علاء الرضائي
لم يمض أكثر من سويعات على التهديد الواضح والجليّ لقائد الثورة الاسلامية سماحة الامام الخامنئي بالرد القاسي على تمادي السعودية في ايذائها للشعب الايراني وحجزها لجثامين ضحايا كارثة منى.. جلس وزير الصحة السعودي مع نظيره الايراني واتفقا على اعادة الجثامين التي وصل عددها الى 465 الى ايران، بعد ان كان السعوديون يرفضون اي لقاء..
اذلة صاغرين… لا يفهمون سوى منطق القوة “والعبد تنفعه العصا“ كما تقول العرب في مثلها، هكذا هم حكام السعودية اليوم الذين استهتروا بنفوس ودماء وبلدان المسلمين من الشام حتى اليمن “السعيد” قبل ان يقيم آل سعود مملكتهم.. هؤلاء واقولها بصراحة لبعض الطيبين – من منطلقات الوحدة الاسلامية والتقريب والدبلوماسية – سوف يستغلون طيبتكم ويتماهون في غيّهم متكأين في ذلك على الدعم الأميركي ـ الصهيوني ـ الفرنسي…
وهم من الصلافة والبداوة والحقد ما يجعلهم يتصورون الحلم ضعفاً.. كما يقول المثل الفارسي المقارب لقول العرب: “اذا أنت اكرمت الكريم ملكته… وان أنت اكرمت اللئيم تمردا”… فهؤلاء لؤماء العرب (الاعراب).. انظروا كيف “قاتلوا اسرائيل” وكيف يقتلون بأهل سوريا والعراق واليمن؟!… لقد اعماهم الحقد وأصمتهم العمالة.
اعود الى العنوان… فالحديث الذي ادلى به سماحة الامام الخامنئي في قاعدة نوشهر البحرية (شمال ايران) كان واضحا في عباراته ودلالاته وهو ما أكده مستشاره الدكتور علي أكبر ولايتي.. في ان ايران تُعدّ وتَعِدُ برد قاسي لن يكون للسعودية فقط، بل لحلفائها وحماتها.. وهذا يعني ان هناك اكثر من سيناريو للرد، من ما يسميه البعض حربا بالوكالة حتى الصدام المباشر…
الحرب بالوكالة
قد يفهم البعض من الحرب بالوكالة ان ايران ستحتمي خلف الاحزاب والتنظيمات او البلدان الحليفة لها، كما يفعل السعوديون والخليجيون الذين يعانون من جبن وهروب جنودهم في ساحات المواجهة (وصور القتال في جنوب السعودية وفي اليمن خير دليل على ذلك).. ابداً، ايران تنظر الى جبهة المقاومة ككيان واحد وتتصرف بحجم التهديد الذي يطال حلقات هذه الجبهة ومكوناتها.. فأذا كان الأمر لا يتطلب غير استشارات ودعم يُكتفى بذلك، واذا تطور الأمر يختلف الموقف… ولا نحتاج لكثير من الشروحات والبيان لذلك، فما حصل في سوريا عام 2013 ومشروع “بندر” الكيمياوي، خير دليل على قولنا.. كان الموقف الايراني واضحاً هو الحرب في وجه اي تطاول اميركي على دمشق، وجرّت روسيا اليه…
وهذا يعني تسخين الجبهات القائمة الآن من عدن حتى الشام، مروراً بكل نقاط التماس الحالية والتي يدرك عمقها وخطورتها السعوديون وغيرهم من المطبلين.
فتح جبهات جديدة
هناك جبهات جديدة ومؤذية يمكن فتحها بوجه السعودية في داخل الجزيرة العربية وخارجها، وفي آسيا وافريقيا… وسوف اترك الحديث في هذا المجال.. يكفي ان اذكر ان السعودية انهكها القتال في جبهتين (سوريا واليمن ) وفقدت من مكانتها وقواتها ومعداتها واموالها ما جعلها تستخدم أهم ورقة عندها هي الحج، وتخاطر بسمعتها لأن اليمن افقدتها توازنها.. فكيف اذا اضيفت اليها جبهتين اخرتين على سبيل المثال؟!
