السيمر موقع عراقي مستقل
السيمر / الأربعاء 25 . 07 . 2018 — اتهمت منظمة مراسلون بلا حدود، اليوم الأربعاء، الحكومة العراقية بـ “قمع” صحافيين وإعلاميين عملوا على تغطية التظاهرات التي تشهدها محافظات جنوب ووسط العراق، فيما اشارت الى ان هذه الإجراءات، ومن ضمنها قطع الانترنت، لم تحدث في العراق منذ الغزو الأميركي في 2003.
وقالت المنظمة في تقريرها الذي ترجمته (بغداد اليوم)، إن “الاعتقال وتهديد الصحفيين ومنع الإنترنت، ما كان الا لحجب تغطية موجة كبيرة من الاحتجاجات في العراق بدأت منذ بداية تموز، والتي كانت صعبة وخطرة على وسائل الإعلام”، مخاطبة السلطات العراقية بـ”أن عليها واجب حماية الصحفيين وعدم إعاقة حرية الإعلام”.
وأضافت المنظمة، ان “من بين الضحايا أحمد العبدي، مدير مكتب تلفزيون دجلة في مدينة النجف المقدسة (160 كلم جنوب بغداد)، واثنين من مصوريه، الذين صُعقوا ـ على الرغم من كونهم صحفيين واضحين ـ بواسطة مسدسات الصعق وتمت إهانتهم وتهديدهم”، مؤكدة انهم “اعتقلوا لمدة ثلاث ساعات عندما غطوا الاحتجاجات في مطار النجف في 13 تموز”.
وتابعت: “كما تم التعرف على مراسل قناة النجباء عيسى العطواني بشكل واضح كصحفي في 14 تموز عندما كان يغطي الاحتجاجات في محافظة بابل الواقعة جنوب بغداد مباشرة، لكنه تعرض للهجوم من قبل الشرطة، الذين كسروا ذراعه”، مشيرة الى انه “تلقى اعتذارًا من رئيس قسم العلاقات العامة في الشرطة المحلية، لكن ذلك كان استثناءً منذ بداية موجة الاحتجاجات هذه ضد البطالة والفساد وسوء الحكم، والتي قتل فيها 14 شخصًا حتى الآن، وتعرض المراسلون مرارًا وتكرارًا العنف والترهيب”.
ونقل التقرير عن صوفي أنموث، رئيس مكتب مراسلون بلا حدود في الشرق الأوسط، قولها، إن “جميع الحوادث التي سجلتها منظمة مراسلون بلا حدود منذ بدء موجة الاحتجاجات هذه تشير إلى رغبة واضحة من جانب السلطات العراقية في عرقلة عمل الصحفيين، وهو أمر مثير للقلق وغير مقبول”.
واضافت “بدلاً من القبض على الصحفيين وتهديدهم وحتى مهاجمتهم، يجب على الحكومة أن تضمن سلامتهم وتسمح لهم بممارسة الحق بحرية في الإعلام”.
“تحذيرات واعتقالات وترهيب”
وأخبر العديد من الصحفيين منظمة مراسلون بلا حدود، بحسب التقرير، “أنهم تلقوا رسائل تحذيرية، أو تلقوا تهديدات مباشرة من أشخاص مرتبطين بشكل واضح بقوات الأمن أو الميليشيات الموالية للحكومة”، مشيرة الى ان “مراسل قناة اسيا حيدر صالح، هو ومصوره، اعتُقلوا لفترة وجيزة في 13 تموز على أيدي أعضاء حركة عصائب أهل الحق، التابعة للحكومة المنتهية ولايتها، بينما كانوا يقومون بتغطية المظاهرات في النجف، وبعد تسليمهم إلى الشرطة، كان عليهم التوقيع على تعهد بالتوقف عن تغطية الاحتجاجات”.
