الرئيسية / مقالات / اللعبة في ذروتها

اللعبة في ذروتها

الجمعة 20 . 11 . 2015

نبيه البرجي / لبنان

nabeh_burjy_23789اذاً، لعبة القبائل تتراجع، دراماتيكيا، امام لعبة الامم. ها اننا، كالعادة، حفاة، بل وعراة، على رقعة الشطرنج. جثث بمئات الاف، وخسائر بمليارات الدولارات، دون ان يصغي العرب، او بعضهم، لمن قال لهم لدى اندلاع الازمة، انكم ستدورون في الحلقة المفرغة. الحلقة الجهنمية التي يدور الجميع فيها الان…
ثمة آية قرآنية وتقول «تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى». لا نعتقد البتة بوجود الامة الاسلامية ولا العالم الاسلامي.الظاهرتان افتراضيتان. هل من امة عربية وهل من عالم عربي؟ ظاهرتان فولكلوريتان. ليس ثمة من امة في التاريخ تختزن كل تلك الكراهية ثم لتتقيأ الكراهية بين الفينة و الاخرى…
لعل الله يقبل اعتذارنا اذا قلنا «عقولهم شتى»، ليست «قلوبهم شتى» فقط. لا نتجرأ ونقول ان العبارة الاولى سقطت سهوا من الاية. من فضلكم ارجمونا، هل يليق بنا الزمن؟
يقول كاتب يمني «الايرانيون استعملوا عظامنا تكتيكيا للضغط على السعوديين في سوريا، والسعوديون استعملوا عظامنا استراتيجيا لازالة الايرانيين من المنطقة. كما ترون، نحن الذين نزول…».
هل يتحمل اليمنيون بقضّهم وقضيضهم، ان يلعب بهم الايرانيون هكذا فيذهبون بالحوثيين من صعدة الى عدن، وهل تعتقد الشاشات العربية، بكل ذلك الضجيج (الهمجي وبما تعنيه الكلمة) ان معركة تعز هي معركة حطين؟ من يريد ان يحارب الايرانيين عليه ان يحاربهم في عقر دارهم لا في اليمن ولا في سوريا ولا في العراق…
لكننا هكذا، منذ ايام المناذرة والغساسنة (سيوفنا شتى ايضا) مازلنا نأكل لحوم بعضنا البعض، حينا من اجل كسرى وحينا من اجل هرقل، عجيب امر هذا الطراز من اكلة لحوم البشر.
لن نقول Game Over. اللعبة في ذروتها. يكتب فريد زكريا «لقد دقت ساعة القيصر». لم يعد الروس يقبلون بأقدامهم فقط في المياه الدافئة. القاذفات الروسية،لكأنها الدببة المجنحة، في الاجواء الدافئة. القاذفات الاستراتيجية البعيدة المدى، لا بل ان موسكو تبدو وكأنها تقود الحرب ضد دولة الخلافة. الولايات المتحدة،بسياساتها المتعرجة والملتبسة تقفل اخيرا الحدود التركية التي طالما كانت بوابة الجحيم، والحاملة الفرنسية بحماية البوارج الروسية.اجل… اللعبة في ذروتها.
هل من اسئلة الان حول بشار الاسد، ونظام بشار الاسد؟ الكل اخذوا علما بأن الصواريخ النووية الروسية وضعت في حالة تأهب. ليس من اجل الاستخدام، وانما كاشارة الى السلطان العثماني ليدرك الى اي مدى يمكن ان يذهب القيصر اذا ما بقيت الاصابع التركية تلعب بـ «داعش» وغيرها وغيرها على الارض السورية.
كل ما يتردد حول السلطة الانتقالية هراء. الكرملين مازال يسأل عن النظام-النموذج في المنطقة، قطعا لا يقولون بالنظام الابدي في سوريا، لكنهم يسألون لماذا ابدية (وتوتاليتارية) الانظمة الاخرى، وهل المنطقي ان نختار نحن او انتم من يحكم السوريين؟
ثمة من يطرح اسم هيثم مناع لرئاسة الحكومة الموسعة في سوريا. الرجل الذي رفض ان يكون دمية تركية او دمية سعودية او دمية اسرائيلية، اتهموه بأنه دمية مصرية. من اكثر من مصر، وهي الغارقة في ازماتها، معاناة على المستوى الاستراتيجي كما على المستوى الاخلاقي، حيال التراجيديا السورية؟ آخرون ويطرحون خالد خوجة. النصف تركي والنصف الاخر السعودي، النصف الثالث… سوري.
لا احد يستخف بالقوة الاميركية، ولا بالدهاء الاميركي. قلنا ان الامبراطورية هي نسخة بشرية عن القضاء والقدر، ولكن ها هي تقول لحلفائها وعلى لسان ريتشارد هاس، «لعبتكم قاتلة ايها الاصدقاء».
نسأل ديبلوماسيا روسيا «هل هي البلقنة؟». يجيب «كل ما في الامر اننا امام قواعد جديدة للعبة». ما على الاتراك والسعوديين والايرانيين الا ان يتكيفوا مع هذه القواعد. من الخاسر ومن الرابح في هذه الحال؟ بعضهم مازال يصّم اذنيه و…عينيه!

الديار