أخبار عاجلة
الرئيسية / الأخبار / 160 ضابطاً في جيش صدام يديرون قيادة “داعش” العسكرية

160 ضابطاً في جيش صدام يديرون قيادة “داعش” العسكرية

متابعة المركز الخبري لجريدة السيمر الإخبارية / الاثنين 23 . 11 . 2015 — تقدر اعداد المحاربين القدامى في عهد المجرم صدام حسين، والمنتمين اليوم الى تنظيم “داعش” الإرهابي من بين 100 الى 160 ضابطاً يديرون قيادة داعش العسكرية، وهم برتب مختلفة ومنها رفيعة المستوى. وعادةً يكون استقطاب هؤلاء الضباط من المناطق السنية مثل محافظة الانبار بحسب مسؤولين.
علي عمران كان أحد ضباط المدفعية بالجيش العراقي قبل نحو 20 عاماً، ما زال يتذكر جيداً كيف انتقده ضابط كبير، اسلاميّ الميول ومتشدد جداً يدعى طه طاهر العاني بعدما دخل عمران الى الحمام وفي بدلته العسكرية العلم العراقي الذي كان معلقاً وهو يحمل كلمة “الله اكبر”، اللواء طه طاهر العاني زجر عمران بغضب قائلاً له (لا يجوز شرعاً الدخول الى مكان نجس وانت تضع العلم العراقي)، فلم يرَ عمران اللواء العاني بعد سنوات الغزو الامريكي للعراق في عام 2003.
في قاعدة مترامية الاطراف من شمال العاصمة بغداد، اخذ اللواء العاني بعد ايام من سقوط النظام السابق بالهيمنة على العتاد والاسلحة والذخيرة الحيّة والمعدات الحربية بشاحنات من تلك القاعدة العسكرية التي كان العاني لواءً فيها، اذّ استخدمها فيما بعد لضرب قوات الامن العراقية بعدما انضم الى جماعة تعرف باسم (التوحيد والجهاد) وهي احدى فروع تنظيم القاعدة الرئيسي.
تدرج الضابط عمران في السلك العسكري واصبح الان ضابطاً برتبة لواء في الجيش العراقي ويشرف على اللواء الخامس، يقول ان الضابط العاني الان احد قادة تنظيم داعش العسكريين.
تحت زعامة المدعو ابو بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش، فان القيادة العليا للتنظيم يشرف عليها كبار الضباط السابقين العاملين في وكالات الاستخبارات العسكرية التابعة لصدام حسين، بحسب كبار الضباط العراقيين المشتغلين اليوم في الخطوط الامامية لمحاربة مسلحي “داعش”، فضلاً عن تأكيدات من مسؤولي الاستخبارات بما فيها مسؤولو مكافحة الارهاب الرئيسية، بان المكاسب الاخيرة للتنظيم من اجتياح لأراضي واسعة من العراق وسورية تمت بأشراف هؤلاء الضباط السابقين.
الضباط السابقون في جيش صدام، مزجوا بين افكار التنظيم والانضباط العسكري من ناحية جذب المسلحين الجهاديين من جميع انحاء العالم، ودمجوا التكتيكات الارهابية مثل التفجيرات الانتحارية مع العمليات العسكرية، كما وضع مسؤولو الجيش السابق، مجموعة من المعلومات بشأن التجسس على قوات الامن العراقية وكذلك صيانة وتطوير الاسلحة الكيمياوية.
باترك سكنير، ضابط سابق في وكالة الـ “CIA” الامريكية، خدم فترة في العراق يقول ان “ضباط صدام حسين ومخابراته كانوا عنصراً ضرورياً في النجاحات الميدانية التي حققها التنظيم المتطرف في العام الماضي، وهذا ما حوّل المنظمة الارهابية من تنظيم الى “شبه دولة”، كون النجاحات العسكرية لم تكن فكرة ارهابية بل كانت نجاحات عسكرية”. ويشغل سكنير اليوم مديراً عاماً لمجموعة صوفان، وهي شركة خدمات استخباراتية خاصة.
