عبد الجبار نوري
آه —– آه يا عراق لا تفي كلمات الغزل وجميع مذاهب العشق وخواطر الرومانسية بك يا وطني —- يا نبض القلب وحدقات العيون ( كلك على بعضك حلو ) وأحسن الشاعر محمود سامي البارودي في حنين الوطن :
وكيف أنسى دياراً قد تركتُ بها / أهلاً كراماً لهم ودي وأشتياقي
إذا تذكرتُ بهم أياماً سلفت / تحدرت بغروب الدمع آماقي
فيا بريد الصبا بلّغ ذوي رحمي / أنّي مقيمٌ على عهدي وميثاقي
فلا بأس ما عانينا ولاقينا منهُ صنوف الضيق والتعسّف بيد أنّ فيها نكهة لذيذة كما يقول المثل ( كرصة الحبيب كطعم الزبيب ) وكنا يوم أمس في سيمنار ثقافي في نادي 14 تموز/ ستوكهولم ، وأعجبني رأي زميلنا الكاتب والباحث الأستاذ ” فرات المحسن ” وهو يقول ” لا بأس عليكم أنّ العراق أبونا والأب له الحق في مصير أولاده فألّمنا وسجننا وأبعدنا خارج الوطن ” نعم ياعزيزي تقبلنا منه بكل رحابة صدر لأنهُ هو الآخر بيع في مزاد العهر السياسي ولم يستطع مقاومة الضغوط الداخلية والأقليمية والخارجية وخاصة ألاعيب المخابرات الأمريكية .
رحماك يا عراقنا الحبيب كم كبوة كبوت عندما لازمك الطالع السيء منذُ بزوغ هلالك البهي على ربوعنا وسهولنا الخضراء في 1920 وألى اليوم وأنت تعاني الأسر والحديد يكبل يديك يقودك مجنون تارة ووغد عسكري مغامر تارة أخري وزجوك في معاهدات مشبوهة وحروبٍ عبثية لا ناقة لك فيها ولا جمل ، جاءت على الأخضر واليابس ، وللأسف أستلمك المعارضون بعد 2003 وفشلوا في تحقيق أصلاح ما هدمه النظام الصدامي بل باعوك للصوص المال وأوصلونا إلى الأفلاس ، والخراب في البنى التحتية والفوقية ، وأنهيار الدولة المؤسساتية محفوفة بأنفلات أمني وعسكري ، وتسابق ألف أبو ” رغال ” لتسليم مفاتيح أبوابك المقدسة إلى دولة الخرافة داعش . لذا اليوم”أما أنْ نكون أو لا نكون”حيث لابدّ من {التغيير } فهب شعبك الغيور وبكافة أطيافهِ بتظاهرات سلمية حضارية متمدنة تطالب الأصلاح والخدمات وهي مستمرّة بأصرار للوصول للتغيير .
ونقطة نظام سُجِلتْ على الحكومة الأتحادية وهي يوم 23/ من أيلول الماضي عندما قام مسلحون مجهولون يستقلون عجلات من نوع ( تاهو ) قد أقتحموا مطعما شعبيا في منطقة الوزيرية وأختطفوا تحت تهديد السلاح الناشط المدني ” جلال الشحماني ” وصاحب المطعم وأثنين من زملائه الناشطين المدنيين في بغداد بوضح النهار ، ولا زال مصيرهم مجهولا لحد الآن ، ويذكر أنّ أختطاف الشحماني ليس الحالة الأولى ضد العناصر البارزة في الحراك الجماهيري المطالبة بالأصلاح ، أذ كان مجهولون أغتالوا الناشطين { مسلم هيثم الركابي ووليد سعيد الطائي} كما أغتالوا الشيخ { صباح الكرموش } وهو من أبرز منظمي الأعتصامات في البصرة ، وواجهت شرطة الحكومة المحلية في الحلة المتظاهرين بالرصاص الحي ، وقاموا بالأعتداء على مجموعة من المشاركين في تظاهرات بغداد .
وفي الناصرية خرجت تظاهرات حاشدة وفي جميع محافظات الجنوب والفرات الاوسط تطالب بأطلاق سراح الناشط المدني ” جلال الشحماني ” مع أثنين من زملائه المتظاهرين فورا وعبروا عن أستيائهم وأستنكارهم ، ومحاسبة الجهة التي تقف وراء عملية الأختطاف ، ونحن بدورنا نستنكر وندين هذه الأعمال الصبيانية لأسكات صوت الحق من قبل عدد من الجهات التي لا تريد للعراق وأهله خيراً ، وأنّ السكوت عن مثل هذه الممارسات العدوانية سيعمل على وقوع أعمال مماثلة لأستهداف الناشطين المدنيين في جميع محافظات العراق ، وأنّ الممارسات القمعية التي طالت المتظاهرين الناشطين في البصرة والناصرية والحلة مؤشراً خطيراً وتحدياً للديمقراطية والدستور الذي كفل للفرد العراقي المطالبة بحقوقه وبطريقة سلمية ، وشعاراتهم الأصلاح والعدالة الأجتماعية ومحاربة الفساد .
وأخيرا // أنها رساله إلى حكومتنا الأتحادية وبالأخص رئيس الوزراء الدكتور ” العبادي ” أقول: يا سيدي في لغة ثورات وأنتفاضات الشعوب انّ (مارد)المنتفضين الثوار قد خرج من قمقمهِ من الصعوبة بمكان أرجاعهِ إلى حيث كان لأنّ غالبية الشعب العراقي يعاني البؤس والضراء وسوء الحال ، فالحراك الشعبي خرج اليوم للتظاهر ليس من باب البطر والسفاهة فهو يؤمن بحتمية التأريخ التي ستوصل ثورة الشباب إلى “التغيير” فحذاري منه حتما قد لا يكون في صالحكم يا أصحاب القرار السياسي ، لأنّ المماطلة والتسويف والممارسات الأجرامية وكم الأفواه وأسكات الأصوات الوطنية الحرّة تشكل خطراً كبيراً على العملية السياسية وأزيدكم علماً بأنّ المتظاهرين في 3 آب رفعوا سقوف مطاليبهم لأدراكهم بأن الحكومة ليست جادة في تحقيق الأصلاح : 1-ألغاء مجالس المحافظات 2- حل مجلس النواب 3- حكومة طواريء 4- أنتخابات مبكرة 5- دق أبواب المرجعية لأصدار فتوى تحريم سرقة المال العام ، فمن باب الحديث النبوي ( الكلمة الطيبة صدقه ) أستجيبوا لمطاليب الشعب المحروم والبائس والمضطهد ، ومعاملة المنتفضين بالرفق والحسنى لا بالأساليب الديماغوجية ، { وأثبتوا للعالم ولنا بأن الحكومة لها هيبتها وعدالتها وأطلقوا سراح الناشط المدني ” جلال الشحماني” ورفاقه وحاسبوا المختطفين بتقديمهم للعدالة —– والله من وراء القصد .