السيمر / الخميس 30 . 11 . 2017
عبد الجبار نوري*
توطئه/ “الثورة يخطط لها الأذكياء ، وينجزها الشجعان ، ويبيعها الجبناء والجواسيس” .
العرض/ بمناسبة ذكراها المئة أكتبُ عن الثورة الروسية المجيدة 16 أكتوبر 1917 ، التي قادها البلاشفة بقيادة ” فلاديمير لينين ” ومساعده جوزيف ستالين ، وتمام الحزب البلشفي ، والجماهير العمالية بناءاً على أفكار كارل ماركس والتطوير الفكري للينين العظيم في أقامة دولة أشتراكية وأسقاط الحكومة المؤقتة 1905 ، وتعد هذه الثورة البلشفية أول ثورة شيوعية في القرن العشرين ، وعملاً حاسماً وضرورياً ضمن حركة التأريخ ، وأصبحت ثورة أكتوبر1917 نقطة الذروة في أحدى الحركات الجماهيرية الأشد عمقاً في التأريخ ، بتلك الأهداف الأنسانية في تحقيق المساواة والقضاء على الرأسمالية الأقطاعية وتحقيق الأشتراكية العلمية ، لذا تعتبر الثورة الروسية أحدى أعظم الأحداث اتي عرفها تأريخ البشرية ، وأكد صانع الثورة ” لينين ” في كتابه ما العمل ؟ أن أهداف الثورة الأساسية هي الأشتراكية العلمية عابرة للثورات البرجوازية الديمقراطية ، فكان لهذا القائد الفذ والمحنك دوراً فعالاً في نقلة نوعية من الأفكار التوفيقية لأعداء الثورة إلى البلشفية الأشتراكية الشيوعية ، وكانت سرعة زمنية يحتاجها التأريخ من ثورة فبراير 1905 إلى ثورة أكتوبر خلال شهر نوفمبر من نفس السنة ، أي مدة مخاض روسي التسعة أشهر ليظهر بشائر الوليد الجديد ليرسم أوسع دولة أشتراكية في جغرافيتها الشاسعة التي تشرق وتغرب فيها الشمس والتي تشكل سدس المساحة الكلية في يابس الكرة الأرضية وبأسم الأتحاد السوفياتي في 26 ديسمبر 1922م وحتى 26 ديسمبر 1991 وظلّ ولمدة 69 سنة في البناء النفسي للأنسان السوفيتي والبناء الحضاري بأقتصادٍ متين مؤطر بالأشتراكية العلمية وتطور ثقافي وعلمي ومشاركة دول العالم في محاربة النازية وأرساء السلام العالمي و نصيراً للشعوب المضطهدة ، ونداً مخيفاً للقوى الأمبريالية ، ورقما صعباً لامعاً في التوازن الدولي ، وأخرج الرئيس الروسي ميخائيل كورباتشوف سياسات ” البيريسترويكا” والفلاسنوست وهو برنامج للأصلاحات الأقتصادية 1985- 1987 وتعني أعادة البناء وتطورّت إلى أعادة الهيكلة وإلى سنة النكبة السوفيتية 1991 وتفكيك الدولة السوفيتية التي تضم أربعة دول : جمهورية روسيا السوفيتية الأتحادية الأشتراكية ، وجمهوريات أوكرانيا ، وبيلاروس ، والقوقاز ، وهو موضوع شائك وطويل يحتاج إلى بحث موسع ، وقد أوجزهُ حسب رأي الشخصي { — مع تدافع الصراعات وظهور أفكار المعاكسة للأصلاحيين في أعادة النظر في ( الكولخوزات المزارع الحكومية والسوفخوزات المزارع التعاونية التي هي من أختصاصات رئيس الدولة غورباشوف أكاديمياً ثم تطور إلى أصلاحات مغايرة للأقتصاد السوفييتي برمتهِ ، والتي كانت تحوي ما تحت رمادها آلاف المفرقعات الصوتية لأعداء المسيرة ، وحدث ما حدث في تفكك العقد السوفيتي ، ولكن أقول لم يتبين لنا من الناحية الموضوعية ومن جدليات أبجديات الأعداء ( فشل ) نموذج الأشتراكية العلمية .
ثورة أكتوبر/أكثر الأحداث تأثيراً في التأريخ
– أصبحت ثورة أكتوبر 1917 مدرسة وطنية لكل الأحرارشعارها ” ثقافة المواطنة ” يقول في هذا المضمون الوطني الرفيق الشهيد ” فهد ” مؤسس الحزب الشيوعي العراقي { كنتُ وطنياً قبل أن أكون شيوعياً —– وعندما أصبحتُ شيوعياً صرتُ أشعرْ مسؤولية أكثر تجاه وطني } .
-دفعت الطبقة العاملة في مساحة جغرافية الكوكب والمنطقة العربية إلى تأسيس حزبها الشيوعي صاحبة الهوية الوطنية والراية الحمراء واليد البيضاء أدت إلى تأسيس الأحزاب الشيوعية والأحزاب الوطنية الديمقراطية وأخرى لبرالية يسارية أو أحزاب ماركسية وعلى سبيل المثال: تأسيس الحزب الشيوعي العراقي 1934 بقيادة الرفيق الشهيد “فهد ” ، الحزب الشيوعي السوداني 1946 بقيادة عبدالخالق محجوب ، والحزب الشيوعي المصري 1922 بقيادة جوزيف روزنتال وحسين العرابي ، الحزب الشيوعي اللبناني 1924 بقيادة جورج حاوي وأمينه الحالي حنا غريب ، والحزب الشيوعي السوري 1972 بقيادة خالد بكداش بعد توحيد الأحزاب اليسارية والماركسية والشيوعية التي تأسست في عام 1944 ، والحزب الشيوعي الأردني 1951 بقيادة يعقوب زيادين وفؤاد نصار والحزب الشيوعي الفلسطيني 1923 بقيادة عربي عواد امين عام الحزب ، والحزب الشيوعي الأسرائيلي ( راكاح ) 1919 ، الحزب الشيوعي الأيراني ( توده ) 1941 برئاسة سليمان محسن أسكندر .
