجة بعض التصرفات الخاطئة والمشينة مستمرة عبر عدة زوايا فاعلة ، لتحسين الأداء الانتخابي، وتقديمه في أبهى صوره، وأقل الخسائر، وأقصى درجات المنفعة للمجتمع أراد لنفسه وبمحض إرادته وفي كامل وعيه العملية الانتخابية النزيهة النظيفة.