السيمر / الجمعة 09 . 02 . 2018
معمر حبار / الجزائر
حين يعيش المرء مع الكتب قراءة وتلخيصا ونقدا ومناقشة فلا ضير أن تكون كتاباته وأيامه عن القراءة والكتب، ومن بين هذه المواقف التي تخصّ الكتاب خلال هذا الأسبوع:
أحدّث الإمام الفقيه بوعبد الله بوعروبين صاحب المواقف الخالدة عن كتاب “فتح الإله ومنّته بفضل ربّي ونعمته” لأبي راس الناصري الجزائري، فيجيب: لا أملك هذا الكتاب لكني سأطلبه من زميل لي، فأردّ بقوّة: إذا كنت لا تملك الكتاب فلا داعي أن تطلبه من أحد كان وأنصحك أن لا تطلبه أيّ كتاب حتّى لا تقع في حرج وأنت الإمام الفقيه.
ومنذ ثلاثة أيام وأنا في مكتبة زميلي البودالي اشترت سيّدة مجموعة من الكتب وحين دفعت المبلغ طلب منها صاحب المكتبة زيادة الفارق الذي لم يكن بالكبير، فاعتذرت لأنّه لم يكن لديها الفارق فدفعت عنها الفارق الصغير ، وكم زادت فرحتي حين أخبرتني أنّ الكتب هدية لطفل صغير هو الآن طريح الفراش، والحمد لله أنّ البسمة عمّت الصحيح والمريض معا.
ومنذ يومين أزور الصندوق الوطني للتقاعد وفي انتظار دوري أفتح كتاب “المرآة” لعثمان خوجة وأواصل كعادتي قراءة الجزء الثاني، إذ بصديق بجانبي يطلب منّي أنّه بإمكانه الاتّصال بأحد تلامذته السّابقين ليسمح لنا بالمرور دون التقيّد بالرقم والطابور، فأجيبه دون تردّد: لو فعلت ذلك فإنّك ستسيئ لي وللصحبة فأنّا أعرف جيّدا أنّ طابورا سينتظرني ولذلك أحمل معي دوما كتبا للقراءة في انتظار دوري، فلزم زميلي الأدب ولم يفعل.
والبارحة وأنا أنتظر أصغر الأبناء شمس الدين من السّباحة أقرأ كتاب : “لمحة عن تاريخ منطقة القبائل، حياة الشيخ الحداد وثورة 1871″، للأستاذ بطاش علي، الطبعة الرابعة 2016، دار الأمل تيزي وزو، الجزائر، من 386 صفح، ولم أنته بعد من قراءته، إذ بطفل صغير تمتد يداه للكتاب وأتركه وأنا كلّي فرح إذ بالأب يتدخل بقوّة ويمنع ابنه من مسّ الكتاب، فأطلب منه أن يترك الطفل يعبث بالكتاب حتّى يتدرّب على الكتاب منذ صغره وتمسي لديه قراءة الكتب من الغايات العالية النبيلة التي يسعى إليها طول حياته ويحرص عليها ما دام حيا.
ويدخل الأستاذ محمد صاحب كتاب “موسوعة الرياضة عند المسلمين” وكتاب “التهذيب” سيارتي فيرى كتاب “إسماع الأصم وشفاء السّقم في الأمثال والحكم” للشيخ محمد أبو راص الناصر المعسكري ت1238هـ ويعجب به ويخبرني أنّه يبحث عنه منذ مدّة ولم يجده وهو من المراجع الأساسية لنيل شهادة الدكتوراه، فأهديه الكتاب ولم أنته بعد من قراءته وأتمنى له السّداد والتوفيق وحسن القراءة والنقد.
ويطلب منّي زميل صدام حسين مجاهد. مجموعة من الكتب لإعداد مقال علمي فأوافيه بما طلب، ومن كثرة المراجع التي وضعتها تحت تصرفه لم أستطع حملها إلا بمشقّة، وما أحزنني قوله: “سأرسل فلانا ليأخذها”، فأعاتبه قائلا: العلم يسعى إليه الطالب والمتعلّم، واستحي فعلا طالب الدكتوراه واعتذر، ورغم ذلك حملت الكتب إليه بسيارتي، قائلا: تعمدت هذا السّلوك لأنقل لك رسالة مفادها أنّ السعي للعلم علم وجوهر العلم وأساسه بحد ذاته ووعدته أن أوافيه كلّما عثرت على الجديد.
ويدخل الزميل الشاب محمد عبد الفتاح مقدود إلى مكتبتي الصغيرة وهو الذي نجح هذا العام في الدكتوراه، فيقول لي: ألا تبيع كتبك؟ !، فأشعر بحزن شديد ومن هول وقع السؤال وأقول له: نعوذ بالله من بيع الكتب واللّهم لا تبتلي عبدك الذليل ببيع الكتب واحفظه من كلّ بلاء يدفعه لبيع الكتب.
وأنهي منذ ساعات قليلة قراءة 14 كتابا سبق أن اشتريتها نوفمبر 2017 من المعرض الدولي للكتاب وكانت فعلا خاتمة مسك للذي يقدّر الكتاب ويحترم القراءة، وسبق أن عرضت بعضها وسأعرض الباقي بإذنه تعالى لعلّ قراءتها تكون صدقة جارية لوالدي رحمة الله عليهما ومفيدة للقارئ والناقد.