السيمر / الاحد 07 . 05 . 2017
معمر حبار / الجزائر
أنهيت البارحة قراءة كتاب
Albert CAMUS « Misère de la Kabylie », Edition Zirem, Béjaia, Algérie, 2016, contient 136 pages.
وأعترف أمام القارىء أني لأول أرى هذا الكتاب، ولأول مرة أقرأ لألبير كامي، وقد قرأت عنه من القليل من قبل، ومن سنن صاحب الأسطر التي يتبعها منذ عقود، أنه لا يعلق على كاتب أو كتاب إلا إذا قرأه، ومن هنا كانت هذه الأسطر.
الكتاب عبارة عن زيارة ميدانية قام بها صاحب الكتاب لمنطقة القبائل من 5 إلى 15 جوان 1939، ويضم 11 مقال بالترتيب وخاتمة.
تحدث عن الأوضاع الاجتماعية، والاقتصادية، والتعليمية، والصحية، والزراعية، والسياسية، والطرقات، والأمراض، والأوبئة، وضعف الأجور، والجوع، وطول ساعات العمل، والمسكن غير اللائق، وإنعدام الماء، ونقص الأطباء، وضعف تعلم النساء، وكاهل القروض التي ميّزت منطقة القبائل في تلك الفترة، معتمدا على أرقام قدمها وحلول يراها في – نظره – تناسب الوضع.
والبؤس الذي رسمه كامي كان موجودا يومها عبر كامل التراب الوطني، وربما بحدة أخف في العاصمة، وقسنطينة، و وهران باعتبارها مدنا كبرى، ويوجد بشكل أفضع ورهيب بكثير بالمناطق الداخلية كالونشريس مثلا.
ومن المصطلحات التي ظل يكررها كامي: الشعب القبائلي، قرية الأهالي، شعب الأهالي، حي الأهالي، مدارس الأهالي، تعليم الأهالي، الوطن القبائلي، دولة فرنسية وهو يتحدث عن منطقة القبائل، القضية القبائلية.
ومن الملاحظات التي لفتت الانتباه، أن كامي لم يحارب الاستدمار الفرنسي، ولم يدعو إلى طرد الاحتلال، والحلول التي قدمها هي حلول فنية تعالج الأمراض التي وصفها معالجة فنية وكأن الاستدمار ليس هو مصدر البؤس، والجوع، والجهل، والأوبئة، والأمراض.
ويبدو من خلال الصفحات أنه يدعو إلى تثبيت الاحتلال والإطالة في عمره من خلال بعض “الحلول” التي قدمها ليقترب الجزائري من المحتل أكثر، كـ: توزيع القمح، وفتح المدارس، وإصلاح الطرقات، وشبكة المياه، ومساعدة الفلاح بالقروض، وخلق فرص العمل، وتكوين مجالس بلدية، والرفع من إنتاج الزيتون، وتحسين طرق تجفيف التين، والسكن، دون أن يدعو ولو مرة واحدة إلى وقف الاحتلال، بل زاد في عمره وثبّته بمثل هذه “الإصلاحات” التي تغري يومها، وتعمي عن النظر في حقيقة الاحتلال.
وأثناء كلمته التي ألقاها في ستوكهولم بمناسبة نيله جائزة نوبل للآداب سنة 1957، كما هو منقول عبر صفحات 121-125، لم يذكر الجزائر ولو مرة واحدة. ولم يقدم الجائزة هدية للجزائر التي ولد فيها. فكيف يقال بعدها أن هذا الرجل “دافع” عن الجزائر وهو لم يذكرها ولو مرة واحدة بالإسم في أرفع الأماكن العلمية. وقد يقول قائل لقد أشار إليها تلميحا بقوله “حيث كبرت”، ونقول ليست هذه هي الجزائر إنما يتحدث عن “الجزائر الفرنسية !”.