السيمر / فيينا / الأثنين 14 . 08 . 2023
يواصل فيلم “باربي” هيمنته على شباك التذاكر في صالات السينما الأمريكية الشمالية، بعد شهر تقريبا على طرح العمل الذي بات ظاهرة عالمية رغم الجدل الذي أثاره لدرجة منعه في بعض البلدان، بينها لبنان الذي طلب فيه وزير الثقافة محمد المرتضى منع عرض فيلم “باربي” في البلاد، ببثبوت ترويجه للمثلية الجنسية.
من شاهد الفيلم الذي أخرجته الأمريكية غريتا غيرويغ وأدى بطولته مارغو روبي ورايان غوسلينغ يدرك بأن “باربي” تحلم بعالم يسود فيه الحب والسلام. لكن هذه الكوميديا الأمريكية تغذي التوترات لا سيما في لبنان حيث هناك جدل ومخاوف من أن يمنع عرضه في صالات السينما.
وما زاد من هذه المخاوف، طلب وزير الثقافة اللبناني محمد المرتضى في 9 آب /أغسطس منع عرض الفيلم بثبوت أنه “يمس بقيم” البلاد.
من جهتها، لم تعثر الهيئة، المكلفة بفرض الرقابة، على أي مشهد مثير للجدل أو يبرر عدم عرضه في قاعات السينما، وفق ما صرح به تلفزيون “إم تي في” اللبناني. لكن رغم ذلك، مستقبل فيلم “باربي” الذي حصد أرباحا تجاوزت مليار دولار يبدو غامضا في بلاد الأرز.
“ربما لم يشاهد الفيلم”
ويسخر فيلم “باربي” من الرجولية. وتحلم الممثلة غريتا غروينغ فيه بعالم تحكمه النساء يتمتع به الجنسان بالمساواة. فلا يوجد أي مشهد في الفيلم يلوح بشكل صريح إلى المثلية الجنسية، علما أن وزير الثقافة اللبناني يريد منعه لهذا السبب بالذات.
اقرأ أيضالبنان: الرقابة تمنع فيلم “الراهبة” لأنه “يمس” بالدين المسيحي
وتعليقا على قرار الوزير، قال أيمن مهانا، المدير التنفيذي لمؤسسة سمير قصير الإعلامية: “ربما لم يشاهد الفيلم. (يقصد وزير الثقافة اللبناني). وتابع “هذه التصريحات تدخل في إطار حملة إعلامية مناهضة للمثليين والتي أطلقها حسن نصر الله، زعيم حزب الله الشيعي منذ بضعة أسابيع. وقبل ذلك، سبقت وأن قامت مجموعات دينية مسيحية متطرفة بنفس الشيء”.
منذ شهر يونو/حزيران الماضي والاحتفالات التي نظمها المثليون في لبنان، تحوّل موضوع المثلية الجنسية إلى جدل في الأوساط السياسية والمثقفة.
في شهر يوليو/تموز الماضي، أكد حسن نصر الله أنه وفقا للشريعة الإسلامية، يجب قتل “كل شخص مثلي” داعيا إلى عدم شراء أي مادة تحمل ألوانا بنفسجية ترمز إلى المثلية الجنسية. وتحت ضغط رجال الدين اللبنانيين، ألغى لبنان العديد من الفعاليات التي كان من المفترض أن ينظمها مثليون. فعلى سبيل المثال، تم العام الماضي منع فيلم “باز لكلير” بسبب مشاركة ممثلين مثليين.
“أساب روحانية وتلاعبات سياسية”
هذا، وقرر وزير الثقافة اللبناني منع عرض فيلم “باربي” بعد اجتماع وزاري نظم الأسبوع الماضي في المنزل الصيفي للبطريك الماروني بشارة الراعي. هذا الأخير صرح بعد نهاية الاجتماع أنه “يجب محاربة جميع الأفكار التي تعارض النظام الإلهي والقيم التي يتقاسمها اللبنانيون”.
لكن حسب أيمن مهانا، فـ”السلطات اللبنانية تجد توافقات بكل سهولة عندما يتعلق الأمر بمحاربة المثليين أو معارضة قانون مدني له علاقة بالزواج وبالوراثة أو بالطلاق أو حتى بتربية الأولاد”.
وأضاف “المؤسسات الدينية تلعب دور همزة وصل للأحزاب السياسية في المجتمع” اللبناني. فغالبا ما يتم توظيفها من قبل الأحزاب التي تملك السلطة وتتذرع بحجج روحية بهدف إخفاء التلاعبات السياسية”.
مجتمع أكثر انفتاحا من حكامه؟
وإذا قارنا مع العديد من الدول في المنطقة، يتميز المجتمع اللبناني المتعدد عقائديا، بالانفتاح على العادات. والدليل على ذلك، هو أن العديد من الدول العربية منعت في 2022 بث فيلم “الطبيب مارفيل” الذي يروي قصة زوج مثليي الجنس، لكن لبنان أعطى تصريحا لعرضه في قاعات السينما.
وحسب أيمن مهانا، “الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان تعكس وجود نوع من التحفظ الديني في المجتمع. ومع ذلك “لا أعتقد أن اللبنانيين، بما في ذلك الطبقة المحافظة دينيا، لديهم مشاكل مع فيلم “باربي”. بالعكس فهم اليوم لا يهتمون بالمسائل الأخلاقية، بل قلقون أكثر على انهيار الاقتصاد والعدالة والدولة اللبنانية”.
وتم حظر عرض هذا الفيلم في الكويت بحجة أنه “يخدش الآداب العامة”. في المقابل، انطلق عرض نفس الفيلم قبل أيام في بلدان أخرى بالمنطقة، خصوصا السعودية والإمارات حيث يشهد إقبالا كبيرا.
وسرقت الدمية الشهيرة الأضواء مجددا من “أوبنهايمر”، إذ حصد الفيلم الذي أخرجه كريستوفر نولان وأدى بطولته كيليان مورفي، إيرادات قاربت 19 مليون دولار.
ويواجه لبنان أزمة اقتصادية خانقة بسبب ارتفاع الأسعار وتدهور قيمة الليرة فضلا عن المشاكل المصرفية ونقص المياه وغياب الكهرباء. وما زاد الطين بلة هو انفجار مرفأ بيروت في 2020 وعدم قدرة المكلفين بالتحقيق بتقديم المتورطين أمام العدالة.
المصدر / فرانس24