احمد الحباسى / تونس
لا أحد يريد أن يكون مكان الملك سلمان أو التابع سعد الحريري أو ذلك المهرج التركي رجب طيب أوردغان ، لا أحد أيضا يريد أن يكون مكان الملك عبد الله الثاني أو محمد السادس أو راشد الغنوشى أو يوسف القرضاوى أو الأمير القطري تميم ، طبعا هناك آخرون من بينهم رئيس الحكومة الصهيونية و مستشارة ألمانيا و رئيس فرنسا و رئيس الولايات المتحدة الأمريكية بجلالة قدرها ، هؤلاء جميعا و بالحصر يضاف إليهم ” أمين جامعة النعاج العربية ” و ذلك التافه عمرو موسى و منظومة التضليل الإعلامي العربية من فيصل القاسم إلى عزمي بشارة مرورا بطارق الحميد و ذلك الأبله السعودي المريض الذي تعرض بالسباب للسيد حسن نصر الله على صفحات جريدة عكاظ و الذي لا يستحق مجرد ذكر اسمه ، هؤلاء جميعا يعتصرهم الإحباط و الخوف لمجرد أن اجتمع الرئيسان بوتين و أوباما منذ ساعات قليلة لا غير .
طبعا ، و كما جاء على لسان السيد وئام وهاب الوزير اللبناني السابق في حديث إعلامي منذ بضعة أيام ، المنطقة على قاب قوسين أو أدنى من حصول تحولات جذرية على كل الأصعدة ، تحولات تحدث عنها سماحة السيد حسن نصر الله بإسهاب كبير في حديثه الأخير لقناة المنار منذ أيام قليلة جدا ، لكن من الثابت أن قمة الكبار قد أطاحت بما تبقى من آمال لدى كل المتآمرين على سوريا و على محور المقاومة، متآمرون ادعوا في وقت من الأوقات أن رحيل الرئيس بشار الأسد هي مسألة ساعات تحولت مع الوقت إلى أسابيع ثم لأشهر ثم لسنوات و في نهاية الأمر سقطت كل التوقعات و بات الحلم مستحيلا و مجرد كابوس ، اتفق الكبار على كل صغيرة و كبيرة بعيدا عن عملائهم في المنطقة و انتهوا إلى أن بشار الأسد هو جزء من الحل و ليس جزءا من المشكلة .
الرئيس باراك أوباما لم يفكر طويلا هذه المرة ليقتنع بأن مطمح رحيل الأسد قد بات صعب المنال و أن كل التوقعات قد فشلت و أن السياسة الروسية لم تتغير منذ الفيتو الأول في مجلس الأمن ، طبعا هناك تحول في السياسة الروسية و لكنه تحول في الاتجاه الصحيح و هو تحول فرضه الصمود السوري طيلة أكثر من أربعة سنوات و نيف أمام أكبر منظومة إرهاب تكفيرية و تضليل إعلامية خليجية و “مؤثرات” صوتية لعل أبرزها الطبل التركي رجب أوردغان الحالم بعودة الإمبراطورية العثمانية على حصان الإخوان المسلمين ، تحول يحدث لأول مرة في التاريخ و في تاريخ الصراع العربي الصهيوني بالذات و في تاريخ المواجهة الإستراتيجية بين العملاقين ، لان الترسانة العسكرية التي حطت أوزارها داخل التراب السوري تمثل في حد ذاتها حدثا استراتيجيا مهما سواء بالنسبة لسوريا أو لمحور المقاومة الذي يمثل خط الردع العربي الأول في مواجهة الأطماع الامبريالية و الصهيونية على حد سواء .
الاتفاق الروسي الأمريكي الأخير كشف أن السعودية هي مجرد كارت محروق في بورصة العلاقات و المصالح الدولية الإستراتيجية و أن هزيمتها في سوريا و اليمن قد قصمت ظهر قيادتها العميلة و جعلتها مضغة في أفواه المستهزئين ، و واشنطن عندما تقرر فهي لا تعبأ بعملائها الخليجيين و لا بمصالحهم و همها الوحيد هو ضمان أمن إسرائيل بالدرجة الأولى و ضمان استمرار و استقرار مصالح الولايات المتحدة في المقام الثاني ، و الظاهر اليوم أن أمريكا قد ذهبت مباشرة نحو الحل الروسي الذي يرفع عنها الحرج و يعيد إليها شيئا من ماء الوجه المسكوب و يحفظ لها مصالحها في المنطقة و بالذات ترك الباب مواربا في وجه تطبيع العلاقات مستقبلا بين البلدين خاصة و أن علاقات الدول لا تحكمها إلا المصالح و بشار الأسد هو جزء مهم من معادلة الصراع في الشرق الأوسط و صلع من أضلاع منظومة المقاومة التي أسقطت مشروع الشرق الأوسط الكبير و فرملت الاندفاع الصهيوني الأمريكي لتفتيت الدول العربية .
لعل بداية الضربات الروسية الموجعة لكيان الإرهاب التكفيري السعودي في سوريا منذ ساعات هو الإشارة الأولى على بداية توافق الكبار ، و لعل نزول الطائرات العسكرية مصحوبة ببعض القوات الروسية الخاصة و المتعددة الاختصاصات العسكرية هو ضربة موجعة لمشروع المنطقة العازلة التركية داخل الأراضي السورية التي طالما مثلت حلما للقيادة العسكرية و السياسية التركية ، في حين يرى كثير من المراقبين أن نظام الأردن و تيار الحريري و مخابرات بندر بن سلطان لم يعد في مقدورهم اليوم القفز على حقيقة الوجود الروسي العسكري في سوريا و أن الأوامر و التعليمات الأمريكية قد جاءت صريحة بوجوب القبول بالأمر الواقع و عدم التحرك داخل الأراضي السورية تجنبا للضربات الروسية ، هذا مهم و يؤكد أن تواجد قوات المقاومة التابعة لحزب الله قد أدت مهمتها القتالية و الإستراتيجية باقتدار شديد ، في حين تؤكد السياسة الخارجية الإيرانية قدرتها الفاعلة على تحقيق الانتصارات السياسية في أهم الملفات الحرجة التي تهم إيران و المنطقة العربية لان النجاح الباهر على مستوى الملف النووي و النجاح على مستوى الملف السوري في أقل من شهر يمثلان في الواقع ضربتان موجعتان للنظام السعودي المتهالك تحت ضربات المقاومة اليمنية .
لم يبق اليوم للنظام السعودي العميل إلا أن يلطم خده الملطخ بدماء الأبرياء في سوريا و اليمن و العراق ، و لم يبق لسعد الحريري إلا أن يتوارى على الأنظار في منتجعات فرنسا ، و لم يبق لرجب إلا انتظار انهيار منظومة ” الأنموذج التركي” الكرتوني بالكامل ليعود شريدا بين الأطلال تماما كما يفعل العميل محمد المرزوقي و شقيق السوء راشد الغنوشى ، هذه هي ضريبة الخيانة و العمالة للصهيونية العالمية ، في حين تواجد حزب الله أين يجب أن يكون ، و بقى الرئيس الأسد ” أسيرا” لإرادة الشعب السوري كرئيس و قائد للمقاومة العربية ، فهل بعد هذا يتساءلون ، متى سيرحل الأسد ؟ …دعهم يتساءلون و بهموم الهزيمة النكراء مهمومون .
بانوراما الشرق الاوسط