وأوضحت، ان “قضيتهم ليست معزولة، ووفقاً للمعلومات التي جمعها مرصد الحريات الصحفية، المنظمة الشريكة لمنظمة مراسلون بلا حدود في العراق، أجبرت قوات الأمن العراقية ما لا يقل عن أربعة صحفيين آخرين على توقيع بيانات تعهدت بالتوقف عن تغطية حركة الاحتجاج”، لافتة الى انه “تم الإبلاغ عن شكل آخر من أشكال الترهيب الذي تلقاه حيدر صالح”.
ونقل التقرير، عن حيدر صالح قوله: “في اليوم التالي من اعتقاله في النجف، ألقت الشرطة قنبلة صوتية عليه أثناء انتظاره خارج مكتب المحافظ لإجراء مقابلة مع المحافظ، بعد تحديد صفته كصحفي”، مشيرا الى انه “كان عليه الخضوع لعملية جراحية لإصابة في أذنيه”.
ونقل تقرير منظمة مراسلون بلا حدود، عن صحفي في النجف طلب عدم الكشف عن هويته، إنه “علم من مصدر قريب من أجهزة المخابرات أنه كان ضمن قائمة الصحفيين المتداولين داخل الشرطة. في كربلاء، وهي مدينة شيعية أخرى على بعد 100 كيلومتر جنوب غرب بغداد، وكان في القائمة حيدر هادي، الذي يعتبر واحداً من الصحفيين المستقلين القلائل في المدينة”، لافتة الى ان “أفراد مجهولين تبعوه إلى منزله، في 20 تموز، مباشرة بعد تغطية الاحتجاجات هناك”.
“الإنترنت والشبكات الاجتماعية المحظورة”
وأشار التقرير، الى ان “العراق حُرم فجأة من الإنترنت في صباح 14 تموز، بعد ستة أيام من بدء موجة الاحتجاجات مع نمو حجمها والوصول إلى العاصمة”، مبينا ان “الشبكات الاجتماعية كانت غير قابلة للوصول كليًا لعدة أيام حتى بعد استعادة الإنترنت جزئيًا مساء 15 تموز”.
وأوضحت، ان “اتصالات الإنترنت لا تزال بطيئة للغاية الآن، مما يجبر معظم الصحفيين على استخدام شبكات VPN والتأثير على عدد قليل من وسائل الإعلام المستقلة، التي تنشر أو تبث في الغالب عبر الإنترنت”، لافتة الى انه “بعد أن أنكرت الحكومة العراقية في البداية أي دور في خسارة خدمات الإنترنت وألقت باللوم على المشاكل الفنية، أصبحت شركات الانترنت في النهاية مملوكة لها”. وتابع، ان “وزير الاتصالات حسن الراشد اعترف في بداية هذا الأسبوع بأن الحكومة فصلت الإنترنت ثم منعت الشبكات الاجتماعية لأسباب أمنية”.
وقال الراشد، بحسب التقرير: “كان المتظاهرون يسيئون استخدام الانترنيت”.
“هذه هي المرة الأولى منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في عام 2003 والذي عانى فيه العراق من خسارة هائلة في الإنترنت”، تكمل منظمة مراسلون بلا حدود، تقريرها: “حتى الآن، كان حظر الإنترنت جزئياً فقط، كما في عام 2014 في محاولة لإبطاء تقدم الدولة الإسلامية أو أثناء الاختبارات المدرسية في محاولة لمنع الغش”.
ونقلت المنظمة عن عدي حاتم، وهو صحفي وكاتب عراقي مقيم في فرنسا ويرأس جمعية الدفاع عن حرية الصحافة، قوله: “في منع الشبكات الاجتماعية وترويع الصحفيين، لا يكون هدف الحكومة الحد من عدد المتظاهرين، هدفها الرئيسي هو أن تكون قادرة على قمع المظاهرات دون رؤيتها وتقييد التغطية الإعلامية الدولية قدر الإمكان”.
وختمت، منظمة مراسلون بلا حدود، تقريرها بالإشارة، الى ان “العراق يحتل المرتبة 160 من بين 180 دولة في مؤشر حرية الصحافة العالمي لعام 2018 حسب تصنيفها”.
المصدر: Reporters Without Borders