الصدام المباشر
قد يتخذ شكل ضربات محدودة لبعض المواقع في العمق او الساحل السعودي او اغلاق مضيق هرمز بوجه الناقلات السعودية ـ فقط ـ او فرض حصار بحري على بعض موانيئها.. وبالطبع فأن النتيجة في ذلك ستكون العمل على احتواء الموقف بالادانات الغربية والمساعي الدبلوماسية.. أما اذا تطور الموقف فهو حرب اقليمية، ستكون السعودية وشقيقاتها الخليجيات هي الخاسر الاكبر فيها.. والسبب الرئيس هو ان قوتها مجتمعة لا توزان القوة الايرانية وان حلفائها الغربيون لن يستطيعوا تقديم الكثير لها، لأن الاضرار بكل الاشكال ستصلها.
والأهم من ذلك كله هو محدودية انتشار مواقها ومنشآتها.. فالامارات ـ مثلاً – حليفتها لاتتجاوز أهدافها 5-6 هي الأساسية وهكذا البحرين بما يجعل البلاد كلها تشلّ بالكامل، حتى السعودية فأن كل منشأتها الحيوية تتركز في 3 او 4 مناطق، أهمها على مدى حجر من ايران!
في حين ان الأمر بالنسبة لايران يختلف تماماً فالمنشآت موزعة من اقصى الشمال الشرقي حتى الجنوب الغربي ومن شمال غرب البلاد حتى جنوب شرقها، كما ان تضاريسها تجعل من استهداف العديد منها في غاية الصعوبة…
ولن تستطيع القوى الكبرى الحليفة للسعودية عمل شئ لأنها ستحيّد اولاً من خلال خاصرتها الضعيفة (الكيان الصهيوني) ومن خلال الخوف باستهداف قواعدها المنتشرة في المنطقة.
ورغم انني استبعد في الوقت الراهن حصول صدام مباشر بين السعودية وايران.. لكن فتح جبهات جديدة في مقابل نظام آل سعود قضية مهمة.. فهذا الشرّ لابد ان تقلّم اظفاره من خلال سحق مشروعه في سوريا والعراق ولبنان والبحرين واليمن اولاً… وفي شرق وشمال افريقيا ثانياً.. وينبغي تدمير امكانياته الاقتصادية التي هي الورقة الاساس لديه وكذلك بالنسبة لاشقاءه الآخرين المشاركين في العدوان على سوريا والعراق واليمن.
وانني على ثقة ان التعامل مع آل سعود بلغة الدبلوماسية والقانون والاحتواء والتقارب والتفاهم لن تجدني نفعاً.. لا اليوم ولا غداً ولا بعد 20 سنة، ان بقيت السعودية.. لأن هذا النظام لديه مهمة في هذه المنطقة بجانب شقيقه الكيان اللقيط في فلسطين المحتلة… ولن ترتاح المنطقة الّا بتطهير المنطقة من لوثهما.
هذان النظامان ليسا من سنخ المنطقة ولا المسلمين، بل خارجان عن سياقاتها التاريخية والفكرية والنفسية. القائمة على التنوع والتعايش.. وللأسف فأن بعض الناس تتعامل معهما كحقائق مفروضة على الارض.. لكن الذي يريد ان يعيش بسلام، لا بد ان يغير هذه “الحقائق” المفروضة، ويبحث عن علاج للغدتين السرطانيتين، حتى لو كان العلاج “كيمياوياً او نووياً”…
لم اتحدث عن الجهد الدبلوماسي في مواجهة النظام السعودي وحلفائه لأني لا أومن به وحده ولأنني كما كان صديقي الشاعر مدين الموسوي (جابر الجابري لاحقاً ) يقول: “لأنني أؤمن في كف على زناد بندقية.. حتى ولو لم تحسن الاطلاق!”
بانوراما الشرق الاوسط