الرئيسية / ثقافة وادب / قصة قصيرة / اعتراف وبطيخة

قصة قصيرة / اعتراف وبطيخة

السيمر / الجمعة 17 . 08 . 2018

اقبال إبراهيم

حدث هذا في نهاية شهر اب 1985! كتب الكثير من الرفاق الانصار عن يوميات وذكريات من حياتنا الأنصاريه منها من كان يحمل الجديه والمعاناة صغيرة كانت أم كبيرة. فكرتي كانت ان اكتب بعض الصور واللقطات القصيرة قد تكون مضحكه لكنها بنفس الوقت محزنة كلّما قُرأت بعمق وإحساس.
كانت احلامنا في بعض الأحيان وضمن إطار حياة اجتماعيه بسيطة هي أيضا بسيطه ومضحكة عندما نتذكرها ونريد ان نكتب عنها ! ان تحلم ببطيخة مثلا! !!كنا في فصيل الاعلام المركزي في الصيف وأسوة ببقية الفصائل كانت عندنا مزرعه جميله ومليئة بكل مانحتاجه من خضار للاستخدام اليومي والتغير من نوعية الطعام في هذا الموسم وليكن بديلا عن العدس والفاصوليا والحمص. كان المسؤول عن هذه المزرعة الرفيق ابو جعفر خريج كلية الزراعه من إحدى الجامعات في هنگاريا . لهذا هذه المزرعة لها طابع خاص وبنفس الوقت كان الدخول بها من غير مرافقة وموافقة ابو جعفر ممنوع منعا باتا. لهذا كنّا نحن الانصار نحاول بشتى الطرق ونفكر على طول كيفية الدخول الى المزرعة وقطف ماتشتهي الانفس بدون علم ابوجعفر. كنّا أنا والرفيقه سمر يوميا نمر عبر هذه المزرعة في طريقنا الى اداء المهام المناطة بِنَا , الرفيقة سمر الى الإذاعة وانا الى اللاسلكي ، نقف ونتأمل ونخطط ونضحك من القلب ونومئ لبعضنا ان نحكي بصمت حتى لايسمعنا الآخرون عن ماذا نحكي ونخطط. وفِي احدى الأيام ونحن نقف هناك وقع نظرنا على ثمرة كبيرة صفراء اللون متسديةعلى الارض، صرخت أنا بصوت عالي سمر ، “سمر انظري شنو رأيك ان نقطف تلك البطيخة” . “أنت متاكدة انها بطيخه؟” كاَي نعم” أجبتها وسرنا نكمل طريقنا الى الكپره *هناك في الكپره جلسنا وبدأنا بالتخطيط الى كيفية قطف هذه البطيخة. كان الجو حار جدا ومع هذا كنّا نجلس داخل الكپره حتى لايسمعنا الآخرين وبدأت سمر وبكل ماعندها من فانتازيا ان ترسم كيف ومتى نبدأ بتنفيذ هذه الخطة كما أسميناهاحينذاك.واستمرت عملية التخطيط وبقينا نحن نتابع نمو البطيخة ، بالضبط كاننا نتابع نمو جنين ! الْيَوْمَ تبين أطول ، لونها صار أعمق ونضحك من القلب حتى كادت هذه البطيخة ان تنسينا كثير من الاعباء اليومية. صرنا نذهب الى المزرعة اكثر وأكثر نتابع ونراقب الوقت الأفضل والمناسب للدخول وتحقيق حلمنا بقطف البطيخة. بعد جمعنا المعلومات المطلوبه وانهاء عمليات الاستطلاع قررنا آن نقوم غدا مساءبقطف البطيخة عند عودتنا من الإذاعة. كان قرارنا هذا ينتابه الكثير من الريبة والقلق لكننا جمعنا كل مانملك من قوة لكي نستطيع اقتحام أسوار المزرعة و تم الاتفاق على ان تكون الرفيقة سمر خارج السور ترصد وتترقب وانا أتسلل الى الداخل وباستخدام التورچ لايت*. ها نحن نصل الى المزرعة حسب الوقت المقرر وبكل هدوء فتحنا الباب وكما هو متفق وقفت الرفيقة سمر في الباب وبدأت أنا بالتسلل داخل المزرعة مسرعة باتجاه الهدف المعني( البطيخة) التفت يميناً ويسارا كانت يدي ترتجف وبصعوبة فائقة أظهرت السكين من حزام القابوريات وقطعت البطيخة بسرعة فائقة، كانت سمر قد اصيبت بنوبة ضحك هستيرية اضطرتها ان