الرئيسية / مقالات / الحج.. لطائف وعبر

الحج.. لطائف وعبر

السيمر / الاحد 12 . 08 . 2018

معمر حبار / الجزائر

1. مما توصلت إليه لأوّل مرّة في حياتي وأكتب عنه لأوّل مرّة في حياتي، أنّ الرجال وهم الأقوياء الأشدّاء يقلّدون المرأة وهي سيّدتنا هاجر عليها السّلام في مشيتها حين يهرولون، باعتبار الهرولة من أسس السعي بين الصفا والمروة، وتقليد الرجال – هكذا بالجمع – لمشية المرأة في الحج من قواعد الحج، ولا يعتبر تقليدهم في هذه الحالة نقصا في رجولتهم و لا حطّا من مروءتهم.
2. الحج كلّه رموز عرفها من عرفها وجهلها من جهلها، والفتح يكون بقدر الصفاء الذي رزق إياه المرء في فترة من الفترات، ومن الأخطاء التي ألحقت بالحج هو إقحام ما يسمونه إعلاميا بـ “الإعجاز العلمي !”، لأنّه لا يمكن بحال تفسير وقوف الحاج بعرفة – مثلا -طيلة النهار تحت شمس شهر أوت المحرقة حسب ما يسمونه “الإعجاز العلمي !”، فحرموا بالتالي أنفسهم وحرموا غيرهم لذّة وأسرار العبادة التي تتعدى الحركات الرياضية إلى لذّة يدركها المرء بصفائه وإخلاصه وفتح الله عليه في تلك اللّحظة.
3. استنكارنا على ما يسمونه “الإعجاز العلمي !”، يدفعنا لأن نستنكر أيضا على الفئة التي تطالب بإلغاء العقل، والتخلي عنه، والاكتفاء بحرفية النصوص في التعامل مع مناسك الحج، مع العلم الحرفية في فهم النصوص في بعض الأحيان كانت سببا من الأسباب التي أدت إلى قتل الحجاج بشكل كبير بسبب فرض رمي الجمرات في وقت معيّن وتضييقه دون توسيعه إلى أن جاء من يفتي بالتوسّع في وقت رمي الجمرات فانخفض عدد قتلى الحجاج، ويبقى دائما هذا من الأسباب باعتبار موت الحجاج ما زال قائما، سائلين الله عزّوجل أن ينخفض إلى الحدّ الأدنى.
4. في نفس السياق، نظلّ نستنكر على الذين يستهزؤون بمشاعر الحج، كتقبيل الحجر، والطواف بالحجر، ورمي الحجر، بأنّها من “أعمال الجاهلية !”، و “لا تناسب العصر !”، و “العقل لا يقبل هذه التصرفات !”، لأنّ من كان له عقل لا يستهزئ بالمشاعر وإن خالفها إذا شاء ذلك.
5. سمعت لعالم أزهري عبر حصّة “فتاوى النّاس” التي أتابعها باهتمام والتّابعة للفضائية المصرية “النّاس”، وهو يقول: سيّدتنا هاجر أم سيّدنا إسماعيل عليه السّلام، ركبت المخاطر من أجل ابنها لأنّه نبي، وعليه أقول: الأم بطبعها تركب المخاطر والمهالك من أجل ابنها ولو كان عاصيا فاسدا ملحقا الضرر بها، إنّها طبيعة الأم التي لا تسأل عنها ولاتحاسب عليها. وسيّدتنا أمّنا هاجر عليها السّلام، سألت سيّدنا إبراهيم عليه السّلام: هل الله أمرك بهذا؟ أي أمرك أن تتركنا هنا، فأجاب: نعم الله أمرني بهذا، ولا يوجد في الحوار أنّها علمت أنّ سيّدنا اسماعيل عليه السّلام سيكون النبي، فتعاملت معه معاملة الأم لابنها، كأيّ أمّ تتعامل مع ابنها.
6. لا داعي أن يكون المرء ضحية الدول التي ينتمي إليها أو التي يناصرها، فيظلّ ينتقل من هذا لذلك حين يرى اليوم أنّ الدولة الفلانية تستعمل الحج لأغراض سياسية، وفي كلّ يوم يتّهم دولة بعينها ويقف مع دولة أخرى في دفع تهمة استعمال الحج لأغراض سياسية، و المثقف الحر لا يقف مع السياسي في تقلباته مهما كان، ويعلنها أمام العالمين أنّ جميع الدول العربية والأعجمية ودون استثناء – أكرّر دون استثناء- تستعمل الحج لأغراض سياسية منذ عرب الجاهلية إلى اليوم وإلى الغد. وما دام الحج باقيا، فلا داعي إذن أن يلطّخ المثقف نفسه بتقلبات السّاسة الذين يستعملون الحج لأغراض سياسية، وليست من مهام المثقف الحرّ أن يقف مع الأخ ضدّ الأخ لأغراض سياسية.
7. قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ” المائدة – الآية 95. ما يجب على المرء أن يعرفه ويتجنّبه أنّ حرمة قتل الإنسان أيّ إنسان وتحت أيّ سبب أشدّ وأعظم من قتل “ڨملة” أو “نملة”، ويزداد الأمر جرما حين يقتل المسلم أخاه وجاره في الأشهر الحرم التي كانت تحترمها عرب الجاهلية وتوقف القتل والحرب لأجلها، حيث كان العربي يعفو عن قاتل أبيه في الأشهر الحرم إذا رآه متشبّثا بأستار الكعبة وهو الذي يعبد الحجر دون ربّ البشر.

اترك تعليقاً