الرئيسية / مقالات / حكاية من بلدية النجف (الجزء الثاني)

حكاية من بلدية النجف (الجزء الثاني)

السيمر / الثلاثاء 18 . 04 . 2017

أنور السلامي

أبعثر الكلمات على أعتاب بابكِ, واشق الطرق نحوكِ لكي أراكِ, واغرس حروف الجر أشجارا في الشوارع والساحاتِ, تحملين ما يأنف عنه غيركِ, وترشين أرضكِ بالنفحاتِ , تبدين جميلة في كل يوم, بألوان ثغرك الدامي, أحمر واصفر وأخضر, هذه ألون شفاهكِ, باسمة في كل صباحِ عاتي, وجميع الناس منكِ جزوُعتا, ولا حمّودا ولا شكورا , ورغم ذلك تشرقين لهم كل صباحا متألقة, تحملين من نفاياتهم أطنانا, يبعثرونها ليلا ونهارا , ويمينا وشمالا, بأناس عزيمتهم قوية ونفوسهم رضيه , رغم مصائبهم الجلية وحاجتهم غير مقضيه , وأٌقد شمعة لكوادرها عموما, وخاصة لمن ظلم بالتسكين 2004 ولمن ظلم وعمل باجر يومي, وهو يعمل بدون ملل أو كلل, نعم إنهم سكان البلدية.
تعتبر بلدية النجف الاشرف, العمود الفقري للمحافظة, ولولاها تسقط المحافظة, في مستنقع من, أطنان النفايات والمُخلفات, التي لا يتوانى من يرميها واعزاً من الضمير ولو قليلا, أو يكلف نفسه, عناء بسيط في رميها في الأماكن المخصصة , أو وضعها بأكياس عند الباب لحين, وصول مجاهدي النظافة لحملها, نعم وأكررها أنهم مجاهدي النظافة كمجاهدي سوٌح القتال, يجمعون أطنان النفايات من الأرض, ويضعونها في كابسات, رغم روائحها الكريهة , المنبعثة منها, لينقلوها من مكانها , إلى الطمر الصحي , بنفس راضيه خدمة لهذه البقعة الطاهرة, التي أوت أبو البشر ونبيها أدم ,وكذلك هود , وصالح وأيضا مرقد علي بن أبي طالب بطل العرب والإسلام وفارسها وداحّي باب خيبرها وحاملها وباب علم نبيها عليه وعلى آل بيته أفضل الصلاة والسلام, ومن جانب آخر, يتوافد الناس في الصباح الباكر على بابها, بقصد قضاء حوائجهم المختلفة , ومنها طلب تأجير ساحة أو محل أو بناية أو مساطحة أو استثمار أو طلب تخصيص قطعة أو تسديد ديون, أو طلب شتلات أو طلب عمل مطبات, أو رفع حجز …ألخ, حيث يصل عدد المراجعين أحيانا على الثلاثمائة أو أكثر مراجع , يطرقون على رؤوس الموظفين, بحاجتهم دون مراعاة كثافتهم, ينزعجون ويسبون أحيانا أخرى, وموظفي البلدية يستقبلون كل حاجاتهم وانزعاجهم وسبهم بصدر مفتوح ورحب, ولا يخرج مراجع إلا ونال مطلبه, وموظف البلدية هو الوحيد في مْظّلمة, تتسيِر حاجات الناس بين يديه, وحاجته في يديه من يسيرها..؟
أبقوا معي الإنسان مدار الحدث.

اترك تعليقاً