السيمر / الاثنين 17 . 10 . 2016
شوان داودي*
مع اقتراب عملية تحرير الموصل، تتضح اكثر فاكثر صورة الاقطاب الداخلية والاقليمية والدولية، ويتضح معها اكثر الضهور التركي في المعادلة بهذا الشكل الوقح الذي يفتقر الى اخلاقيات السياسة والدبلوماسية ويخرج عن اعرافها.
البرلمان العراقي في جلستة الحادية والعشرين في الرابع من تشرين اول 2016، تناول موضوع التدخلات التركية وانتهاكاتها للحدود الدولية للعراق، وجرى مناقشته بشكل موسع واتخذ بموجبه قرارا بعد التصويت عليه, وصدر عنه بيان يشجب التدخلات المذكورة.
صوتت كل الكتل البرلمانية على قرار البرلمان المذكور ولم يقف احد ضده حتى من ارتبط مع تركيا بعلاقة مثل الجبهة العربية التي يراسها صالح المطلك وكتلة النجيفي والجبهة التركمانية والحزب الديمقراطي الكردستاني.
كنت قد نشرت العام الماضي وتحديدا في 25/7/2015 بيانا ادنت فيه التدخلات التركية سواء في العراق او في اقليم كردستان وطلبت من مجلس النواب والحكومة العراقية الغاء الاتفاق المعقود مع تركيا والذي كان يهدف الى مطاردة مقاتلي حزب العمال الكردستاني, ويسمح لتركيا بالتوغل في الاراضي العراقية.
اعضاء من كتلة الاتحاد الوطني الكوردستاني التي انتمي اليها وهم كل من ئالا طالباني وفرهاد قادر كانوا قد طرحوا هذا الموضوع على وزير الخارجية ابراهيم الجعفري اثناء استضافته من قبل لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان فرد الوزير قائلا “انه ليس هناك اي اتفاق موقع بين الطرفين بهذا الخصوص وان هذا الاتفاق جرى عبر اتصال هاتفي لهذا الغرض بين حكومة البعث السابقة وتركيا”, وزود الزملاء وزير الخارجية بتقرير مفصل عن كافة الانتهاكات التي ارتكبتها تركيا بالاضافة الى عمليات القصف للقرى في كوردستان العراق.
رغم ان احدا لم يستطع اثناء تناول البرلمان لموضع التدخلات التركية ان يقف بالضد منه بشكل مباشر، الا ان قسما من القوى السياسية العربية والتركمانية والكردية مارست دورا واضحا في تهيئة الاجواء للتدخل التركي بلا استحياء, ولم تخفي تعاطفها مع تركيا ومساعدتها في ممارسة هذه التدخلات ودعمها له.
استطاعت تركيا من استغلال كافة الفرص التي اتاحتها الحروب والخلافات منذ عام 1982 خلال الحرب العراقية الايرانية, بالاضافة الى الظرف الناجم عن انتفاضة الشعب العراقي عامي 1991 و1992, وسنوات الحرب الداخلية الكردية 1995-1997, والان ظروف الحرب مع داعش للتدخل في العراق واقليم كردستان.
يمثل معسكر بعشيقة الذي اثيرت حوله هذه الضجة الكبيرة، واحدا من 19 معسكرا تركيا داخل الاراضي العراقية ، واستغرب ان لا تبصر عين الحكومة العراقية ال (18) معسكرا الاخرى التي سبقت معسكر بعشيقة, وكأن اراضي اقليم كردستان ليست اراضي عراقية؟!.
لقد صرح اردوغان اثناء تواجده في السعودية مؤخرا بكل وقاحة بطرد الشيعة من الموصل وان لا يبق في الموصل سوى السنة (العرب, والكرد, والتركمان).
يتخذ اردوغان من حجة (حماية التركمان) كواحدة من ذرائعه للتدخل في العراق, ولكن تركمان تلعفر هم من التركمان الشيعة, وهذا يكفي لاثبات ان تركيا تسعى الى تعميق الخلافات المذهبية والقومية في العراق, ومتناسية في ذات الوقت ان في الموصل اضافة الى المسلمين هناك وجود كبير للايزيديين والمسيحيين والارمن!!.
من هي القوى التي تتعاون مع تركيا….؟
*الحزب الديمقراطي الكردستاني
ان مناطق نفوذ الحزب الديمقراطي الكردستاني تقع تحت تأثير النفوذ التركي وتشترك مع تركيا في حدود واسعة اضافة الى وجود منافذ حدودية وعلاقات اقتصادية وتجارية واسعة بينهما, ومصالح مشتركة.