– وأصبحت الثورة البلشفية مناراً يحتذى بها لكونها أفرزت نفسها عن صفوف الثورة البرجوازية الفرنسية والصناعية البريطانية بأحزابها البورجوازية الطفيلية ، بينما ثورة أكتوبر البلشفية من صنع الجماهير الكادحة والشغيلة المستلبة .
– وتعتبر الثورة الروسية من أكثر الأحداث المؤثرة في تأريخ الطبقة العاملة بالخصوص وذلك بالعمل الحثيث والمتواصل لمعلم الثورة كارل ماركس ، لم يكن ماركس مجرد فيلسوف بل داعية الأنقلاب السياسي والأجتماعي ، فهو بحق المعلم الأول للبروليتاريا ، وراسم طريق الخلاص للطبقة العاملة ، بتزويد البروليتاريا ( كود) أستلام السلطة من النظام الرأسمالي ، في مؤتمراته ومحاضراته ومقارعته لفلاسفة عصره ومنجزاته البحثية الماركسية في مجلدات كتابه رأس المال والمخطوطات الفلسفية يعلن فيها توعية العامل لتلمس وتحسس حقوقه المستلبة من قبل الرأسمالية – البرجوازية فيتحدث عن أغتراب العامل وأنسلابه وتجريده من حقوقه الطبيعية ، فماركس العبقري يمزج بين أواصر كيمياوية وعناصر ديناميكية فلسفية عن المضمون المستقبلي للطبقة العاملة ، وهذا المعلم البروليتاري يفند : أن العامل يمتلكهُ الرأسمالي جسداً وقوّة ممتصاً منهُ ناتج عمله ، ويخرجهُ من وسائل الأنتاج لأنها في حوزتهِ أصلاً ، ويعلن ماركس حرباً بشكل نقدٍ لاذع لمميزات وخصائص النظام الرأسمالي في معادلاته الفلسفية مثل : { كلما زاد أنتاج العامل من الثروة أزداد بؤساً وفقراً ، يصبح العامل سلعة أرخص كلما صنع المزيد من السلع لأن العامل لايكسب بالضرورة حين يكسب الرأسمالي لكنهُ يخسر بالضرورة حين يخسر الرأسمالي ، تنخفض قيمة أنسانية العامل مع زيادة قيمة السلع، وتراكم الثروة عند في كفة الرأس مال يزداد الفقر والفاقة في كفة الأكثرية الساحقة } ، بالتأكيد أصبحت هذه الأفكار الماركسية- والتي هي أساس بناء ثورة أكتوبر- حافزاً قويا لحراك الطبقة العاملة في مناطق عدة في العالم .
– وأن ثورة أكتوبر البلشفية المبنية على الأشتراكية العلمية سفهتْ الكثير من الأشتراكيات البورجوازية التي طرحتْ في أواخر القرن العشرين على الساحة العربية والعراقية كالأشتراكية الرشيدة أو المجيدة الفاشلة والمتهافتة ، ودحضت آراء أعداء الأشتراكية وطواغيت الرأسمالية أنها لم تكن كونها ألا حركات أنقلابية وليست بثورات ، وخلال 75 سنة من عمرها .
– أثبتت ثورة أكتوبر أن ” الجماهير ” هي أوكسجين كل حزب شيوعي بل قاعدتها التي تستمد منها الديمومة ، وبشهادة التأريخ عمل البلاشفة بعناد ومن دون كلل مع الجماهير وبنكران ذات وبعمل طوعي متواصل في الورش والمصانع والمدارس والجامعات والثكنات وحتى في أيام العطل .
– أنتشار روح الثورة في الشرق العربي وأندلاع الثورات البورجوازية وهي الخطوة الأولى للأنتقال إلى الأشتراكية الديمقراطية حسب مفهوم صيرورة حركة التأريخ ، كثورة يوليو 1952 في مصر ، وثورة 14 تموز 1958 في العراق ، وثورة الجزائر 1962 .
المجد لثورة الشغيلة والكادحين ثورة أكتوبر 1917 المجيدة ، والعرفان والجميل لمعلمي الأجيال الصاعدة سائق قطار التأرخ الروسي معلم البروليتاريا ” لينين ” العظيم ، وتحية أكبار وأجلال لفيلسوف الثورة كارل ماركس —
الهوامش/ * كتاب ما العمل – لينين * البيان الشيوعي – 1847مختارات * ماركس وأنجلس المجلد الأول ص65 * ستالين – سيرة سياسية – أسحق دوتشير ( مقال ) * ستالين طابع ثورة أكتوبر العالمي – – ترجمة عزالدين الحديدي ص 1 ، 5 ، 8 * كتاب رأس المال( المجلد الأول ) والمخطوطات لكارل ماركس * لينين – المباديء التنظيمية للحزب البروليتاري – ترجمة سعد رحمي – القاهرة 1984 ص10 * مدخل ألى الأشتراكية العلمية أرنست ماندي * لينين الدولة والثورة – موسكو مترجم 1970
*كاتب وباحث عراقي مقيم في السويد
كُتب في 30 نوفمبر2017 ستوكهولم