السيمر / الاثنين 12 . 02 . 2018 — لا تبدو فرص حصول رئيس الحكومة العراقية، حيدر العبادي، على ولاية ثانية محسومة، رغم الحديث المتكرر من مقربين منه على وجود توافق إقليمي ودولي على الرجل في الحصول على أربع سنوات أخرى، باعتباره شخصية متوازنة، يجب أن تكمل ما بدأت به في السنوات الأربع الماضية، خصوصاً في الملف الأمني والاقتصادي وإصلاح التركة الثقيلة التي خلفها رئيس الوزراء السابق، نوري المالكي، من خلال سياسته في إدارة البلاد.
فالأطراف الداخلية السياسية، وأبرزها الأكراد والسنة، باتت تصرح بوجود شروط لديها لمنح الثقة مرة أخرى للعبادي، في الوقت الذي تحاول فيه كتل وأحزاب التحالف الحاكم الحصول على منصب رئيس الوزراء، على اعتبار أن حزب الدعوة استأثر بالمنصب لأكثر من 12 عاماً وأقصى المجلس الأعلى والصدريين وباقي الكتل عنه. في هذا الوقت لا تخفي مصادر مقربة من العبادي قلقه من تزوير في الانتخابات، إذ يسيطر المالكي على مفاصل مهمة داخل مجلس المفوضين وفروع مفوضية الانتخابات في المحافظات الجنوبية خصوصاً، رغم وجود تأييد جيد من الشارع العراقي للعبادي حتى داخل الجمهور السني، الذي يعتبره أفضل من سابقيه.
ورأى برلمانيون من “الدعوة”، وهو الحزب الذي ينتمي له العبادي، أنه لم يحقق أي منجز يذكر بما يتعلق بملفات الفساد، فيما يعتبر نواب سنة أن حصول العبادي على ولاية ثانية من عدمه، مرهون بمدى تحقيقه لطموحات السنة وتنفيذ وعوده العديدة، أبرزها إعادة النازحين إلى مناطقهم، وكذلك تعويضهم عن خسائرهم المادية والمعنوية. ويذهب الأكراد إلى التساؤل عن غياب “حكومة التكنوقراط” التي وعد بها العبادي.
“النصر العسكري ليس من إنجاز العبادي، وإنما يعود للقوات المسلحة التي قاتلت “داعش” وطردته خارج البلاد”
وقال النائب عن ائتلاف دولة القانون، محمد الصيهود، إن “تلميحات العبادي، في بياناته الإعلامية وخطبه، بأن حربه على الفساد لن تنتهي خلال أيام وأنها تحتاج إلى وقت وهمة، مرفوضة بالمجمل، لأنه يلمح من خلالها إلى أن الوقت المتبقي من عمر الدورة الحكومية الحالية لن يكفي، وبذلك يبعث رسالة تفيد بسعيه للفوز بولاية حكم ثانية، وهذا يعد مصادرة لأصوات الناخبين، بطريقة غير مباشرة”. وبين الصيهود، لـ”العربي الجديد”، أنه “لم يتحقق خلال السنوات الماضية أي نصر سياسي أو اقتصادي. حتى النصر العسكري ليس من إنجاز العبادي، وإنما يعود للقوات المسلحة التي قاتلت داعش وطردت هذا التنظيم خارج البلاد”. وأضاف “من الصعوبة التنبؤ باسم رئيس الوزراء المقبل، لأن نتائج الانتخابات البرلمانية لم تظهر حتى الآن، والناخب العراقي هو من سيحدد رئيس الوزراء، وشكل العملية السياسية”.
