فيينا / الخميس 10. 10 . 2024
وكالة السيمر الاخبارية
الغياب القسري للقائد الكبير يشبه غياب الوالد عن الأسرة. فبقدر ما يمثل خسارة عظيمة لا تعوض ، لكن له إنعكاسات إيجابية غير مباشرة -قصيرة وبعيدة المدى على الأبناء – كما على الأمة.
فالابناء سيزدادون نضجا وسيتحملون المسؤولية في عمر مبكّر ،ويصبحون أكثر جديّةً في حياتهم واكثر إعتماداً على انفسهم بعد ان كان الوالد يؤدي أغلب المهامّ عنهم.
▪️على مستوى الأمة وقبل سنوات قلائل، فقد العراق وإيران في يوم واحد قائدين عظيمين، وتعرّضنا جميعا للانكسار.. والى اليوم لا زلنا نعاني آثار ذلك الفقد الموجع ومن عدم القدرة على إيجاد بديل يسدّ الفراغ.
▪️واليوم نفقد قائدا عظيما آخر لا يعوض – ليس على مستوى الشيعة واللبنانيين فحسب – بل على مستوى الأمة الإسلامية والشعوب العربية .. قائدا لا نظير له ولا بديل.
▪️رغم ذلك نرصد آثاراً مهمةً بعد غياب أولئك العظماء :
1- النضج المبكّر :
فئةٍ من الرجال يستشعرون الخطر بفقد القائد ، فنرى العشرات وربما المئات منهم أصبحوا قادة في مواقعهم، يتولّدون ذاتيا نتيجة حسّهم بالمسؤولية وإدراكهم عدم وجود بديل يملأ الموقع.
– هؤلاء لن يشغلوا موقع القائد لكنهم سيتحولون الى قادة فاعلين في أوساطهم بعد ان كانوا غائبين عن الساحة.
2- اليقظة :
بوجود الاب أو القائد الكبير الذي يؤدي المسؤوليات عن الجميع يحصل اطمئنان لدى الاتباع والأبناء ، وهذا الاطمئنان يولد “الاتكالية”.
– فما دام القائد موجودا فهو يحمل عنهم كل المسؤوليات، لكن فقدانه المفاجئ يكون بمثابة جرس الانذار الذي ينبههم من الغفلة.
3- الخوف يحفّز غريزة البقاء :
بغياب القائد “الخيمة” يشعر الجميع بالخطر يداهمهم ، فيتحفزون لمواجهته.
4- الثأر :
بسبب المظلومية يتولد في النفوس غضب كبير ورغبة في الإنتقام . وهذا ما يجعلهم أشدّ باسا في المواجهة مع العدو.
— ينبغي بالحريصين الحفاظ بكل الوسائل على ديمومة الشعور بالثأر واختزان الغضب، والتصدي للممارسات التي يلجا إليها البعض لتمييع الحدث وإمتصاص الغضب واعادة الأمة الى حالة الجمود والركود والسبات.
5- الأوبة بعد التيه :
بعد السيد نصر الله- حصلت نفس الظاهرة بعد شهادة المهندس وسليماني.
– شريحة من المجتمع كانت غافلة ومخدوعة بالإعلام المعادي وبالإراء السطحية لبعض المتدينين السذّج، تنظر بريبة لأولئك القادة وتشكك بهم.
– لكن إغتيالهم بهذه الفظاعة أعاد تلك الشريحة للصواب وجعل مواقفها تنقلب تماما.
وهذا ما لاحظناه خلال الأيام الماضية ، إذ فوجئنا بكثير من الذين كانوا في الضدّ او متحفظين أو غير مبالين ، وإذا بهم اصبحوا شديدي الحماسة محترقي القلوب ويصرخون باللعنة على أمريكا و”اسرائيل”.
6- تعزيز الرمزية :
غياب السيد حسن عزّز الرمزية العالية التي إمتلكها في حياته ، وسيحوله لاسطورة يتداول الجميع اخبارها ويتناقلون كلماته الرائعة وصوره البهية.
– ومن خلال ما رايناه بعد المهندس وسليماني يمكننا التنبؤ بأن الظاهرة ستكون مضاعفة بعد السيد حسن نصر الله.
7- السنة يقتربون نحو الشيعة :
التقارب كان موجودا بحدود معينة، وكانت تمنعه الأبواق الطائفية التي سقطت من اعين الناس وانكشفت عمالتها للصهاينة. واليوم نرى تعاطفا مع الشيعة يفوق كل التوقعات بما قدموه من عطاء وتضحيات تكلّلت بخيرة قادتهم.
– أصبحت شرائح من المجتمع السنّي -غير الموبوءة بالطائفية- ترى السيد حسن أيقونة وطنية واسلامية وعربية لا مثيل لها، بعد أن تتوّجت مسيرة الـ 40 عاما من الدفاع عن الإسلام ومواجهه الطغيان بـتلقيه 80 طنا من المتفجرات .. فأيّ رجلٍ هذا !!
8- إدراك خطر الصهيونية:
لم يكن احد في الدنيا غافلا عن الإجرام والعنصرية التي يحملها الصهاينة اليهود تجاه شعوب العالم عامة والمسلمين خاصة.
– لكن الكثيرين تفاجئوا بقدرة الصهاينة على تجاوز كل القيم والأعراف والقوانين، وارتكاب المجازر الفظيعة ، وإغتيال قيادات عظيمة لم يجرؤ احد على المساس بها.
9- الفرز :
بعد كل حادثة عظيمة تصيب الأمة، وعند كل منعطف خطير تمرّ به المسيرة، ينفرز الشرفاء والنجباء بشكل لا لبس فيه.
– كما تنعزل الفئة المريضة والمغرضة، وتتقوقع داخل بيئتها وينبذها المجتمع.
– أيضا تنفرز فئة المنافقين والمرجفين بشكل واضح وجليّ ويصبحون مشخّصين لدى المجتمع ، بعد ان كانوا متغلغلين في أوساطه يصعب تمييزهم.
– القران الكريم يصف تلك الفئة [ مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ ].
١٠ -١٠ -٢٠٢٤
كتابات في الشأنين العراقي والشيعي
وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة
الجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات
أي اعتداء او تجاوز ، او محاولة حذف المادة باي حجة واهية سنلجأ للقضاء ومقاضاة من يفعل ذلك
فالجريدة تعتبر حذف اي مادة هو قمع واعتداء على حرية الرأي من الفيسبوك