السيمر / فيينا / الثلاثاء 24 . 01 . 2023
سليم الحسني
يمتلك نوري المالكي مواصفات الزعامة السياسية من حيث الكاريزما والشخصية وشجاعة القرار. لكن هذه المواصفات تضيع دفعة واحدة نتيجة سيطرة فريقه على شؤون مكتبه وحصاره من كل الجهات.
لا يمكنك أن تقنع المالكي بالتخلي عن فريقه المقرب أو حتى بعضهم، سيجيبك بغضب شديد مبرراً تمسكه بهم. ويطلب منك أن تقدّم له البدائل. وبدل أن ينظر اليك نظرة المخلص الناصح، فانك ستنقلب في عينه الى مشاكس باحث عن مشاكل.
لقد حاول الكثير من المخلصين إيصال هذه الفكرة له، لكنهم اصطدموا باستيائه وغضبه، فتراجعوا عن مواصلة المحاولة، بل أن بعضهم آثر حتى ترك النصيحة معه نهائياً.
يشعر الكثير من المخلصين بالأسف على منهج المالكي هذا، فهم يجدون فيه الشخصية الشيعية الأولى التي يمكن الاعتماد عليها في الزعامة السياسية، ويستغربون كيف لرجل دولة وسياسة وحزب مثله، لا يتوقف مع نفسه ليراجع ما سببه له المقربون من ضياع فرص الإصلاح وتفرق الكفاءات عنه ممن لهم سابقة في الدين والعمل والفكر والإدارة، ويقفون على تاريخ من النزاهة والاستقامة.
من بين كل القيادات الشيعية فان المالكي وحده قادر على إعادة القوة الى الشيعة في مواجهة التحديات والمخاطر التي تتهددهم.
يجري الحديث بيني وبين شخصيات قديمة من حزب الدعوة وشخصيات إسلامية مستقلة عن السبيل الذي يمكن دفع المالكي ليأخذ دوره القيادي، وبعضهم يقترح عليّ أن أكتب له رسالة، فيكون جوابي:
ـ ليس بيني وبينه تواصل، وهو ينظر لي نظرة خصومة يزيدها فريقه حدة ونفوراً، ولا ينسى ما كتبته في نقد حكومته نقداً شديداً. مع أني دافعتُ عنه عام ٢٠١٤ ولا أزال على موقفي في أن مؤامرة حيكت ضده فأبعدته عن استحقاقه في رئاسة الوزراء، فهو أخطأ في حكومته لكن هذا لا يمنع من انصاف حقه المسروق.
نوري المالكي مع هذه الجماعة المحيطة به، يفقد ايجابياته ويتحول الى قوة سلبية في الوسط الشيعي، لأن القرارات التي يتخذها نابعة من وجهات نظر كاذبة ومضللة يقدّمها لها أهل الرأي عنده، وهم من أصحاب الطموح الذاتي والمصلحة الشخصية الصرفة.
لو سألني أحدهم:
هل تدعم المالكي وتقف معه لإنقاذ التشتت الشيعي وإعادة ترميم البيت؟
أقول: لو تخلى عن هؤلاء المحيطين به، فلن أتردد في ذلك كما لن يتردد غيري أيضاً، لكن مع بقائهم فلن أتردد في الحكم على قراراته بأنها نابعة من حسابات شخصية يصنعها هؤلاء. وشاهدي على ذلك حين خدعه المقربون بقبول محمد شياع السوداني، ثم ندم على موقفه بعد أسابيع قليلة.
في ضوء ما يعانيه الوضع العام في العراق، وما يمرّ به الشيعة من تشتت، يمكن للمالكي أن يكون رجل إنقاذ، وهو كفوء على ذلك. لا ننتظر من فريقه الغارق في المصلحية والذاتية أن يبادر الى الاستقالة، لكن المتوقع منه أن يتخذ القرار بالاستعانة بأهل الإخلاص والكفاءة والتاريخ النظيف.
٢٣ كانون الثاني ٢٠٢٣
الجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات