الرئيسية / مقالات / إلى الشباب (4): عش لحظات الخطر واحيي الطفل في داخلك

إلى الشباب (4): عش لحظات الخطر واحيي الطفل في داخلك

السيمر / الأربعاء 13 . 09 . 2017

صالح الطائي

قال (مارتن هيدجر) في كتابه (التقنية ـ الحقيقة ـ الوجود): فالحرية ليست فقط ما يريد الحس المشترك أن يمرره تحت هذا الاسم.. تلك النزوة التي تنبثق فينا أحيانا وتدفع باختيارنا إلى هذا الطرف أو ذاك. إن الحرية ليست مجرد غياب الإكراه المتعلق بإمكانياتنا في الفعل أو عدم الفعل لكنها أيضا تكمن في الطواعية تجاه مطلب ما أو ضرورة ما، وبالتالي تجاه موجود ما.
إن هذا الواقع يدهشنا حقا، وينبغي له أن يدهشنا لأطول مدة ممكنة، وبشكل ملح، ليدفعنا في النهاية إلى أن نطرح سؤالا نلخص فيه كل تداعيات فكرنا، ثم نقدمها على طبق من ذهب لا لمن يحب الاستماع إليها فحسب، وإنما لمن يكرهون النظر إليها أيضا، فالمجازفة مطلوبة في أغلب الأحيان، وعن طريقها ممكن أن نلفت انتباه من لا يريدون سماعنا ليصغوا إلى ما نقول، أما مدى جديتهم وإفادتهم من ذلك القول فهي حتى لو لم تظهر بشكل مباشر فإنها لابد وأن تترك أثرا في خيالهم تستفزه بعض الأحداث وتظهره من خلال قول أو سلوك
خلال عمري الطويل عرفت كثيرا من الناس كانوا باستمرار يحاولون التهرب من الخطر، أما أنا فأدعوك لأن تعيش لحظات الخطر، فالعصف الذي تحدثه المخاطر يسهم في إيضاح مسارات جميع الطرق أمامك، ولابد وأن تجد في أحد تلك الطرق المتشعبة طريقا يقودك إلى الحقيقة أو يدفعك إلى التساؤل عنها. وحينها ستجد أنك بحاجة لأن تفكر وتواصل التفكير في الأشياء التي أنت بصدد السؤال عنها، وهذه هي الحركة التي أقصدها.. حركة لابد وان تريك ما لم تكن تراه من قبل. إن الماء الراكد الذي يبدو نقيا يخدعك أحيانا، ولكنك ما إن تحركه حتى يكشف لك عما في أعماقه

أغضب صديقك تستطلع سريرته .. للسر نافذتان السكر والغضب
ما صرح الحوض عما في سريرته .. من راسب الطين إلا وهو مضطرب

لا تخشى بعض لحظات الانفلات أو التصرف الذي لا يخضع إلى منطق العقل فأنت بحاجة لأن تتحرر أحيانا من تزمتك لتعيش لحظات مغامرة بسيطة تستنهض الطفل القابع في أعماقك ليتصرف على هواه من جديد بعد أن سجنته طويلا لتدعي بأنك أصبحت راشدا. هذا الطفل هو ملاذك الحقيقي ومنقذك من حالات التشنج الفكري التي تمر بها، فالانفلات الذي يبحث عن ملاذ في القلب يبدو صفقة مريحة ومربحة … ولا يكلفك شيئا!.

اترك تعليقاً