السيمر / الأربعاء 15 . 08 . 2018
قاسم الموسوي
قبوط عبيد ذلك المعطف الذي يرتديه حجي عبيد، ليتقي به شدة البرد القارص في أيام الشتاء، وبعض الاحيان يرتديه احد أولاده عند الخروج من المنزل، عندما يكون الأب قرب المدفئة، قبوط عبيد يحضى بأهمية كبيرة لدى جميع أفراد ألأسرة ، في أيام البرد يؤدي ادوارا متعددة، بمعنى آخر (ستر العويل).
هذا القبوط الغني بفوائده، العظيم بمواقفه عند الشدائد وفي أيام الشتاء والبرد القرص، المطلوب والمحبوب الأول في أسرة حجي عبيد، طالما كان شامخا على أكتاف الحجي، يتحول في فصل الصيف إلى خرقة بآلية مركونة في إحدى زوايا البيت، يتراكم عليه الغبار والأتربة، وتارة يستخدم لمسح أدوات المطبخ، ومسح الزجاج الخارجي للبيت أو المرآة،
هكذا يبدو حال المفوضية العليا للانتخابات، بعد أشهر بل سنوات من العمل الدؤوب والجهود المظنية، والمسح الميداني بأجهزة البايومتري، وتدقيق سجل الناخبين والتعاقد مع شركات أجنبية، لشراء أجهزة العد والفرز الإلكتروني، وصرف الأموال الطائلة هنا وهناك، وأجراء العملية الانتخابية في عموم العراق، عمل واسع وكبير لايمكن التفريط به، وينبغي احترامه وتقديم الشكر للقائمين عليه.
لكن ما إن ظهرت النتائج عكس مزاج البعض، وخسر فيها قوم وفاز آخرون، قامت الدنيا ولم تقعد، وأصبح النقد والتسقيط ينخر كبد المفوضية، والتهم والتخوين والتهديد والوعيد أطاح بأركانها، ولم يعد حالها بأحسن من حال قبوط عبيد في فصل الصيف، فقرر البرلمان ركلها في زاوية حرجة، وأنتداب قضاة بدل عن مفوضيها، هكذا هي معادلة جزاء الإحسان في مفهوما عكسية أيضا.
يظهر أن معرفة وفهم معايير الديمقراطية وممارساتها، مازلنا بعيدين عنها كل البعد، وأن العقلية العراقية عقلية متناقضة، تؤمن بما يصب في مصلحتها، وما لا يكون كذلك لا تؤمن به، وإن أقرته على نفسها وشرعته بقوانينها، فمغادرة هذه ألإزدواجية لم تكن بالأمر البسيط، بل بحاجة إلى مؤسسة ثقافية عملاقة يسعى لإرساء جذورها الجميع.