معمر حبار / الجزائر
صباح هذا اليوم، وأنا أرتشف فنجان قهوة بمقهى الجامعة، إستوقني محتوى شريط الأخبار، الذي تبثه فضائية جزائرية، جاء فيه..
وزارة الخارجية تستنكر الإساءات المتكررة.
قد تسلك الدبلوماسية الجزائرية إلى المعاملة بالمثل.
وزير الاتصال حميد قرين، يصف ما تعرض له من تفتيش بالعمل غير المقبول.
إذن نحن نعلم جيدا أنها إساءات متكررة، فليست الأولى ولا يبدو أنها ستكون الأخيرة، ورغم ذلك لم نعامل فرنسا بالمثل، بل بالعكس مازلنا مترددين في إستعمال حق مشروع للضعفاء قبل الأقوياء ونسلك طريق التمني، ونفتخر بكوننا قد نعامل فرنسا بالمعاملة بالمثل، رغم كل الإساءات الظاهرة والباطنة.
إن مجرد التفكير في الرد على فرنسا، هو إهانة تفوق إهانة التفتيش، ومجرد إنتظار شروحات فرنسا، يعتبر بحد ذاته إهانة تفوق في الحجم والضرر، تفتيش وزير.
الدول الكبرى تعترف للدول الصغرى بالفضل وتحترمها، كلّما تعرّضت من طرفها للمعاملة بالمثل، والأمثلة على ذلك كثيرة عديدة، ومن كل الدول والأجناس، وعبر الزمن الغابر والقريب، ومع العدو والصديق.
عوض أن يتجه الجزائري ليلوم فرنسا على عملها المهين، فليتجه لإخوانه الجزائريين باللوم ، باعتبارهم رضوا بالإهانة، وسعوا إليها.
هل يمكن للوزير الذي تعرّض للتفتيش أن يعلن بصريح العبارة، أنه سيقاطع فرنسا ويقاطع وزير اتصالاتها؟. هل يمكن للجزائر أن تفتش أبسط موظف فرنسي، ناهيك عن وزير عبر مطارات الجزائر؟.
فرنسا التي رفضت أن تعتذر للمجتمع الجزائري، على ما اقترفت من جرائم وآثام، طيلة 132 سنة ، لن تعتذر لسياسيين جزائريين، يرفضون أن يصادقوا على قانون تجريم الاستدمار الفرنسي، بزعم أن إتفاقية إيفيان لا تنص على ذلك.
المشكلة ليست في فرنسا التي تتفنن في إهانتنا في كل مناسبة وغير مناسبة، إنما تكمن المشكلة في الذي إتّخذ فرنسا أما حنونا إلتصق بصدرها، وتغذى من حليبها، ويرفض أن يتخلى عنها، ولا يريد عنها بديلا.
إن الدبلوماسية أفعال ومواقف قبل أن تكون كلمات موزونة موضوعة بإحكام. والدبلوماسية الجزائرية التي عرفها العالم، عبر الاتفاق التاريخي بين إيران والعراق، وحل أزمة الرهائن، وإيجاد حل للأزمة في مالي، مطالبة بأن تضع حدا للإهانة الفرنسية، لتبقى في سموها وعلوها كما عرفها العالم، وإلا فقدت بريقها الذي عرفت، خاصة إذا سكتت عن إهانة التفتيش ورضيت به.