الرئيسية / مقالات / كلكم عملاء حتى أنا …؟!

كلكم عملاء حتى أنا …؟!

السيمر / الثلاثاء 04 . 04 . 2017

شه مال عادل سليم

انطلقت أعمال القمة العربية الثامنة والعشرين في 29 مارس2017 , تزامنأ مع( يوم الارض الفلسطيني )* في منطقة (السويمة على شاطئ البحر الميت غرب العاصمة الأردنية عمان) وعلى بعد بضعة كيلو مترات من الأراضي الفلسطينية المحتلة، ، والتي تتميز بمجموعة من أفضل وافخم الفنادق والمنتجعات والأستراحات السياحية في العالم .
تصدرت القضية الفلسطينية والأزمات في ( سوريا والعراق وليبيا واليمن , أحد أكثر الدول تضرراً بأزمة الأمن الغذائي وسوء التغذية على مستوى العالم) أهم بنود جدول أعمال القمة , وكالعادة , بدأت أعمال القمة التي تشهد أكبر تمثيل للزعماء العرب بالتقاط الصورالتذكارية وتعالت قهقهات اصحاب الجلالة و الفخامة و السمو و المعالي رؤساء الدول العربية وهم يحتسون أفضل وألذ وافخر أنواع القهوة في العالم , وثم بدأت النقاشات في عدد من (الموضوعات الساخنة ) وعدد من (القضايا المشتركة العربية والأقليمية ) منها قضية (سوريا , قلب العروبة النابض ) ولكن بغياب ممثليها إلا أن (علمها ومقعدها كان حاضرا بل ولم ينس منظمو القمة وضع افخر قناني الماء والمشروبات الغازية وكل ما يلزم الضيف على طاولة الاجتماع ) .
وبعد (مشاورات مكثفة وحوارات معمقة) , تلا الأمين العام لجامعة الدول العربية، السيد أحمد أبو الغيط، البيان الختامي بعد إقراره من الزعماء العرب ، والذي تناول عددا من القضايا الهامة والمستجدات علی الساحة العربية والإقليمية, ولكن للاسف لم يتطرق البيان الذي احتوى على العديد من النقاط لامن قريب ولا من بعيد إلى التقارير التي صدرت مؤخرا من قبل المنظمات الدولية ومنها منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسف” بشأن الاوضاع المأساوية التي تعاني منها اطفال الدول العربية , وتحديدا اطفال ( اليمن وسوريا وليبيا والعراق ).
مكر السياسة وسخرية الأقدار :
قالت ممثلة اليونيسف في اليمن الدكتورة (ميريتشل ريلانيو) بمناسبة دخول الصراع اليمني عامه الثالث بان : 80% من الأسر اليمنية مثقلة بالديون، ونصف سكان البلاد يعيشون على أقل من( دولارين) في اليوم , وان مليوني طفل يمني اصبحوا خارج المدارس ونصف مليون يعانون من نقص التغذية , واصبح النظام الصحي في اليمن على حافة الإنهيار، مما يجعل قرابة( 15 )مليون من الرجال والنساء والأطفال بلا رعاية صحية. ولا يزال وباء (الكوليرا والإسهالات المائية الحادة ) ، الذي أنتشر في أكتوبر 2016، مستمر في الإنتشار، وقد نجم عنه( 106 )حالة وفاة وأكثر من( 22,500) حالة اشتباه بالإصابة.
كما صرح ممثل اليونيسيف في العراق (فيليب هيفينك ) : ( ان الوضع الإنساني في العراق قريب من الكارثة ، ملفتا إلى الحاجة الملحة إلى موارد إضافية لمواصلة العمل الإنساني في البلاد التي تشهد أزمة نزوح سكاني كبيرة بسبب سيطرة تنظيم داعش على أجزاء كبيرة من البلاد ) .
واستطرد ( هيفينك ) قائلا : إن ثمانية ملايين عراقي يحتاجون إلى مساعدة إنسانية (عاجلة) , بينهم حوالي ثلاثة ملايين فروا من مناطقهم منذ مطلع حزيران/يونيو 2014 حين سيطر داعش على الموصل.
كما كشفت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) : أن الصراع الدائر في سوريا خلف 2.4 مليون طفل لاجئ وقتل الكثيرين وأدى إلى تجنيد أطفال للقتال، بعضهم لا تزيد أعمارهم عن 7 سنوات منذ عام 2011 …
وقالت المنظمة في تقريرها الذي يحمل عنوان (لا مكان للأطفال ) في 14 مارس/آذار 2016، إن أكثر من 8 ملايين طفل في سوريا والدول المجاورة يحتاجون لمساعدات إنسانية، بينما تعاني خطة الاستجابة الدولية لأزمة سوريا من نقص مزمن في التمويل.
ولكثرة التقارير الصادمة الدولية عن الاوضاع المأساوية التي تعاني منها الشعوب العربية ولعدم الاطالة اكتفي بهذا القدر واسأل جميع المشاركين في القمة العربية الثامنة والعشرين واقول :
بما انكم تجتمعون في كل مرة في افخر وافضل الفنادق والمنتجعات من أجل (مصالح شعوبكم ) كما تدعون , ألم يكن الأجدر بكم ان تخصصوا جزء من مصاريف القمة لترميم المدارس والمستشفيات في اليمن والعراق وسوريا وليبيا والتي لم تعد صالحة للاستخدام كونها تضررت كلياً أو جزئياً نتيجة الحرب أو تستخدم كمأوى للأسر النازحة أو محتلة من قبل أطراف الصراع …..؟
