السيمر / الأحد 20 . 11 . 2016
معمر حبار / الجزائر
أتابع الحصص الخاصة بالحيوانات منذ صغري، إذ كنت أتابعها رفقة أخي الأكبر، وكانت يومها تعرض عبر القناة الجزائرية الوحيدة بالأبيض والأسود وباللغة الفرنسية.
إستمر هذا الإعجاب إلى غاية كتابة هذه الأسطر، ومازال الإعجاب يمتد والطفل مقبل على 51 سنة وأب لأربعة.
هناك شيء تغيّر وهو الذي دفع بصاحب الأسطر أن يخط هذه الأحرف، إذ كان الطفل في صغره معجب بالحيوان ذاته.. سرعة فهد، إنقضاض أسد، ضخامة فيل، حيلة ثعلب، مكر ذئب، لدغة عقرب، ضربة تمساح.
أما اليوم فهو مهتم بالأمريكي ، والأوربي ، والكندي ، والرجل الغربي والمرأة الغربية بشكل عام. كيف ذلك؟.
يترك أحدهم من ورائه المال الوفير، وحياة الملوك، وزينة الدنيا، ورفاهية لم يحلم بها الغني عندنا، وحصانة من دولته، وحماية من مجتمعه، ومستقبل يصنعه وينتظره، وقوة ترعاه وتدفعه.
ومع كل هذه الإمكانات ينزل إلى الأمازون، وأدغال إفريقيا .. ينتظر شهورا ليفقص بيض النسر، وسنوات ليلتقط صورة لحيوان لم يره أحد، ويظل يراقب تزواج عقرب، ويتبع التمساح ويغريه ليتأكد من شدة عضة أنيابه، ويتبع فهدا لأربع سنوات كما ذكرت عالمة غربية ذلك .
فيحرم نفسه النوم لسنوات، ويعرّض حياته للخطر، ويجبر على أكل ما تتقزّز منه النفوس، ويبتعد عن الزوج والولد لعقود، ويخالط المجتمعات البدائية التي تقتات على القرود وكل من له روح.
ثم يعرضون أعمالهم الجليلة في قالب يسر الناظرين، وينتفع به الباحث، ويساعد أهل العلم والفكر، ويسلي الأطفال، ويمتّع الكبار، ويبقى وثيقة علمية مبنية على تجارب العقود والسنوات، تستفيد منها أجيال وأجيال.
ثم تقدم أعمالهم بلغات العالم إلى الإنسانية جمعاء دون استثناء، ودون أن يحرموا مجتمع من مجهوداتهم بسبب دين، أو عرق، أو لغة، أو موقف سياسي، أو اختلاف في الرؤية .
آن لنا أن نشكر هؤلاء الأبطال الذين جعلوا الإنسانية جمعاء تعرف حقائق غريبة دقيقة عن السلوك الحيواني في دقائق ، وعبر جلسة قهوة أو شاي وهو يتمتّع بتلك المناظر التي تشد الأنظار، وتحبس القلوب لروعتها والعقول لجمالها وتميزها الخلاب.
تحية تقدير للأوربي والأمريكي والرجل الغربي والمرأة الغربية، الذين خدموا البشرية باسم البشرية، ومتّعوها وهم لا ينتظرون منها شيئا، وقدموا لها من العلوم والمعارف في أسلوب سهل ممتع، وعبر صورة جذابة تجلب العقل والقلب معا.