السؤال الابرز، كيف جاء ضباط صدام المنحدرين من النظام العلماني الى اكثر الجماعات الاسلامية تشدداً وتطرفاً؟، هذا يفسر ان نقطة الالتقاء بين التنظيم وضباط النظام السابق، كانت موجودة على مدى 20 عاماً، اذ بدأ منذ عام 1990حينما سمح صدام للضباط بالتدّين العلني وإطلاق اللحى، فضلاً عن الغزو الامريكي الاخير الذي أحال مئات الضباط السنة على التقاعد بعد حلّ الجيش العراقي، فبدأ التمرد السني منذ ذلك الحين.
سعود محسن حسن، معروف بأسماء مستعارة كثيرة منها، ابو معتز وأبو مسلم التركماني، وفقاً لمدير المخابرات، الذي اكد لوكالة الاسوشيتد برس رغم عدم تخويله بالتصريح للإعلام، ان المدعو محسن كان ايضاً يستخدم اسماً مستعاراً وهو فاضل الحيالي وهذا الاسم كان يستخدمه قبل سقوط النظام السابق.
بعد الغزو الامريكي، سُجن حسن حاله حال كثيرين ممن تورطوا في الانضمام لتنظيم القاعدة، حيث كان معتقلاً في سجن بوكا الامريكي الذي كان فيه زعيم تنظيم “داعش” البغدادي.
السجن كان حاضنة كبيرة للجماعة الاسلامية المتطرفة، وهذا ما اتاح للبغدادي الاتصال مع ضباط صدام السابقين بمن فيهم افراد القوات الخاصة والحرس الجمهوري والقوات شبه العسكرية المعروفة باسم (الفدائيين).
هنا يقول مدير المخابرات، “كان البغدادي يعطي خطباً لحسن، مما انتج منه قيادياً فعالاً، وهذا ايضاً دفع بقية المعتقلين بالاضراب في السجن، مما أجبر الامريكان على التنازل وتخفيف العقوبات عنهم”.
سجناء بوكا السابقون، الان يديرون التنظيم الارهابي، من بينهم ابو علاء العفاري، وهو القيادي في تنظيم القاعدة السابق ويشغل الان مديراً لما يسمى بـ(بيت المال) لتنظيم داعش او الخزانة، وفقاً لمخطط عرضه مدير المخابرات لوكالة الاسوشيتد برس يبين التسلسل الهرمي للتنظيم من حيث القيادة.
رئيس الجهاز يقول ايضاً، ان البغدادي وضع هؤلاء الرفاق بالقرب منه بعدما اصيب بغارة جوية في وقت سابق من هذا العام، كما عيّن منهم في المجلس العسكري للجماعة الارهابية الذين يبلغ عددهم من سبعة الى تسعة، اربعة منهم ضباط صدام المقربين.
واستقطب البغدادي سجناء بوكا الى دائرته الداخلية، معيناً اياهم حراساً امنيين له.
ويتحدث رئيس المخابرات عن قدامى المحاربين في عهد صدام الذين أصبحوا اليوم (المسؤولين السبعة) في قيادة تنظيم داعش، ويعترف مسؤولون عراقيون، بصعوبة تحديد قيادة التنظيم المتطرف، فإلى جانب البغدادي، هناك مجموعة تعمل باسماء مستعارة داخل التسلسل الهرمي للتنظيم، لذلك حينما يقتل احد قادة التنظيم في كثير من الاحيان لا يعرف من الذي سيشغل مكان القيادي المقتول، لان هناك اسماء مستعارة داخل التنظيم.
التنظيم بعد نحاجه في تجاوز الحكومة عسكرياً وهذا كان واضحاً خلال المعارك التي اشتبكوا بها مع القوات الامنية، لأنها كانت بأشراف قدامى المحاربين من جيش صدام، يقول عميد في الاستخبارات العسكرية لوكالة الاسوشيتد برس، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن اسمه “نحن غالباً ما نترك الامور على حالها، لان اختراق التنظيم امر صعب جداً ومرعب في بعض الاحيان”.
