السيمر / الاثنين 30 . 01 . 2017
معمر حبار / الجزائر
مازال القارىء المتتبع يواصل قراءته لـ “les Carnets de Malek BENNABI”، ومن بين الملاحظات التي مازالت تلفت إنتباهه بشكل كبير ومحزن، هو إستعمال الرموز من طرف ناقل الاستاذ بوكروح رغم أن بن نبي ذكر الأسماء كاملة بالإسم واللقب ولم يذكر الرموز. إذن لماذا ناقل الكتاب غيّر وبدّل ورفض كتابة الأسماء كما جاء في الأصل واكتفى بالرموز؟.
وبغض النظر عن الأسباب والدواعي التي لن نتطرق إليها في هذه الورقة، إلا أن القراءة المستمرة للكتاب جعلت القارىء يجد صعوبة في فهم بعض المراحل التاريخية التي ذكرها بن نبي أو تعرض لها بسبب حذف الأسماء واستبدالها بالرموز من طرف ناقل الكتاب، فيضيع بالتالي الهدف المرجو من الدفاتر.
كتب مالك بن نبي مذكراته إبتداء من جوان 1954 إلى غاية 06 جوان 1973 ، أي 4 أشهر قبل وفاته ، ومنذ أن كان في 49 سنة من عمره إلى غاية 68 سنة من عمره، وخلال 19 سنة وهو يكتب عن أيامه، ناهيك عن مذكرات الطفل والطالب والكاتب. ورفض بن نبي نشر بعض مذكراته إلا بعد وفاته لأسباب لم يذكرها في كتبه ولا في مذكراته حسب المتاح لحد الآن من كتبه ومذكراته، لكن القارىء المتتبع يمكنه الوقوف على بعض الأسباب، كذكره للشخصيات التي ذكرها بالإسم ولا يود أن تنشر الدفاتر في حياته تجنبا لبعض الحرج، خاصة وأنه ذكرها بالإسم، وتبقى في الأخير تكهنات قارىء متتبع في انتظار ما تسفر عنه الأيام القادمة.
وكان على الأستاذ بوكروح، أن يترك الدفاتر كما دوّنها صاحبها بذكر الأسماء كاملة دون اللجوء إلى استعمال الرموز، خاصة وأنه مر على وفاته 33 سنة إذا إعتبرنا سنة 2006 هي سنة البداية في نقل الدفاتر حسب ما هو مشار إليه في مقدمة الكتاب، وتصبح 43 سنة إلى غاية كتابة هذه الأسطر. وهي مدة طويلة جدا لنقل الدفاتر كما هي ودون استعمال الرموز، خاصة وأن صاحبها إلتحق بالرفيق الأعلى. والقارىء المتتبع يذهب أبعد من ذلك، حين يؤكد أن المدة التي تفصل بين الأيام الأولى لكتابة دفاتر بن نبي وهي سنة 1954 إلى غاية اليوم هي 63 سنة، وهي مدة كافية للكشف عن وثائق تتعلق بأسرار الدولة وليس بيوميات كغيرها من اليوميات مهما حملت من أسرار، وأسماء ، وأماكن ، وأقوال ، وأفعال.
من جهة أخرى ، وأنا أقرأ البارحة صفحة 426 من الدفاتر فقرة بعنوان ” وعي النخبة العربية”، بتاريخ: 1959.01.29، إذ بالأستاذ بوكروح يستعمل رمز A.B، مشيرا إلى الأمين العام الثاني للجامعة العربية. والقارىء المتتبع يتساءل على أيّ أساس رفض ناقل الكتاب كتابة الإسم كاملا واكتفى بالرمز، رغم أن بن نبي ذكر الإسم كاملا. وهل التاريخ الجزائري مرتبط بأمين عام جامعة الدول العربية إلى درجة أن كتابة إسمه يهدّد الأمن ويفسد العلاقة !! .
إن المدة كافية وزيادة لإعادة نشر كتاب “les Carnets de Malek BENNABI”، كما دوّنه أول مرة مالك بن نبي رحمة الله عليه، وذلك بذكر أسماء الشخصيات كاملة دون استعمال الرموز، فإن ذلك من تمام الأمانة، والصدق، والإخلاص.
إن كتابة التاريخ الجزائري يبدأ من ذكر الأسماء مهما كان وزنها ودرجة علاقاتها. فلا يعقل بحال أن المستدمر الفرنسي عبر الساسة، والقادة، والرحالة، والمفكرين، والجلادين السفاحين من أمثال أوساريس وماصو، يذكرون الأسماء كاملة من جزائريين وفرنسيين وهم يمجدون إحتلالهم للجزائر، والجزائري ما زال يرفض ذكر الإسم كاملا ويكتفي بالرموز لأسباب أقل ما يقال عنها أنها لا تليق بالرموز الجزائرية.