السيمر / الأربعاء 13 . 09 . 2017
سلام / كناس بغدادي متقاعد
بداية شباط ١٩٨٩ تسلمت العمل كرئيس فريق الأمانة التنافسي لإعمارها ومع وزارتي الحكم المحلي والاسكان والتعمير وبعد ٦ شهور من توقف الحرب . وكنت الفائز الأول .
زارني الأستاذ الأديب عبدالعزيز العدساني أمين العاصمة الكويتي و عميد امناء العواصم العربية
آنذاك ، ورجاني أن يقوم بجولة تفقدية لدراسة تقديم الدعم للبصرة . قال بسيارتك و أنت تقودها لنتحرر بالكلام . اطلع على البصرة القديمة ودور اخواله المتداخلة مع الدور التراثية أم الشناشيل على نهر العشار . ثم إلى مجمع سكني حديث لم يكتمل على الطريق العام مقابل الحيانية يسمى عمارات – العٓرْضْ واحد – يسكنه المرحلون من المناطق الحدودية و كل عائلتين بغرفة و لذلك إختلط الحابل بالنابل و لم تعرف المرأة زوجها من حماها وبذلك أخذ تلك التسمية التي لم يعرف سواها . تقيأ الضيف للروائح الكريهة جداً بسب تصريف مياه المجاري القذره إلى برك تتوسط كل مجموعة من العمارات انشئت أصلاً للترفيه و ما زاد الوضع سوءًا هو إكمال اكسائها بالحجر الذي منع التربة من الإمتصاص .
ثم رجاني بأن نذهب مع ضفاف شط العرب إلى ابوالخصيب فالمطوع فالمعامره قبل الفاو . العدساني خبير بانواع التمور وزراعة النخيل وله كتب منشورة .ويعرف بساتين نخيل البصرة من القرنة حتى الفاو . تسلقنا تلة مهجورة – ربية عسكريه – و هالنا المنظر ضفة إيران المقابلة زاهية داكنة الخضار وجانبنا قاحل بأكمله و ملايين النخيل ميتة واقفةً . وهنا اصيب الرجل ب حالة هستيرية إذ قال اني ائتمنك يا سلام ، لا تحاول ايقافي وإلا سترسلني بتابوت من هنا إلى الكويت . قلت افعل ما يريحك معالي الأمين . نكس عقاله و شق دشداشته و رمى عبائته و ناح وهو يلطم و يلقي الشعر الحزين ثم وضع التراب على رأسه و اعقبها مناحة بدوية لم أسمع أحزن منها .بعد ربع ساعة شد دشداشته قائلاً هذا قليل بحقج يلبصرة
تعمقت بأسباب موت النخيل حيث أصبحت مطلعاً على مناطق البصرة من مقالع جبل سنام إلى كسارات الزبير و الشعيبة إلى الضفة الشرقية من شط العرب وجدت إن السبب هو أمر أحمق من قائد فيلق عند بدايات الحرب بردم و غلق مداخل أنهر السقي لتدارك توغل الزوارق الصغيرة السريعة جداً من إيران و تسمى الاحوازات التي تسقي النخيل سيحاً بموجات المد .
وللموضوع علاقة طريفة عند عملنا بأعمار الفاو بعد البصرة أكمل التصنيع العسكري بناء أكبر جامع بإسم عدنان خيرالله وعند كري أنهر الفاو و فتحها للسقي و البحيرات الترفيهية مال الجامع بمنارته وقبته كبرج بيزا وكذلك عدد من المباني لعودة تربة الفاو لأصلها الهش وصعود المياه الجوفية فعوقب المنفذين . الحديث عن الأوامر القراقوشية ذو شجون ستذهلكم مع طرائف سأذكرها إن كان لا يزعجكم .