اللواء عبد الوهاب الساعدي، من قدامى المحاربين الذين يقاتلون ضد تنظيم داعش في شمال وغرب بغداد، يتحدث عن ان مدينة الموصل فيها ضباط في الاجهزة الامنية منخرطين في داعش وكذلك وعشيرة صدام.
على سبيل المثال، العميد السابق في القوات الخاصة التابعة لصدام حسين، عاصم محمد ناصر، المعروف باسم نجاح بركات، قام بهجوم جريء على حديثة في عام 2014، اسفر عن مقتل 25 رجلاً من الشرطة وسيطر على المبنى الحكومي للقضاء لفترة وجيزة.
العديد من ضباط النظام السابق، لهم صلات قبلية وثيقة مع زعماء القبائل في مناطقها، وهذه عبارة عن شبكة دعم حيوية للتنظيم التي استفاد منها كثيراً، وقال في هذا الشأن عدد من الضباط الذين قابلتهم وكالة الاسوشيتد برس، ان الضباط وقادة داعش اقنعوا ابناء القبائل بترك مواقعهم دون قتال للسيطرة على الرمادي في آيار الماضي.
ويضيف الضباط، ان “عمل التنظيم المتطرف يعتمد على الاساليب المخابراتية الكلاسيكية وهي الاغتيالات الذكية التي شهدتها بغداد في عام 2013، التي استهدفت الشرطة والجيش وزعماء القبائل واعضاء جماعات مسلحة سنية مؤيدة للحكومة المعروفة باسم الصحوة”.
جاءت مبادرة صدام في تسعينات القرن الماضي، باعتماد النهج الديني في الحكم، اذ شهد العراق في منتصف التسعينات حملةً ايمانيةً معروفة بالبلد، فهنا بدأت الاجهزة الامنية تخشى من صعود الاسلاميين الى السلطة لاسيما بعد الدعم الذي حظى فيه الاسلاميون بعد دعوة صدام للحملة الايمانية.
في ذلك الوقت، كان يُنظر إلى هذه الخطوة على أنها مزج بين الشأن السياسي بالمؤسسة الدينية، أثر هزيمة جيش صدام المهين بالكويت في حرب الخليج عام 1991، التي صاحبتها فيما بعد انتفاضات كردية وشيعية حاولت إسقاط النظام.
في الفترة التي سبقت الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003، دعا صدام حسين علناً المقاتلين الاجانب للقدوم الى العراق لمقاومة ما اسماه الغزاة، فجاء الالاف من المقاتلين وكلف صدام حينها المسؤولين والضباط بتدريبهم، وبعد سقوط نظامه بقي عدد منهم يشن عمليات تمرد ضد القوات الامريكية وحلفاؤهم العراقيين.
قاد تنظيم القاعدة بالعراق المتشدد ابو مصعب الزرقاوي، الذي نجح بفضل ضباط المخابرات السابقين المقالين من الجيش السابق اثر قرار امريكي، وبعد مقتل الزرقاوي في عام 2006 في غارة امريكية، بدأ بديله المدعو ابو عمر البغدادي، بجلب المزيد من العراقيين الى التنظيم ولاسيما ضباط الجيش السابق بشكل خاص.
ويعد نواب ابو بكر البغدادي، وههما اثنين، لهما الدور الكبير في فتح فرع للتنظيم في سورية ومناطق من العراق، وفقاً لمقابلات سابقة لوكالة الاسوشيتد برس مع قيادات مقربة من التنظيم.
سمير الخليفاي عقيد في سلاح الجو قُتل في احدى المعارك بسورية في عام 2014 وعبد الله البيلاوي، ضابط مخابرات سابق قُتل في الموصل على يد الجيش العراقي في آيار من العام 2014، اصبح المدعو حسن مسؤولاً عن ادارة التنظيم عسكرياً والى الان.

وكالة الاسوشيتد برس