أحمد الحباسى / تونس
منذ أسابيع قليلة كشف الإعلام العربي حجم الأموال التي تنفقها السعودية لفائدة بعض وسائل الإعلام العربية بغاية تلميع صورة النظام و حجب كل صوره القبيحة عن الأنظار ، طبعا الشيء من مأتاه لا يستغرب ، و النظام يحتاج فعلا إلى كميات كبيرة من وسائل التنظيف و التعقيم و إلى كثير من عمليات الشفط حتى يتجمل و ينظف خاصة أن جرائمه الدموية في العراق و سوريا و اليمن قد جعلته على لائحة أكثر دول العالم عنفا و إجراما و دموية ، و ما قام به النظام من تقديم الأموال و الهدايا و العطايا لبعض الكتاب الأجراء المعروفين مثل صالح القلاب و ياسر أبوهلالة و طارق الحميد و بقية شلة تيار المستقبل و جريدة الشرق الأوسط و بعض “المتعاونين” مع قناة الجديد ليس فعلا خادشا للحياء كما يظن البعض لان الولايات المتحدة نفسها تقوم بنفس الفعل القبيح للتغطية على عوراتها و جرائمها و ديمقراطيتها المضروبة و مجلس أمنها الطيع و أمين عام المجلس العميل و بقية الدائرين في فلك منظومة الفوضى الخلاقة .
منذ أيام كشف رئيس تحرير صحيفة “الشروق” المصرية عماد الدين حسين عن توجيه النظام السعودي من خلال سفيره في مصر الدعوة لكل رؤساء تحرير الصحف المصرية و عدد من كبار مقدمي البرامج السياسية للحج هذا العام ، طبعا ، النظام السعودي يقوم بحملة دعائية عامة و يريد إسكات بعض الأفواه الناطقة بعدائها للمملكة كدولة راعية للإرهاب و لسلوك النظام كنظام عميل ينفذ أجندة صهيونية معلومة لضرب سوريا و اليمن بالذات ، و طبعا عماد الدين حسين لم يفوت الفرصة كغيره من إعلام شارع محمد على المتلون بكل ألوان الطيف ، و بالنهاية ، نحن لا نلوم السيد حسين فهو ينهى عن المنكر في مقاله الأخير ” الحب وحده لا يكفى ” و لكنه يأتيه في نفس الوقت حين يتحول فجأة و دون مقدمات منطقية من ناقد للنظام السعودي إلى كاتب بالأجر و مسافر على حساب النظام و لفائدة مشروع تبييض إرهاب المملكة في اليمن و في سوريا و العراق و مصر بالذات ، نحن نلوم فقط كل “مشاريع” التلون الإعلامي لصالح تلميع صورة المملكة الذين طالما نددوا و غضبوا و تعالت أصواتهم لكنهم يركعون اليوم لقانون الدولار و قانون العرض و الطلب و يشاركون اليوم عن طواعية في “الطريق إلى جسر الجمرات” ( مقال للكاتب المتحول نفسه ) ضد الشعب اليمنى و السوري بالذات .
من “آثار” الدعوة السعودية للسيد حسين و “زملاءه ” أن خلت الشروق من أي مقال يتعرض للسعودية رغم كارثة منى ، و ربما كان قصد السيد حسين من مقاله ” الفقراء لا يدخلون البرلمان ” …فقراء الدول العربية الذين قتلهم نظام الموت السعودي في أكبر مجزرة معبرة عن سقوط هذا النظام في دوامة العنف و الإرهاب و الاستبداد ، من المعيب أيضا أن نجد نفس الكاتب “الحاج” على حساب المملكة من المنتقدين الأشداء لوزارة الزراعة المصري السابق صلاح هلال المتهم بالحج على حساب الدولة معللا بأن أداء هذه الفريضة لا يستقيم مع الرشوة ، في نفس الوقت لا يستحق أحمد المسلمانى و مجدي الجلاد و ياسر رزق ممن كشف موقع اليوم السابع أسماءهم مجرد تعليق ، و رغم أن ” الدعوة” السعودية لحج هؤلاء المتقلبين لمملكة الفساد قد جاءت في سياق “أمر” من خادم الشيطانين أمريكا و إسرائيل كما يقول السفير السعودي في مصر لمعالجة الخلاف في وجهات النظر فقد ظهر في نهاية المطاف أن الآراء و المواقف و المبادئ الإعلامية المصرية يمكن شراءها ببخس الأثمان ، أيضا تأتى هذه الدعوة في نطاق ما كشفته وثائق ويكيليكس الشهيرة من سعى المملكة لتطوير و تحسين علاقاتها المتأزمة بالإعلام المصري من خلال الرشاوى ، المرتبات الشهرية و العطايا .
” هات الريال نسكت العيال ” …هكذا تفهم السعودية إعلام مصر و تنظر إلى رئيس مصر ، فالإعلام المصري هو يد النظام للضغط على دول الخليج لتقديم الريال مقابل السكوت عن خطايا الأنظمة ، و المال النفطي هو يد الدول الخليجية القوية لضرب الإعلام المصري و تطويعه و جعله أداة لتبييض مساوئ هذا النظام ، و شخص كمجدي الجلاد بارع في هذه الحياكة الإعلامية و مطلوب بشدة من المملكة في هذه اللحظة التي تواجه فيها حملات غير مسبوقة من الكراهية بسبب عدوانها المتواصل على اليمن و استهدافها للشعب السوري ، لكن الشعوب العربية اليوم قد أصبحت على وعى بأن كثيرا من هذه الخناجر الإعلامية قد فقدت ورقة التوت و خسرت مواقعها في معركة المواجهة بين العروبة و الصهيونية و بين المقاومة و الاستسلام و لذلك لن تنفع كل رحلات الحج و العمرة لهؤلاء العملاء المصريين من تلميع صورة نظام مفلس يسعى بكل الطرق للتغطية على جرائمه ضد الإنسانية و كفره بالإسلام .
من المعلوم أن هناك كتاب مصريون يقفون في صف رفض النظام السعودي من بينهم إبراهيم عيسى و يوسف الحسيني و أماني الخياط و توفيق عكاشة ، لذلك ليس مستغربا أن تخرج جريدة الوطن المصرية قائلة ” ملك السعودية لم يكمل عامه الأول على كرسي العرش و مع ذلك بدأت تنهال عليه المصائب الواحدة تلوى الأخرى ، من الداخل و الخارج ، و في أول موسم لفريضة الحج بعد توليه الحكم حصلت مصيبتان بحجم الكارثة “، و رغم أن هناك من باع الضمير بتذكرة حج ملوثة بدماء شعوب اليمن و سوريا و العراق ، فمن المؤكد أن مصر لن يلوثها لا سلمان و لا السيسى ، لان مصر هي من دفعت الأثمان الباهظة في كل المواجهات مع الأعداء و لن يستطيع نظام مافيا سعودي إخضاع وجدانها المقاوم نهائيا ، و حتى لو نقل ملك المافيا كل إعلام مصر فسيبقى هناك من يرفع القلم ليكتب و يكتب ، ليسقط الخونة ، ليسقط القتلة ، لتسقط المافيا ، ليسقط العملاء .
بانوراما الشرق الاوسط