الرئيسية / ثقافة وادب / هنا بعثرتُ رمادي

هنا بعثرتُ رمادي

السيمر / الاثنين 17 . 07 . 2017

علي حنون العقابي

هُنا طارَدتني الريحُ بعدَ اِرتدادِ الصَدى
فَخَرجْتُ بِحَصيلةِ المَواثيقِ التي لا تُؤتَمنْ
يُحيطُني السَيّلُ مِن كلِّ صَوبٍ
فما اِرتَديّتُ حِيرتي
اِنما حَمِلتُ على كتفي ذاكَ اليقين
طَوَيّتُ اليأسَ حتى أجيءُ بالبشارةِ
لكنَّ الزمنَ الأدرَدَ لَمْ يتركْني
كُلما أصحو مِن طعْنَةٍ
تتكاثرُ عليَّ النِصالُ
فَجَمَعْتُ الأضدادَ لِأسكُنَ في التيه
وَصارتِ الروحُ تَتَهدَجُ قبلَ الرحيلِ .

هنا القيّتُ في فُراتِكِ آخرَ أوراقي
فَتعالي نَكْشفُ عن المهابةِ
اِجذبيني بِصَوتِكِ حتى أُرمِمَ هذا الخرابُ
أضرِمُ فيكِ الحبَ
وانسَلُّ بهدوءٍ نحوَ الفراغِ
فقدْ عدتُ اليكِ بحزمٍ
وسوفَ اختَزِلُ فيكِ الغياب
أشعِلُ البهجةَ كي نتراشقَ بالقرنفلِ
أُحيطي جَسَدي بطمأنينةٍ
لَعَلّي أهيمُ بهباتِ الحَصادِ الأخير .

هنا لا أُريدُ أنْ أمضِيَّ وَحدي
أُمَسّدُ الأحلامَ بالجَدَلِ
لا أُريدُ أنْ أبحَثَ عنكِ في ضياعي
أُريدكِ في الرُؤى
عسى أنْ أدفعَ عنكِ السِهامَ
فليكنْ طَرِيقُنا المفعمُ بالعشقِ
طريقاً لهديلِ الروحِ
وهطولاً لِبقايا الأغاني
اِنتَدبيني اِذنْ
حتى أطلَّ عليكِ مِن رفيفي
فهي خطوةٌ
وبعدُها يكتملُ الزلزالُ .

هنا اِحتَرَقْتُ بالقبلةِ الأولى
وَبعثَرتُ رمادي
لكنني تقدمتُ بِحنكَةٍ خَلفَ قَريني
فما أبقيتُ البلادَ وَحْدها
اِنما غطيتُها بأطرافي
ثم تيممتُ صَوبَ الملاحم بإصرارٍ أكيد
حيث ايقنتُ _ بعد نزوحِ السِربِ_
كيف اتكأُ على الجرحِ
أُسميَّ الأجناسَ عندَ اِصطفافِ الخُطى
وأتعقبُ النجْمَ الذي اِنجلى عن غباري .

هنا نضجَ الحديدُ على كتفي
فَمَنْ أباحَ لهذا الليلُ
أنْ يُملي علينا الظلامَ ؟
فقد مَرِرتُ على ينابيعِنا الأولى
لم أجدْ غيرَ الخريفِ الممعنُ في الذبولِ
حيث تقدمتنا الراياتُ
وانفرطَ الصَحَبُ
لمْ تعدْ ازهارُنا تتهادى
مع الصوتِ الخفيَّ في السكونِ .

هنا كنتُ أطوفُ تحتَ القبابِ
وأمسكُ بمجاذيفِ الكلامِ
أجرفُ الرموزَ كُلَها
وأكشِفُ عن الرمزِ
يشملني الحزنُ
بمرتبةٍ أعلى من الشوقِ
يجذبني بمزيجٍ من الحبِ
فسوفَ ابتكرُ العلامةَ
وألملمُ خُلاصَةَ الوجعِ القديمِ
فلا بلادٌ سوى بغدادَ
اقولُ هذا .. ويلسعُني الحنينُ .

هنا في مَمْلَكتي
أقيسُ الأبجدياتِ بالميزانِ
أوقظُ ديكَ الحكمةِ
قبلَ شهقةَ الفجرِ
وأكتبُ سطورَ الصُبحِ
على أوراقِ الذهولِ.

اترك تعليقاً