السيمر / الخميس 30 . 06 . 2016
محمد نمر / لبنان
ليست المرة الأولى التي تظهر فيها أميركا دولة عاجزة عن حل الأزمة السورية ومواجهة “داعش”، فما حصل في البوكمال بالأمس ربما هو سيناريو أوسع لما حصل مع الفرقة 30 التي كانت تتلقى تدريبها في تركيا، خلال اجتيازها معبر باب الهوى باتجاه سوريا، حيث كانت “جبهة النصرة” بانتظارها فقضت عليها خلال ساعات وأكملت على باقي مقراتها في حلب.
مساء الثلثاء كان تنظيم “الدولة_الاسلامية” ينتظر قوات “جيش سوريا الجديد” لمهاجمة البوكمال، إذ أكّدت مصادر سورية معارضة متابعة لمسار العملية أن “مصادر من الجيش سرّبت الأخبار عن المعركة بطريقة خاطئة، ما أدى إلى ضرر عسكري أثناء العملية العسكرية وكان التنظيم يجّهز نفسه في الساعات الأولى قبل لحظة الصفر لانطلاقها”، والدليل على ذلك ما نشر عبر مواقع التواصل عن العملية قبل انطلاقها فضلاً عن إلقاء القبض على عناصر للجيش داخل البوكمال اعترفوا بآلية المعركة المقبلة، ولكن أميركا تابعت مغامرتها مورطة المعارضة بمعركة غير مكتملة التحضير عسكريا أو عددياً ولا حتى لوجستياً.
عرض داعش في شريط فيديو مستوعبات من الذخيرة الأميركية وقذائف هاون وبيك أب من طراز تويوتا قال إنه غنمها من جيش سوريا الجديد خلال محاولته استعادة معبر البوكمال.
وتقول المصادر لـ”النهار”: “العمليات العسكرية انطلقت عقب التسريب الذي حصل بساعات متوجهة من معبر التنف الحدودي مع العراق إلى عدة نقاط رئيسية منها باتجاه بادية البوكمال والمناطق الشرقية وقرب معبر القائم حيث كان من المفترض ان تبدأ منه قوات العشائر والجيش العراقي هجوماً مشتركاً لمساندة جيش سوريا الجديد، إلا أن دائرة التنسيق بين “سوريا الجديد” والاميركيين من جهة، والقوات العراقية والعشائر من جهة أخرى كانت ضعيفة، علماً أنه جرت اجتماعات عدة مسبقاً قبيل البدء، وسرعان ما أعلن توقف المساندة من القوات العراقية والعشائر، تاركة جيش سوريا الجديد في مواجهة التنظيم دون تغطية تذكر عسكرياً من قوات التحالف الدولي، فما قام به الأخير من ضربات لم تؤثر في شكل جدي على آلية المعارك القائمة، مما اضطر مقاتلي سوريا الجديد إلى الانسحاب والتراجع”.
وقالت القيادة المركزية الأميركية إن مقاتلات أميركية دعمت قوات جيش سوريا الجديد في هجومها لاستعادة معبر البوكمال بهدف قطع طريق الإمداد الرئيسي لداعش بين العراق وسوريا.
لا تنسيق
وتزامن الهجوم الأول مع آخر لجيش سوريا الجديد على المدخل الغربي الشمالي في قرية الحمدان حيث نجح بعملية إنزال جوية ناجحة لنحو 25 عنصراً من طائرة أقلتهم من قاعدة جوية أردنية، وتمكن من السيطرة على القرية وقتل عدد “لا بأس به” من تنظيم الدولة، وفق ما تروي المصادر وتؤكد أن الجيش سيطر بعد الانزال على مطار الحمدان موقعاً قتلى وجرحى في صفوف التنظيم. ولم تدم سوى ساعات إلى أن شّن مقاتلو التنظيم هجوماً مضاداً على المطار بمئات المقاتلين، متمكنين من استعادته من دون تسجيل قصف جوي للتحالف، فاتخذ الجيش خيار الانسحاب إلى نقاط بادية البوكمال التي سيطرت عليها قوات أحمد العبدو التي شنّت خلال العملية هجوماً مماثلاً على نقاط بادية البوكمال والمناطق الشرقية المتاخمة للمدينة، لكن المصادر تؤكد أن “الهجوم كان يفتقر إلى أي تنسيق عسكري مع جيش سوريا الجديد او حتى قوات التحالف الدولي، وكان هجوم قوات أحمد العبدو لتأمين نقاط الدفاع لقطاع التنف، متخوفاً من إيجاد ثغرات من التنظيم يشّن من خلالها عمليات عسكرية”، كاشفة عن أن “قوات العبدو لم تشارك في العملية إلا مؤخراً عندما طلبت قيادة جيش سوريا الجديد المؤازرة صباح الأربعاء أثناء الهجوم على مدخل الغربي الشمالي للمدينة”.
ويقول الباحث تشارلز ليستر المتخصص في الشأن السوري إنه نظراً إلى الحجم الصغير نسبياً لجيش سوريا الجديد، فإن “قرار شن هجوم ولو محدود على البوكمال فيه نوع من الغطرسة”.
وأفادت وكالة أنباء أعماق التابعة لداعش أن التنظيم الإرهابي قتل نحو 40 مقاتلاً من جيش سوريا الجديد وأخذ 15 آخرين رهائن، بينما تحدث “الجيش” عن خمسة أو ستة قتلى وبضعة جرحى من مقاتليه.
وتصر المصادر على نفي ما تردد عن عدد قتلى لجيش سوريا الجديد وتقول: “الخسائر هي 9 مقاتلين، بينهم 5 قتلى و4 مفقودين وأسير لدى التنظيم في المقابل قتل ما لا يقل عن 34 مقاتلاً للتنظيم أثناء العملية”، وتنتقد التحضير العسكري وتقول: “العملية العسكرية في البوكمال لم تشهد أي تنظيم عسكري وكانت العملية مشتتة والولايات المتحدة وحلفاؤها لم تقدم الدعم العسكري المفترض أكان جوياً أو حتى المشاركة برياً”، مؤكدة أن “مشاركة جيش سوريا الجديد كانت لا تتخطى 200 مقاتل تم تدريبهم في شكل جيد في الأردن”.
ولا تخفي أنه، ” كان من المفترض أن تشارك القوات الدولية من جنسيات بريطانية وأميركية وأردنية من القوات المتواجدة في القواعد قرب معبر التنف برياً في العملية، لكنها لم تشارك”، معيدة سبب الانسحاب إلى “غياب الدعم البري والامكانيات العسكرية والغطاء الجوي الكامل، اضافة إلى تراجع القوات العراقية قرب معبر القائم عن المساندة اضافة إلى معرفة مسبقة للتنظيم بالعملية وافتقد عنصر المفاجأة”.
النهار اللبنانية