السيمر / الاثنين 11 . 07 . 2016
ديوسف السعيدي
هكذا اضحت دماؤنا انهارا لا ضفاف لها..دماء انطلقت من رحم الاحزان العراقيه.. وغزاة الحقد الاموي يتوافدون حيث بكت المآذن..وخرست النواقيس.. وساستهم الذين احترفوا مهنة النفاق وهم يبصرون ابناء العراق في بحار الاسى ووجع الارض.. وليل اليتامى.. وخطباء ودراويش السياسه اضاعوا البلاد.. بدهاء معاويه.. وغدر ابن ملجم المرادي..وحربة وحشي..ونبال حرمله.. انهم الشقاة الذين ادموا صفحات التاريخ ..وارتال شهدائنا مستمره..دون جوازات سفر..على شواطيء الموت المجاني.. وطوفان القتل الطائفي يصارع سفن النجاة ..في زماننا اليعربي المعروض في المزادات العلنيه..واسواق النخاسه ..ومكاتب المرابين ودهاقنة النفط الصحراوي..غيروا خرائط الوجوه وهم يعيشون ازمة التحرير…والتخدير…ويستحمون في بركة واحده..
وحده الدم لا ينام في العراق… بينما أقفيتنا مثل رؤوسنا المؤجلة تتقلب فوق فراشنا المشغول بغرائزنا ، وكم مرة نعاشر نساءنا في الأسبوع . وحده الدم لا ينام في العراق … وجاريات قسم الاخبار في الإعلام العربي متأوهات وراغبات بمعاشرة سماسرة مشايخ البترول كرمز للعولمه الجديدة . وحده الدم لا ينام في العراق… وخصيان قسم الاخبار في الإعلام العربي يؤجرون أقلامهم وأقفيتهم ويلونون وجوههم مثل الحرباء طالما ان لكل موقف ثمن . وحده الدم لا ينام في العراق… فيما عواصم الدول اليعربيه المذهبه مشغولة بأسعار البورصة وبناطحات السحاب التي تتحدى الله في عرشه … وحده الدم لا ينام في العراق … ونحن عراة من كرامتنا ، نلهو بنسائنا وأولادنا وبرواتبنا ، ونحاول ان نتسلى بما ينتجه ” بتوع الشقه ” والعربية و ” حب إيه إللي انت جاي تقول عليه ” …
وحده الدم لا ينام في العراق… ونحن صعاليك المراحل نمارس بعض الأسف ثم نسأل : ماذا على طاولة الغداء لهذا اليوم ! … وحده الدم لا ينام في العراق… فيما المقهى لايزال يلملم ثرثراتنا المتهالكة ونحن نشرح المرحلة ، فيما أشلاء أطفالنا لاتزال عند المفارق تلعن الجلاوزه وكلاب الحراسة. وحده الدم لا ينام في العراق … وها نحن نموت أحياء … ايدينا باردة ، أقدامنا مترددة ، بطوننا مدورة ، وغازات تملأ أحشاءنا … بعد ان تناولنا الليلة الماضية خمس وجبات وانبطحنا كل قرب إمرأته مثل الثور الذي سيؤكل غداً بعد ان اكلت كل الثيران . وحده الدم لا ينام في العراق… ونحن بلا عزه ، وجوهنا مشبوهة ، مرايانا ، ثيابنا ، أبوابنا ، وحتى سجادة الصلاة التي نركع فوقها ، ونكذب على الله ونحن نقول ” حي على الفلاح ” … وحده الدم لا ينام في العراق… ولن ينام …
لم يشأ شهر الماضي الا ان يودعنا بمشهد الدم العراقي وهو يمارس هوايته الابدية، منذ أن كان الدم ومنذ أن كانت ارض الرافدين ومنذ أن كنا.. يسيل في الشوارع بجبروت البقاء الأخير مؤكدا على هويته الإنسانية أولا، والوطنية ثانيا، والمأساوية دائما، ومؤكدا قبل كل هذا ربما على مصيره لدى الاخرين ابدا.
هو الدم العراقي الذي يسيل الآن كما سال بالأمس ويسيل غدا، بذات اللون والشكل، بذات الاسم والعنوان، ومن ذات المنبع لأنه الى ذات المصب… حيث مأساتنا العراقيه وجرحنا الغائر. والنقطة السوداء في ضمائرنا مهما كبرنا … مهما صغرنا.
ارض الرافدين ما زالت دما يسيل في الشوارع……، حتى وأن اختصرت هذه المرة في مدينة بغداد او بلد او بقية العناوين العراقية ..وما زالت جرحا مفتوحا على كل الاحتمالات الممكنة واللاممكنة، وما زالت فكرة غير قابلة للموت بين أضابير الحلول المقترحة من هنا وهناك… فهي ما زلت على الاقل ارض العراق، سواء اختصرت قرب عمال البناء والكسبة .. أم في بقية العناوين العراقيه المتشابهة في لون الدم والمتوحدة في شكل المأساة على الرغم من اختلاف الشعارات المرفوعة في المظاهرات المضادة.
ولكن ماذا يعني ان تبقى ارضنا العراقيه في ظل موات تام رغم صيحات الالم الغبية التي يمارسها الجميع، العرب تحديدا، الذين ما برحوا يستمرئون لعبة الاكتئاب والصراخ ولعب دور الضحية الدائمة لكل أحد وكل شيء في كل زمن؟
لا شيء طبعا..
سنتظاهر كثيرا، وسنرفع الرايات والشعارات ونردد الصيحات المهددة بالويل والثبور وعظائم الامور ونعود الى بيوتنا في آخر الأمر لنشاهد التلفزيونات… حيث الدم العراقي ما زال يسيل.. ويسيل.. ويسيل ..ولا ينام……