السيمر / الخميس 15 . 12 . 2016 — نشرت صحيفة “أرغومينتي إي فاكتي” مقالا لمعلقها الموجود في أحياء الموصل، التي حررها الجيش العراقي، يشير فيه إلى أن “تحرير” المدينة بمساعدة واشنطن سيجعلها مقفرة من الناس.
وهذا ملخص لما جاء في المقال:
الطقس جميل ودرجة الحرارة 15 درجة مئوية. أصوات إطلاق النار وانفجار القنابل تُسمع من جميع الجهات. والدخان المتصاعد من خزانات النفط، التي أحرقها “داعش” لمنع قصف المدينة، يسبب السعال. الهجوم على المدينة انطلق قبل شهرين، بيد أن الجيش العراقي والبيشمركة نتيجة لمقاومة الإرهابيين اليائسة لم يتمكنا إلا من استعادة السيطرة على ضواحي المدينة الشمالية. جثث القتلى لا ترفع قبل الكشف عليها من جانب خبراء المتفجرات، خوفا من أن تكون مفخخة. وهناك سيارة أجرة يرقد فيها قتيلان رجل مسن وفتاة، يقول الضابط العراقي الذي يرافقني إن ذلك من فعل طائرة أمريكية. والمنازل في زقاق صغير خاوية وتنبعث من منزل مهدم روائح الجثث.
لم أشاهد خلال ساعتين من جولتي في الأحياء، التي حررت يوم أمس 13/12/2016 جثة إرهابي واحد، بل كانت هناك جثث السكان المدنيين فقط، في حين تتهم الولايات المتحدة من دون أي دليل القوات الجو– فضائية الروسية بقصف المستشفيات في حلب. إن ما يجري في الموصل هو مذبحة دموية، وهذا بالطبع لا يثير اهتمام الغرب.
يقول محمد الحميدي وهو معلم في إحدى مدارس الموصل تمكن من مغادرة المدينة قبل ثلاثة أيام، إنهم يمحون الموصل عن وجه الأرض، القنابل تتساقط في كل مكان وباستمرار. لا أعلم من يقصفنا، ولكن يقال إنهم أمريكيون وكنديون وفرنسيون. الطائرات تعمل ليل نهار وتقصف أي تجمع للناس. وفي حين أن الإرهابيين استعدوا جيدا لمواجهة المهاجمين وجهزوا ملاجئ تحت الأرض يحتمون بها، فقد تُركنا لمصيرنا نحتمي في سراديب منازلنا ولا نغادرها إلا ليلا للحصول على الماء. ولم تفتح ممرات إنسانية للخروج من المدينة، كما فعل الروس في حلب. لذلك لقي الكثيرون حتفهم عندما حاولوا مغادرة المدينة عبر مواقع القوات العراقية.
نسمع أصوات انفجارات، تهتز الأرض تحت أقدامنا، وهنا يصرخ الضابط: غارة جوية علينا مغادرة المكان. فقلت له لماذا، فهم يقصفون مواقع الإرهابيون؟ ضحك الجنود، وقال أحدهم: “الأمريكيون يقصفون أينما كان، فقبل أسبوع قصفوا مستشفى، وبرروا ذلك بأن الإرهابيين كانوا يختبئون فيه”.
لقد تحولت المباني في ضواحي الموصل إلى أنقاض، ولا يُعلن عن عدد الضحايا بين السكان المدنيين، ولا يسمح للصحافيين غير المرغوب بهم بالوجود في النقاط الساخنة إلا على بعد كيلومترين من خط الجبهة، بحجة الحفاظ على حياتهم. وإضافة إلى هذا، يتم في المركز الصحافي تدقيق الصور الملتقطة، حتى أنهم أخذوا كاميرتي ليطلعوا على الصور التي التقطتُها وأعادوها لي بعد أن حذفوا الصور “السيئة” كافة.
تقول فاطمة (28 سنة)، التي تقيم مع أولادها الثلاثة في مخيم للاجئين منذ بداية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي: لقد قتل الكثيرون من سكان شارعنا، من بينهم جارتي وابنتها. لم نكن نعرف ماذا علينا فعله، ولكننا رسمنا على قطعة قماش بيضاء شكل الهلال الأحمر ووضعناها على السطح لتصبح مرئية من الأعلى. ولكن هذا لم ينفع، فقد استمر الأمريكيون في قصفهم الحي. وقد برر الجانب الأمريكي ذلك بأن في هذه المستشفيات تتم معالجة الإرهابيين الجرحى. المدينة محاصرة وليس لدينا ماء أو دواء أو غذاء. وإذا شوهد مسلح على سطح أي منزل، فإن هذا المنزل يُزال ومعه المنازل المجاورة من على وجه الأرض. وتضيف: لم أكن واثقة من أنني وأولادي سنبقى على قيد الحياة.
هذا الكلام بسيط جدا مقارنة بما يتناقله اللاجئون فيما بينهم همسا، بيد أني لا اتحدث عنه لأنني لا أعلم مدى صحته، على الرغم من أن في كل حرب تحدث أمور جديدة.
عدنا في المساء إلى الخطوط الخلفية، حيث بدأت المروحيات والمدفعية بقصف المدينة. وهنا يطرح السؤال نفسه: هل يمكن أن ينجو أحد من هذا الجحيم؟
يُقتل في الموصل بنتيجة القصف الألوف. غير أن هذا لا يقلق الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، فهم يُقتلون باسم الديمقراطية!
روسيا اليوم