الم يكن من الافضل ان تنفقوا جزء من تكاليف القمة على تجريم (التعذيب الذي يعد من أبشع انتهاكات حقوق الإنسان وخرق سافر لسيادة القانون وكرامة الإنسان في دولكم ) , فتقارير المنظمات الدولية لحقوق الانسان تحفل بممارسات مشينة للتعذيب في الدول العربية التي وقعت على الاتفاقات الدولية المحرمة للتعذيب ومن أهمها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان واتفاقية مناهضة التعذيب ومعاهدات جينيف …… ؟
الا يستحق الذين يحاربون الارهاب الداعشي نيابة عن العالم والدول العربية بشكل خاص ومنهم على سبيل المثال لاالحصر ( ابطال روزافا والبيشمركة) الذين قدموا لحد هذه اللحظة الاف الشهداء واضعاف ذلك من الجرحى في معاركهم البطولية ضد داعش واخواتها , الا يستحقون دعما و لو( بكلمة ) من اصحاب الجلالة و الفخامة و السمو و المعالي رؤساء الدول العربية ؟
اعلموا جيدا يا زعماء العرب, ستكتب نساء (الايزيديات ) المختطفات على جدران زنزاناتهن رسالة إلى الله , عن صرفيات ونفقات القمة التي بلغت( 14,1 مليون دولار امريكي , حسب مصدر مسؤول في وزارة المالية الاردنية) , في حين كان على اصحاب الجلالة و الفخامة و السمو و المعالي رؤساء الدول العربية ان يخصصوا جزء من تكاليف القمة الباهضة لانقاذ المختطفات الايزيديات من قبضة داعش …!! والاكثر من هذا كان عليكم ان تدينوا وتستنكروا بصوت واضح ومسموع المجازر وجرائم الإبادة التي تعرض لها الايزيديون على يد داعش, بالضبط كما ادنتم أعمال العنف وانتهاكات حقوق الإنسان ضد أقلية (الروهنغا المسلمة في مينامار) واعربتم عن بالغ استيائكم إزاء الأوضاع المأساوية التي تواجهها هذه الأقلية المسلمة، خصوصا في ولاية راخين، وطالبتم المجتمع الدولي التحرك بفاعلية وبكل الوسائل الدبلوماسية والقانونية والإنسانية، لوقف تلك الانتهاكات، وتحميل حكومة مينامار مسؤولياتها القانونية والمدنية والانسانية بهذا الصدد….!!( راجع نص البيان الختامي للقمة العربية الـ28 بالأردن ـ النقطة السابعة )
نعم ….سيكتب التاريخ عن الصور الصادمة التي اضحكت العالم والتي نشرت على العديد من مواقع التواصل الاجتماعي لقادة بعض الدول العربية المشاركة في القمة العربية الثامنة والعشرين وهم نائمين على مقاعدهم في صالة الاجتماعات واثناء المناقشات (الساخنة جدا ) …!!
يدون التاريخ في صفحاته بان قادة العرب وفي ظل الانقسام والخلافات والتناحرات العربية ـ العربية المزمنة تركوا لغيرهم امور حل الازمات التي تعصف بـ(فلسطين وسوريا و اليمن و ليبيا والعراق ) تحديدا , وان اصحاب الجلالة و الفخامة و السمو و المعالي رؤساء الدول العربية فشلوا فشلا ذريعأ ليس فقط في وقف موجة الاستيطان الاسرائيلي في الاراضي العربية منذ عام 1967 , بل عجزوا عن تحقيق المصالحة بين (السلطة الفلسطينية وحركة حماس) التي تسيطر على قطاع غزة وانهاء حالة الانقسام الفلسطيني المستمر منذ نحو عقد..
خلاصة القول وزبدته , إن المواطن العربي المغلوب على امره ينظر للقمة العربية نظرة الاجتماعات والاتفاقات غير المجدية , وهو يعلم جيدا انها لم تقدم في تاريخها اي حلول لاي مشكلة في تاريخ العرب منذ انعقاد اول قمة عربية والتي عقدت فى مصر بدعوة من الملك فاروق عام 1946 ولحد اليوم , وعليه لا يتوقع المواطن العربي حدوث أي تقدم في حل الصراعات التي تعاني منها المنطقة وحل المشاكل والأزمات التي تطحن الشعوب العربية طَحن الرحى .
ما أصدق (معمر القذافي) حين خاطب زعماء العرب بقمة دمشق وقال : (كلكم عملاء حتى انا ) …!!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* يوم الأرض الفلسطيني هو يوم يُحييه الفلسطينيون في 30 أذار من كلِ سنة , وتزامن هذا العام مع انطلاق أعمال القمة العربية الثامنة والعشرين , وتَعود أحداثه لآذار 1976 بعد أن قامت السّلطات الإسرائيلية بمصادرة آلاف الدّونمات من الأراضي ذات الملكيّة الخاصّة في مناطق ذات أغلبيّة سكانيّة فلسطينيّة .

اترك تعليقاً