السيمر / السبت 19 . 05 . 2018
اياد السماوي
بعد إعلان المفوضية العليا المستقلة للانتخابات النتائج النهائية وعدد المقاعد التي حصلت عليها الكيانات السياسية والأحزاب المتنافسة , تكون العملية الانتخابية قد وضعت أوزارها وأصبح كل كيان يعرف حجمه تماما , وبالرغم من كل المشاكل والخروقات وعمليات التزوير الواسعة النطاق التي رافقت سير العملية الانتخابية , إلا أن هذه الانتخابات نجحت بإخراج البلد من الفراغ الدستوري والفوضى , ونجحت ولأول مرة في إيصال عدد غير متوّقع من قوى اليسار العراقي إلى قبة البرلمان , وكذلك في إيصال العديد من الوجوه الجديدة والشابة الى مجلس النوّاب والتي يعوّل عليها كثيرا في إحداث التغيير المنشود , وبكل تأكيد فإنّ هذا النجاح قد خفّف كثيرا من حالة الاحتقان والرفض وعدم قبول نتائج هذه الانتخابات , فالقبول بمجلس نوّاب منقوص الشفافية خير الف مرة من عدم وجود مجلس للنواب والذهاب إلى المجهول , وبالتالي يجب التعامل مع نتائج الانتخابات كواقع حال لا بديل عنه لتفادي الدخول في الفراغ الدستوري والفوضى .
وبإعلان نتائج الانتخابات النهائية تكون مهمة الشعب قد انتهت , لتبدأ المرحلة الأهم في رسم الخارطة السياسية القادمة , وماراثون الكبار على تشكيل الكتلة الأكبر التي ستدخل جلسة مجلس النوّاب الأولى قد بدأ بعد إعلان النتائج الأولية , فمرّشح الكتلة الأكبر هو من سيكلّف بتشكيل الحكومة القادمة , وبطبيعة الحال فإنّ الكتل الكبيرة جميعا ستسعى لتشكيل الكتلة الأكبر التي ستدخل جلسة مجلس النواب الأولى , وفي مقدمة هذه الكتل الكبيرة التي تسعى لتشكيل الكتلة الأكبر هي كتلة سائرون التي جاءت بالمركز الأول على مستوى البلد , فسائرون ليس أمامها سوى التحالف مع النصر والحكمة لتشكيل الكتلة الأكبر , وتحالفي الفتح ودولة القانون هم أيضا ليس أمامهم سوى التحالف مع النصر والحكمة لتشكيل الكتلة الأكبر , ومن هنا فإنّ تحالف النصر بزعامة رئيس الوزراء حيدر العبادي سيكون هو بيضة القبان وهو الذي سيحدد من سيذهب إلى الكتلة الأكبر ومن سيذهب الى المعارضة داخل قبة البرلمان .
فالولايات المتحدّة الأمريكية ودول الإقليم لا ترغب بتحالف يضم الفتح ودولة القانون والنصر , وستبذل قصارى جهدها من خلال ممثلها الموجود في العراق ماكغورك بدفع رئيس الوزراء للتحالف مع سائرون والحكمة لتشكيل الكتلة الأكبر , فالولايات المتحدّة الأمريكية لم تعد تنظر لمقتدى الصدر كمعادي لها ولسياساتها في العراق , وقد تجلّى هذا في التصريحات التي ادلى بها السفير الأمريكي السابق في العراق زلماي خليل زادة , فأمريكا تنظر لسائرون والحكمة بأنهما أقل تبعية لإيران من الفتح ودولة القانون , فالصراع على تشكيل الكتلة الأكبر سيكون بين أمريكا وإيران وحصريا بين سليماني وماكغورك , عوامل وأسباب كثيرة سترّجح كفة سليماني على كفة ماكغورك , وأهم هذه العوامل أنّ رئيس الوزراء حيدر العبادي لا زال جزء لا يتجزأ من الدعوة , وسيكون أكثر انسجاما وتفاهما في تحالف يضم الفتح ودولة القانون خصوصا اذا ما وافقوا له بتوّلي ولاية ثانية , ناهيك عن خسارة معظم صقور الدعوة لمقاعدهم الانتخابية وهذا ما يتطلب توحيد جناحي المالكي والعبادي من أجل مصلحة الدعوة , ومع كل هذا تبقى كل الأبواب مفتوحة وجميع الاحتمالات قائمة , ولكنّ الأهم هو أنّ المرحلة القادمة ينبغي أن تكون مرحلة استقرار سياسي واقتصادي وأمني , ولا بدّ من حكومة قوية ومستقرة ورئيس وزراء تتوفر معايير الكفاءة والخبرة والنزاهة ليبدأ مهمة الإصلاح والتغيير .