تجلس في الارض وطبيعي انتقلت هذه النوبه لي أنا أيضا بعد ان جئت حاملة البطيخة المرتقبة. أكملنا ضحكنا وساعدنا بَعضنا وتركنا المزرعة. بدانا نشمهاولكن الغريب في الامر لم نشعر برائحة بطيخ كانت هذه الثمرة عديمة الرائحة فكنا نطمئن بَعضُنَا قد تكون هذه النوعية بدون رائحة. هممنا الى الكبرة بسرعة فائقة حتى لايرانا احدا من رفاق الفصيل ويكشف هذه الجريمة. طبعا كان احساسنا بأنها جريمة ولايمكن ان نسامح أنفسنا على ارتكابها وطالما ظل هذا الإحساس يراودنا طول الوقت ومع هذا تجرأنا على القيام بهذا العمل. دخلنا الكبره بكل هدوء فتحنا التورچ لايت لكي نتأكد من اننا قد قطفنا نفس الثمرة “البطيخة” اتفقنا على ان نفتحها ونأكلها قبل ان تأتي الرفيقات الاخريات، كاد القلق يقتلنا حينها. على أية حال وضعنا السكين بداخل البطيخة وكنا خربانين من الضحك وكانت المفاجئة انها ليست بطيخة كما كنّا نتصور. هذه خيارة كبيرة من الخيار الذي يتركه الرفيق ابو جعفر لتكون بذور الموسم القادم. صار الوقت متأخر من الليل ولَم يكن بمقدورنا إعادتها الى المزرعة، وضعناها تحت السرير. خيم الصمت حينها على الكبره وكأننا أصبنا بكارثة. كانت كل واحدة منا تفكر بكيفية إعادتها الى المزرعة قبل ان يكتشف ابو جعفر الجريمة. كسرت الرفيقة سمر هذا الصمت بفكرة وقالت لي شنو رأيك نفيق غدا صباحا قبل الفطور ونعيدها الى مكانها . كان هذا المقترح غير مقنع إطلاقا لان هناك الحرس الأخير وايضاً الرفيق الخفر. اتفقنا على إعادتها مساءا عندما نذهب الى المخابرة “اللاسلكي” وأطفئنا اللاله ونمنا. نهضنا صباحا وذهبنا الى الفطور وهناك في المطعم تجمعوا كافة رفاق فصيل الاعلام وبعد ان اخذنا الفطور وتوزعنا “سي سي”المقصود ثلاثة، ثلاثة (كنّا نأكل كل ثلاثة رفاق معا بطبق واحد )دخل الرفيق ابو جعفر متوتراً وينضح عرقا وبصوت متوتر جدا قال “رفاق سماعي رجاءاً” لم يسمع الكل هذا الإيعاز ، وقالها مرة اخرى وبقوة وعصبية “يارفاق أنا اكثر من مرة قلت اَي شئ تحتاجون من المزرعة حاولو ان تطلبوه مني ! اريدأن اعرف منو دخل البارحةللمزرعة وقطع الخيارة الكبيرة ! هذه الخيارة ليس للاكل🥒هذة الخيارة تركتها حتى تبقى كبذور للموسم القادم” ماكان احد من الجميع في القاعة ان يشك ولو للحظة ان واحدة منا قد ارتكبت هذة الجريمه. كنّا أنا وسمر لا نعرف أين نهرب بنظراتنا المرتبكة، كنّا فعلا محرجين ونريد الخروج من القاعة باي شكل ولكن لم نخرج حتى لايشكُ الآخرون بذلك! وبدء الكل بالتصنيف والمزح مما زاد من قلقنا واضطرابنا. وحين خرجوا بعض الرفاق من القاعة خرجنا أنا والرفيقة سمر محاولين كتمان مشاعرنا. كنّا نرغب بإرجاع الخيارة للمزرعة باي شكل من الأشكال وبسرعة، لكن هذا غير ممكن لانريد ان يكشفنا الآخرون . بعد الغداء وعندما هَمَ الكل بالجلوس في الكپرات بعيدا عن حر الظهيرة☀️ تسللنا الى المزرعة وبكل سرعة واحدة تراقب والأخرى حاولنا رمي الخيار ه قرب باب المزرعة حتى يتسنى الى الرفيق ابو جعفر رؤيتها حين الدخول مباشرةً وعدنا بذات السرعة الى الكپره و بهذا العمل تخلصنا من اثار الجريمة كما كانت الرفيقة سمر تسميها.
حقا “ان كيدهن لعظيم”

منقول من صفحة الفيسبوك صفحة الانصار

اترك تعليقاً