ان الحزب الديمقراطي الكردستاني من خلال استغلاله لحكومة الاقليم, وحزب العدالة والتنمية من خلال استغلاله للحكومة التركية, مستفيدان, الاول بسب الصراعات الداخلية ومن اجل مصالح الحزب الديمقراطي في كردستان والعراق. والثاني في مواجهة مناوئيه كحزب العمال الكردستاني وجماعة كولن.
لايفوتنا ان نشير هنا ان الحزب الديمقراطي الكوردستاني في هذه المسألة بالذات يقف في الوسط ويضع قدما في بغداد وقدما في انقرة، فهو في بغداد يقف بالقول فقط مع الحكومة العراقية، وفي كردستان اختار الديمقراطي الصمت رغم ان كل الاحزاب الكردستانية اعلنت عن موقفها الرافض للتدخلات التركية، وفي الحقيقة فان مصالح الحزب الديمقراطي تتوجب عليه ان يكون مع تركيا بصدق.
*الجبهة التركمانية
الجبهة التركمانية تأسست على يد تركيا فهي لا تستطيع الفكاك من سيطرتها. ففي مؤتمر المعارضة العراقية في لندن عام 2002 وبحسب الوثائق فان الجبهة التركمانية وقفت بالضد من اسقاط النظام البعثي في العراق التزاما منها بالنصائح التركية، ونتيجة لموقفهم ذلك حرموا بعد السقوط من حصتهم في الكعكة السياسية العراقية، واستبعدت الجبهة التركمانية من مجلس الحكم في بداية التغيير وجرى تعيين شخص من التركمان في المجلس من خارج الجبهة واستمر الامر الى حكومة العبادي التي استبعدت الجبهة ايضا واتت بمرشح خارجها ايضا. وساتناول موضوع التركمان بشكل مفصل لاحقا, لان التركمان يجب ان يعرفوا هذه الحقيقة وهي انهم يدفعون الان ضريبة موقف الجبهة التركمانية المتورطة في انتهاج السياسة التركية في العراق.
*الجبهة العربية
موقف الجبهة العربية التي يترأسها صالح المطلك ليس غريبا عندي لكن جاء تناوله متأخرا بعض الشيء لان المطلك معروف بانه “رجل الوفاء” لاصدقائه حتى ولو كان ذلك على حساب وطنه، ولذا كان المدافع الوحيد عن منظمة مجاهدي خلق رغم ان هذه المنظمة كانت اداة النظام البعثي القمعية ضد الشعب العراقي اثناء انتفاضة عام 1991 وكذلك في 31 اب 1996 عندما اقتحمت قوات البعث مدينة اربيل. وهو اليوم يطالب بما تطالب به تركيا ويدعو الى طرد حزب العمال الكردستاني من العراق ويعتبر المطلك حزب العمال منظمة ارهابية ، في الوقت الذي يقف مقاتلوا هذا الحزب في جبهات القتال ضد داعش في الموصل وكركوك وصلاح الدين وديالى وقدموا من اجل ذلك عشرات الشهداء، اضافة الى حمايتهم ابناء تلك المناطق وقاموا بحماية الاف مؤلفة من ابناء مناطق المطلك ومن لف لفه من سطوة داعش.
*عائلة النجيفي
اثيل النجيفي يكرر نفس الدور الذي مارسه انطوان لحد اللبناني الذي دعمته اسرائيل في إنشاء جيش لبنان الجنوبي لمقارعة القوى الوطنية اللبنانية والفلسطينية في ثمانينات القرن والذي انهار وتبخر فهل سيكون اثيل النجيفي انطوان لحد تركيا في العراق؟.
ولذا ارى ان من الضروري ان تنتقل الحكومة العراقية في التعبير عن موقفها الى مرحلة الفعل وان تتخذ كل الوسائل والسبل القانونية سواء بالاعلان عن الغائها للاتفاق الذي تتحدث عنه تركيا وتعطي لنفسها الحق استنادا اليه لمطاردة مقاتلي حزب العمال الكردستاني داخل الاراضي العراقية، او بمحاكمة كل الاشخاص والاطراف الذين يتعاونون مع تركيا بالضد من العراق وفقا للقانون.
*نائب في البرلمان العراقي