الرئيسية / مقالات / الحكيم والمالكي & Co يدقون طبول الحرب على الإلحاد 1/2

الحكيم والمالكي & Co يدقون طبول الحرب على الإلحاد 1/2

السيمر / الجمعة 09 . 06 . 2017

ضياء الشكرجي

عمار الحكيم رئيس التحالف الوطني، تحالف القوى (الشيعسلاموية) يدعو للضرب بيد من حديد على الإلحاد والملحدين، وسبقه نوري المالكي في كلامه المتكرر عما يسميه بمؤامرة على ما يسميه بالمشروع الإسلامي. وسأعود إلى تناول كلام المالكي بهذا الخصوص.
قبل كل شيء أريد أن أفهم هل كان الكلام الرمضاني لعمار الحكيم بوصفه رجل سياسة، أم بوصفه رجل دين. إذا كان قد تكلم كرجل سياسة، وكشخصية سياسية قيادية حسب معايير هذا الزمن من تاريخ السياسة العراقية، فهو يخالف متطلبات الأداء السياسي، الذي يفترض أن يقوم على أساس المواطنة، وهذا يعني عدم جواز أن يكون السياسي ممثلا للمكون الشيعي، أو المكون السني، ولا ممثلا للمسلمين دون أتباع الديانات الأخرى، ولا ممثلا للمؤمنين بالله دون المواطنين غير المؤمنين، وأنا كمؤمن بالله موحد ومنزه له، ولعل إيماني أشد تجذرا من إيمان الحكيم والمالكي، لا أرضى أن يمثلني قادة الطوائف، ولا أرضى أن يكون الإيمان أو عدمه معيارا للمواطنة، بل الدستور العراقي لا يرضى بذلك. فإذا لم يكن الحكيم قد اطلع على الدستور، أو كان قد نسي بعض مواده المهمة سأذكره بالدستور وبتلك المواد ذات العلاقة. ولكن قبل ذلك أواصل تكملة سؤالي، عما إذا تكلم في حديثه الرمضاني بوصفه رجل سياسة أم رجل دين. إذا كان قد تحدث كرجل دين، فلم نعرف عنه أنه درس في حوزة علمية أو كانت له بحوث دينية في الفقه أو الأصول أو تفسير القرآن، بل هو لا يملك من رجل الدين إلا الزيّ الذي يتحول أحيانا إلى عرف أسري لبعض الأسر الدينية، فيعتمر أولاد بعض رجال الدين العمة ويرتدون الزي الديني، كزي عرفي لتلك الأسرة الدينية. ثم أليست مرجعية النجف أولى من تناول خطر الإلحاد الذي يدعيه ويهوّله؟ وكما أشار أحد الإعلاميين، إن المرجعية بممثلها من على منبر صلاة جمعة كربلاء استخدمت أيضا مصطلح الضرب بيد من حديد، ولكنها أرادت أن يكون الضرب بيد من حديد على الفساد والمفسدين، وليس على الإلحاد والملحدين يا حضرة رئيس التحالف الشيعسلامي. أما كرجل سياسة، فهناك إشكالان يسجلان على دوره كقائد سياسي، الأول أنه ورث منصب رئاسة المجلس الأعلى الإسلامي العراقي – (المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق) سابقا – عن أبيه، الذي كان قد ورثه هو الآخر عن أخيه. مع العلم إن المجلس الأعلى ليس وحده من أحزاب الأسر، فلدينا حزب لآل الصدر وحزب لآل البرزاني. والإشكال الثاني الذي أسجله عليه كرجل سياسة، هو أننا لو بحثنا في برلمانات كل النظم الديمقراطية في العالم، لن نجد رئيس كتلة برلمانية، هو ليس نائبا في البرلمان، وهذه من السنن السيئة الغريبة التي سنتها السياسة العراقية ما بعد 2003، مثلما سنوا مفهوما جديدا للكتلة الأكبر لا نعرف له مثيلا في برلمانات العالم، وسنوا سنة تحديد الرئاسات الثلاث ضمن صفقة واحدة، أو كما عبر عنه في سلة واحدة. تطرحون أنفسكم قادة سياسيين ولا تعرفون ألفباء السياسة ولياقاتها، ولكنه القضاء والقدر السيئ الذي حل بكم على العراق والعراقيين.
أرجع لتذكير عمار الحكيم ونوري المالكي الذي سيأتي الكلام عنه وسبب ذكري له بهذه المناسبة، في حربهما وحرب شركاهما ضد الإلحاد والملحدين، أذكرهم ببعض مواد الدستور العراقي، فلعل انشغالاتهم بهموم الوطن والمواطن – حاشا لهم – أنستهم أهم مواد الدستور، أو هم يتناسونها.