في غضون ذلك، كشف مصدر مقرب من رئيس الحكومة، عن حصول توافق دولي على دعم العبادي، بشرط الحفاظ على المسافة بينه وبين إيران بشكل معتدل. وقال المصدر، لـ”العربي الجديد”، إن “أغلب الدول العربية والإقليمية، وحتى الأجنبية، تريد فوز العبادي وتؤيد سعيه للولاية الثانية، بشرط عدم تحقيق أي تطورات على صعيد العلاقات مع إيران، والعمل على وضع العلاقة في إطار محدد بعيد عن التبعية”. وأضاف المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن “تحالف الفتح، الذي يضم فصائل الحشد الشعبي التي تسعى هي الأخرى لتحقيق مكاسب انتخابية، يفكر في طرح اسم زعيم منظمة بدر هادي العامري، كمنافس للعبادي”. وكان العبادي، الذي يمثل تحالف “النصر”، وقع مع العامري، الذي يمثل تحالف “الفتح”، في 13 يناير/ كانون الثاني الماضي، وثيقة رسمية لخوض الانتخابات بقائمة واحدة أطلق عليها اسم “نصر العراق”، إلا أن هذا التحالف، الذي أغضب التيارات المدنية، لم يستمر. فبعد ثلاثة أيام فقط، انسحب “الفتح” من “النصر”، ليترك العبادي وحيداً، فيما اعتبر العامري، في بيان، أن الانسحاب حدث لأسباب “فنية”.
بدورها، بيّنت النائبة انتصار الجبوري، أن “منصب رئيس الوزراء محسوم للبيت الشيعي، المتمثل بالتحالف الوطني، سواء فاز العبادي أو غيره”. وقالت الجبوري، لـ”العربي الجديد”، إن “المكون السني حتى الآن، يشعر بالرضا على العبادي، ودوره في تحرير مناطق اغتصبت بيد إرهابيين عاثوا في الأرض فساداً. لكن تأييد السنة للعبادي سيتعاظم وسيصبح واضحاً أكثر إذا باشر بتنفيذ وعوده، التي تتضمن إعادة النازحين إلى مناطقهم، وتعويض المناطق المتضررة”. وأضافت أن “حصول العبادي على ولاية ثانية لرئاسة الوزراء، أو غيره، مرتبط بالتوافق السياسي بين الأحزاب والمكونات، فإذا حصلت كل المكونات على استحقاقها الانتخابي وتشاركت في إدارة الدولة بشكل يرضي الجميع، سيصبح من السهل تسمية رئيس الحكومة، أما إذا حدث العكس، فستحدث مشاكل قد تقود إلى أزمات”.
“تحالف الفتح يفكر بطرح اسم هادي العامري كمنافس للعبادي”
وكان زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، أعلن، في 20 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، دعمه الصريح لترشح حيدر العبادي لولاية ثانية. وقال الصدر، في حوار متلفز، إن “العبادي يجب أن يُمنح أربع سنوات أخرى لإكمال ما بدأ به”، مؤكداً أنه “يدعم ترشح العبادي لولاية ثانية، وليس ثالثة”. لكن هذا التأييد سرعان ما تحول إلى تعجب واستغراب بعد إعلان العبادي التحالف مع مليشيا “الحشد الشعبي”. وقال الصدر، في بيان خطيّ وبكلام موجه للعبادي بشكل مباشر: “كنا نظن أنه أول دعاة الوطنية والإصلاح”. أما النائبة عن التحالف الكردستاني، أشواق الجاف، فقد وصفت العبادي بأنه “بطل التصريحات الإعلامية، وآكل حقوق الفلاحين الأكراد”. وقالت إن “العبادي، وخلال فترة حكمه التي شارفت على الانتهاء، لم نعرف عنه غير التصريحات. وتلويحه الدائم بالقضاء على الفساد غير حقيقي، لأنه أول المتملصين من تطبيق الدستور”. وبينت، لـ”العربي الجديد”، أن “من لا يطبق الدستور هو جزء من الفساد”. وأضافت أن “الشعب الكردي وصل إلى مرحلة الجزع من وعود العبادي، خصوصاً الفلاحين الذين لم يتسلموا استحقاقاتهم المتراكمة منذ ثلاث سنوات، وبذلك فهو خسر الشعب الكردي”. ولفتت إلى أن “حكومة التكنوقراط التي صدع رؤوسنا بها، لم تتحقق حتى الآن، فكيف بعد كل ذلك يفكر بالفوز بولاية ثانية؟”.
المصدر: العربي الجديد