وكالة السيمر الاخبارية
فيينا / الجمعة 16 . 02 . 2024
باسل الرفايعة / الاردن
الشاعرُ حين يمدحُ الطغاةَ والمجرمين يسقطُ في أوساخِ التاريخ. لا تشفعُ له البلاغةُ ولا الإيقاعُ الموزون. فهو يتخلّى عن نوبةِ حراسته الشريفةِ للحياة، للجَمال، لقيَمِ الحقّ والعدل، ويسهرُ عندَ رأسِ المهيب الركن، بحثاً عن هيبةٍ ونفوذ ومال، فقد استعذبَ قربَ الديكتاتور وعطاياه، ولم يُصغِ لآلام المعذّبين والضحايا والأطفال.
لا يُصبحُ الإنسانُ شريفاً لمجردِ موته. ولا يُصبحُ الشاعرُ عظيماً لأنَّه تقدَّم في السنِّ، فماتَ عجوزاً بأمراضِ الشيخوخة.
عبدالرزاق عبدالواحد ماتَ كهلاً، وماتَ عشراتُ الآلاف من العراقيين فتياناً وشباباً بيد الطاغية صدام حسين، الذي أفنى الشاعرُ عمره وقصيدته في البحث عن قافيةٍ تليقُ بـ”عبدالله المؤمن” وعن صورةٍ شعريّةٍ تُقاربُ بينه وبين “نبوخذ نصَّر” و”صلاح الدين الأيوبي”.
مدحَ عبدالرزاق جرائمَ صدام، وهو يفتحُ المآتمَ في بيوت العراقيين. كيفَ يرى الشاعرُ الجماجمَ ويظنها سلالمَ لمجدِ الديكتاتور، ولا يرى الأزهارَ النازفةَ في حدائق بابل.
ماتَ عبد الرزاقُ، ولم يعرف الحصَّةَ التموينيةَ في سنواتِ الحصار، فقد كان لديه كثيرٌ من النبيذِ والكافيار. ولم يعرف أوجاع الأمهات حين يدهم فدائيو صدام منازلهنَ ويهتكون النومَ والحُرُمات.
ماتَ الرجلُ، وقبله ماتت الأراملُ العراقياتُ من فرط الدموع والفجائع. فلا أسفَ إلا على شهداء العراق، وعلى القصيدةِ حين تنحني وتلثمُ حذاءَ القتلة..