السيمر / الثلاثاء 09 . 05 . 2017
حسين أبو سعود
كثيرا ما نسمع بنهر الفرات عندما يتحدث المتحدثون عن واقعة كربلاء وكيف ان الحر بن يزيد الرياحي منع الحسين ع ومن معه من الاقتراب من الفرات وكيف ان الحسين ع طلب من أخيه العباس ان يذهب ويأتي بالماء الى العيال العطاشى، وهذا يبين ان الفرات لم يكن بعيدا عن ارض المعركة فكيف اذن ابتعد النهر حتى صار محاذيا للكوفة اذ لا يوجد في كربلاء سوى نهير واحد او بالأحرى جدول صغير اسمه الحسينية قرب مقام الامام المهدي وهو حديث لا علاقة له بواقعة كربلاء، وقد ذهب البعض فقال ان النهر الذي كان في كربلاء هو نهر العلقمي وليس الفرات ونسبوه الى الوزير ابن العلقمي الذي جاء بعد واقعة كربلاء بمئات السنين ، وهذا ادعاء لا يصمد امام الحقيقة واننا لو نسأل منذ متى كانت دجلة تمر ببغداد فيأتي الجواب بان بغداد بنيت أصلا على نهر دجلة، ومنذ متى صار الفرات يمر بالكوفة والجواب بان الكوفة بنيت أصلا على الفرات والنهران لم يغيرا مجراهما منذ الف سنة ويزيد فلماذا غير الفرات مجراه عن كربلاء؟.
ان اندراس الأنهار وتحول مجاريها لها تواريخ موثقة وهي نادرة الحصول وهذه انهار النيل والتايمز والسين والدانوب والمسيسيبي كلها على ما هي عليها منذ الاف السنين، وهكذا مدن الحلة والناصرية والعمارة والكوفة والموصل لها انهارها الثابتة منذ مئات السنين وقد تقل فيها مناسيب المياه او تزيد ولكنها لم تحول مجراها ولم تختف كما اختفى الفرات من كربلاء.
وعليه فانه يمكن القول بان المعركة وقعت في مكان ما قرب الكوفة حيث نهر الفرات خاصة وان الحسين ع كان يقصد الكوفة في مجيئه ويقال بان المتوكل جرف القبر الشريف واغرقه بالمياه وزرع عليها المحاصيل، واذا كانت شجرة السدر او النبق الذي يقال عن وجودها قرب القبر دليلا فلماذا لم يقتلعها الخليفة مثلا امعانا في الاخفاء.
والحديث يطول حول صحة نسبة المراقد الى أصحابها فهناك قول عن القبر الموجود في النجف هو للمغيرة بن شعبة والا فان قبر الامام علي ع كان مخفيا بأمر منه، وكيف نصدق بان هارون الرشيد اكتشف ذلك عن طريق السباع والغزلان التي كانت ترعى حوله، ومنذ متى صرنا نأخذ ديننا من هارون الرشيد ومن الحيوانات المفترسة.
وقد التقيت مرة خبير اثار سوري متقاعد في دمشق فسألته عن قبر صلاح الدين الايوبي فقال : لا دليل على ان هذا القبر هو لصلاح الدين وكذلك الحال بالنسبة لقبر السيدة رقية او قبر السيدة زينب في ريف دمشق ومن تكون زينب القاهرة اذن؟، وكذلك الحال بالنسبة للرؤوس الشريفة لشهداء كربلاء، هل هي في الشام او عسقلان او مصر او المدينة ام كربلاء والروايات مستفيضة في ذلك ولكنها متناقضة ومتضاربة ، اذن فان نسبة القبور الى الصالحين لا تتعدى كونها امرا ظنيا لا يمكن اثباته ، وحتى مقبرة البقيع فان الائمة والصحابة مدفونون فيها ولا ريب في ذلك ولكن نسبتها لهم بالاسم قد لا تصح لان المقبرة صغيرة اذ اخبرني احدهم بانها تمتلئ وتفرغ ثم تمتلئ وما زال الدفن فيها مستمرا الى يومنا هذا واما القبور الظاهرة في بداية المقبرة فأكثرها لكبار الدولة العثمانية ، وكذلك الحال مع باقي المزارات فالكلام فيها كثير مثل مزار عون في ضواحي كربلاء ومزار شريفة بنت الحسن في الحلة وقطارة امير المؤمنين خارج كربلاء.
وعودة الى نهر الفرات وموقعه فقد كان يحلو للبعض ان يقول بان المياه التي تطوف حول قبر ابي الفضل العباس ع هي الفرات وهي كرامة له ولكن بعد الاستعلام من سدنة الحضرة العباسية تبين انها مياه جوفية خطيرة تم معالجتها في حينها عن طريق شركات عالمية متخصصة، وان تلك المياه لا قداسة لها وغير صالحة للشرب أصلا.
اذن اين وقعت معركة كربلاء؟ او بالأحرى اين الفرات من كربلاء؟
سؤال كبير!!!