المادة الثانية (ثانيا) من دستور جمهورية العراق تنص على الآتي:
ثانيا: يضمن هذا الدستور الحفاظ على الهوية الإسلامية لغالبية الشعب العراقي، كما ويضمن كامل الحقوق الدينية لجميع الأفراد في حرية العقيدة والممارسة الدينية كالمسيحيين والإيزيديين والصابئة المندائيين والبهائيين والزرادشتيين واليهود.
والذي يعنيني من هذا النص هو عبارة: «يضمن هذا الدستور […] كامل الحقوق الدينية لجميع الأفراد في حرية العقيدة […]». فالحقوق ليست لأتباع الأديان، بل لكل الأفراد، ومنها حرية العقيدة، والعقيدة أشمل من الدين، أما ذكر المسيحيين والإيزيديين والصابئة المندائيين، فهو ليس من قبيل الحصر بل جاء على سبيل المثال، ودليل ذلك استخدام الكاف بقول «كالمسيحيين و[…]». ثم يدور الكلام فيما يتعلق الأمر بـ «الممارسة الدينية»، عن كونه حقا، وليس واجبا، ومن هنا فالاعتقاد بدين ما، أو الممارسات الدينية هي حقوق، والحق ملزم للدولة أن تصونه، وغير ملزم للمواطن أن يتمتع بهـ وبالتالي يعني الحق إثباتا وسلبا، أي الانتماء أو عدم الانتماء لدين، ومن قبيل الأولى القيام بالممارسات الدينية لأي من الأديان، أو عدم المشاركة في هذه الممارسات، وكذلك يعني حق الإيمان أو عدم الإيمان.
أما المادة الرابعة عشر من الدستور العراقي، فتنص: «العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي.» والذي يعنيني من هذه المادة القول: «العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييز بسبب […] المعتقد أو الرأي […]». والمساواة أمام القانون تشمل المسلم وغير المسلم على حد سواء، سواء كان غير المسلم منتميا لدين آخر بالولادة، أو اختار أن يتخلى عن دينه، أو يتحول إلى دين آخر في مرحلة من مراحل حياته.
والمادة السابعة والثلاثون (ثانيا) تؤكد على أنه: «تكفل الدولة حماية الفرد من الإكراه الفكري والسياسي والديني.» إذن «تكفل الدولة حماية الفرد من الإكراه […] الديني». إذن ما زالت الدولة مسؤولة وكافلة لحماية المواطن من أي إكراه ديني يمارس معه، فمن باب أولى لا يجوز لها أن تكرهه على اعتناق دين ما، أو البقاء على دين ما. وحيث إن الدولة كما هو معروف تضمن للمواطن غير المسلم حق وحرية الانتقال من دينه إلى الإسلام، وبما أن الدستور يؤكد مساواة المواطنين، وعدم جواز التمييز بينهم بسبب الدين أو العقيدة، فلا بد لها أن تحمي المتحول من الإسلام إلى دين آخر، أو إلى اللادين، أو إلى الإلحاد.
فالمادة الثامنة والثلاثون تنص على أنه «تكفل الدولة وبما لا يخل بالنظام العام والآداب: أولا: حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل.»، ثم «ثانيا: تكفل الدولة حماية الفرد من الإكراه الفكري والسياسي والديني.». فالدولة إذن «تكفل […] حماية الفرد من الإكراه […] الديني»، ثم «تكفل […] حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل»، أما اشتراط تلك الحرية بأن تكون مما «[…] لا يخل بالنظام العام والآداب»، فاعتماد عقيدة ما، أو التخلي عن عقيدة ما، ثم التعبير عن ذلك وبكل الوسائل، كما تنص المادة، أي بالكتابة والتأليف وعقد الندوات وإلقاء المحاضرت، بكل تأكيد لا يمكن اعتباره مخلا بالنظام العام، ولا بالآداب.
وتأتي المادة الثانية والأربعون لتؤكد أنه: «لكل فرد حرية الفكر والضمير والعقيدة.» ففكر وعقيدة كل مواطن هما اللذان يمنحه الدستور حق اختيارهما بكامل حريته، أن يكون مسلما، أو منتميا لدين آخر، أو يكون مؤمنا لادينيا، أو إلهيا عقليا، أو يكون ملحدا أو لاأدريا.

08/06/2017

اترك تعليقاً