الرئيسية / ثقافة وادب / قصة قصيرة / متى يرحل الماضي؟
دارين المساعد / كاتبة سعودية

قصة قصيرة / متى يرحل الماضي؟

فيينا / الثلاثاء 22 . 10 . 2024

وكالة السيمر الاخبارية

دارين المساعد/ السعودية

يقلب المارة   تراب الأرض بين أقدامهم في الشارع القديم . محاصرون ضمن الحارة الشعبية حيث تجاري تعابيرهم رتابة الأيام . يسعى بين أيديهم طفل في السابعة ، بملامح المتوسل وخطوات التائه .  اخترقت الحشود وخطوتُ فوق كل بائع افترش الأرض وصولا له . هذا لأن انتهاك حقوق الطفل يؤلمني ، لقد أنقذت الكثير، لكنهم يتزايدون . هكذا كنت أردد وكل دائرة حول نفسي تعيدني طفلاً . افتش عنه و اغرق في شعور التوسل للملاحظة . صوتي يختنق وسط الزحام وجدال البيع والشراء ، لا أحد يراني . حتى لمسني من يدي ، ثم شدّ كمّي يرجو شراء بضاعته . نزلت إلى مستوى عينيه وبلغته بخطورتها و بقدرتي على المساعدة . فهم أنني أرغب بشرائها فتهلل وجهه ولكنني بعد إيماءة رفض حازم عرفته بنفسي وقصصت قصتي من طفل مشرّد الى شرطي في مكافحة المخدرات . تفحص وجهي بعينيه البنية  ثم تحسس ذقني بيده الملوثة  . قربته وبجملة وعود زرعت الأمان في نفسه  . شعرت بالانتماء لرائحة الضياع التي تفوح منه . احتضنته وملئت صدري من قوته وصبره . كان هادئاً مطيعاً . طلبته عنوانه و أجاب برفع بضاعته مرة اخرى  يريد بيعها . ساءني اصراره ونهرته . وضع يده في صدره ومن جيبٍ جانبي مرقوع اعطاني قطعة نقود خشبية مصنوعة يدويا ، عرفتها لمّا أخرجت مثلها من جيبي . أنها ذاكرتي ! تجترّ كل ما يؤلمني وتمثله حياَ أمامي فهمت أن الماضي لا يغادرنا بالنسيان ويرحل للأبد بالتقبل والتشافي .

*كاتبة سعودية

وفق حرية الرأي والنشر يتم نشر هذه المادة

الجريدة غير مسؤولة عما ينشر فيها من مواد واخبار ومقالات

أي اعتداء او تجاوز ، او محاولة حذف المادة باي حجة واهية سنلجأ للقضاء ومقاضاة من يفعل ذلك

فالجريدة تعتبر حذف اي مادة هو قمع واعتداء على حرية الرأي من الفيسبوك

اترك تعليقاً