السيمر / الثلاثاء 18 . 09 . 2018
د . غازي البدري
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد الخلق أجمعين أبي القاسم محمد صلى الله عليه وآله الطيبين الطاهرين .
الاخوة الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يسرني ويسعدني أن أطلَّ عليكم من على هذا المكان لأقدِّم لكم مُؤَّلفًا رائعًا أَلا وهو (ملكوت الروح) للباحث البارع الدكتور صالح الطائيّ.
اللغة العربيّة هي قبل كلّ شيء هويتنا الحضارية، وهي لغة تخاطبنا، ولغة ديننا التي شاء البارئ عزَّ وجلّ أن يباركها ويُعلي من شأنّها حين أوحى إلى رسوله الكريم بقوله:( وإنّه لتَنْزِيلُ رَبِّ العالمينَ* نَزَل به الرُّوحُ الأمينُ * على قَلْبِكَ لِتَكُونَ من المُنْذِرِينَ * بلسانٍ عربيٍّ مبينٍ).
لذلك كانت العربيّةُ أمَّنا، وهي صلة الوصل بين الأحفاد والأجداد، كما أن فيها صور الآمال والأماني للأجيال الناشئة لذلك ينبغي التفاني في حُبِّها والاعتناد بدرسها، والتعرّف على تراثها، والاطِّلاع على دورها الرِّيادي الذي تلعبه في حياة الفرد والمجتمع.
وقد استطاع الدكتور صالح الطائيّ في مؤَّلفه هذا أن يجعل اللغة ليس هدفًا بحدِّ ذاتها، بل جعلها أداة لنقل أفكاره ومشاعره للبشر ؛ وأداة اتِّصال وحاملة للمعلومات؛ لأنّ اللغة وكما نعرف تقوم بدور الوسيط في المجتمع، فنجح الباحث في تحقيق الاتِّصال والتواصل بين الناس من طريق توصيفاته واقتباساته، وقد أجاد في التأثير في نفوس قارئيه؛ لأنّه يمتلك مهارة الكلام فاستعمل لغته بمرونة وطواعية في مختلف المواقف التي عرضها في مؤَّلفه، وكانت الفعالية الاجتماعية ترتبط بالبلاغة، بحيث يمكننا أن نصنِّفه من الباحثين المؤثِّرين في مجتمعه؛ لأنّه يتمتع بقوالب تعابير ابلاغية حينما يطرح فكرته يستطيع القارئ فهم مغزاها بيسر، وكان ملاك الروح في أكثره عبارة عن تجارب شخصية.
ويستطيع القارئ الفاحص لهذا المؤَّلف أن يدرك أن مصير حياته معلَّق به، معلَّق بنشاطه، بصبره، بجرأته، بثباته في عمله، باستعمال عقله للتفكير في الطريق الأفضل والأحسن في عمله، فإذا اعتمد هذه جميعها، فلا عليه أن تقف الدنيا كلها في سبيله، إنّه سينجح رغم كل الصعاب ورغم كل المتاعب.
قد يستطيع المرء أن يجمع المال من عمله ونشاطه، ولكنه لا يمكن أن ينعم بالسعادة من هذا المال؛ لأنّ المال سبيل واحد من السبل التي تحقق السعادة، فليس كل من جمع المال حقق السعادة كاملة.
لذلك نجد الطائيّ يركز في مؤلَّفِه هذا على استعمال العقل في الخلق والابداع من طريق التفكير الساميّ.
ومن طريق قراءتي المتواضعة لهذا المؤلَّف أحسست أنّه قوّة دافعة تدفعك نحو هذه النواحي، وتدلك على الطريق وتؤكد لك ما سوف تكسبه من خير إن سرت على هذا الطريق طريق التفكير، وانت متفتح العينين لا تنظر إلى نهاية الأسبوع أو الشهر لتأخذ أجرك وإنما تنتظر نجاحك في عملك واخلاصك فيه.
هذا المؤلَّف ناقوس يَدُقُّ صوت الخطر وينذر الغافلين بالنهاية المحزنة التي سوف يلاقونها، إن ظلوا على تواكلهم وانطوائهم وترددهم ولم يتمالكوا أعصابهم ليبدؤوا حياتهم من جديد، إذا كانوا قد أفسدوها في الماضي، على طريق جديد يُعَوِّضُ ما خسروه ويفتح أمامهم أبوابًا مُغْلَقة ما كانت تُفتحُ لو لا أن تطوِّروا واعتمدوا مقاييس جديدة في حياتهم، مقاييس ثابتة صلبة، لا مقاييس لينة مترددة طرية كما كانوا في الماضي يفعلون.
تقدّم إلى عملك ثابتًا مقرَّرًا في نفسك أن تقوم به على أحسن ما يكون.
اختر العمل الذي يرضيك ويلذ لك وسر به إلى غاياته، وثق أنّك سوف تكون من الناجحين في حياتك…ثم طالع هذا المؤلَّف بثقة مرَّةً بعد أُخرى… فلا يكفي أن تقرأه مرَّة واحدة ففيه من النصائح القوية والحوادث المثيرة، ما يهدئ روعك ويفتح شهيتك، لتفعل ما فعله سواك مِمَّن طلبوا العز في الحياة، فحصلوا عليه دون غيرهم؛ لأنَّهم تسلحوا له بأحسن الأسلحة وأمضاها، وهذه الأسلحة كانت ثباتهم وجرأتهم وفتح أعينهم وأدمغتهم وحُبّهم، فسبقوا غيرهم، وهم اليوم نجوم الحياة تراهم على رأس كلِّ عمل من الأعمال؛ لأنهم عرفوا أن الحياة مثل السوق الكبير تتجول فيه فتأخذ ما يطيب لك من المعروض.
يروى عن أندرو كارنيجي أنه قال لأحد أصدقائه:” حينما أموت أريد أن تكتبوا على قبري… هنا يرقد رجل نجح في حياته؛ لأنّه أحسن في أن يستخدم في مؤسساته موظفين بارعين يعرفون أكثر مِمّا يعرف هو”.