السيمر / 09 . 12 . 2015
أحمد الحباسى
تتعامل الجزيرة مع القضايا العربية رغم أهميتها المصيرية ك”أدوات عمل ” أو كمجرد خبر يصنع في دائرة المخابرات الصهيونية الأمريكية ، و لان هناك من يتساءل يوميا لماذا لا “تتكلم” الجزيرة عن قطر فالإجابة بسيطة و لا تستحق عناء التفكير ، لان قطر هي مجرد ولاية إسرائيلية صهيونية و جزء من ارض الميعاد الصهيونية و ولاية من الولايات المتحدة الأمريكية و ما يجوز لأمريكا و إسرائيل ينطبق تماما على المحمية الصهيونية القطرية ، فإذا لم تتحدث القناة الموبوءة عن جرائم أمريكا و عدوان الصهاينة طيلة هذه السنوات الدموية فكيف ستتحدث عن قطر البلد الصهيوني المضيف للقناة ؟ … ولان الجزيرة لا تتحدث عن قطر فقد أساء البعض الظن بقولهم أن ذلك يمثل دليلا قطعيا على عدم المهنية و التعتيم المقصود على كل ما يحدث في جزيرة قطر من ضيق نفس ديمقراطي و سلب لمناخ الحرية و رفض للتداول السلمي على السلطة ، لكن الواقع يقول أن هذا الاتهام غير صحيح بالمرة فالجزيرة ( القناة ) لا تتحدث عن الجزيرة ( قطر) لأنه لا شيء يحدث و لا شيء يستحق التعليق و لا شيء مهم في “القناتين”.
الجزيرة مثلها مثل قطر مهمتها واحدة و هي استهداف الشارع العربي ، و محاولة اقتلاع جذوره و أوصوله و فروعه ، و رغم أن الجزيرة تتعامل مع البلدان العربية بالقطعة الواحدة تلو الأخرى ، و تتعامل مع الأحداث العربية بمصفاة الصهيونية وغرائز الهيمنة الأمريكية فان ما يسوءها لحد الآن أنها لم تستطع ترويض العقل العربي إلا في الجدود الدنيا تماما كما يحصل لترويض العقول العربية بواسطة حشيش و أفيون اللغة التكفيرية الوهابية التي يتزود بها طلبة أولى إرهاب في مدارس القرضاوى القطرية أو مدارس المؤسسة الدينية السعودية المنتشرة في الربوع الفقيرة من هذا العالم الذي تحول إلى بؤرة إرهاب ، بعد أن كان لوقت قصير مكانا تمارس فيه الدول العظمى هوايتها في صيد الثروات الطبيعية و قتل من يقف حائلا دون هذه المطامع الغربية الشرسة ، و مع طلوع فجر ” الربيع العربي” سطعت شمس ” الجزيرة” و سالت مليارات نفط قطر لتؤجج النفوس المرتبكة فتسقط الأنظمة و يسود إرهاب الإخوان الذين طالما تدثروا بغطاء التقوى فعرتهم هذه الثورات و أذهبت عنهم ماء الوجه ليسقط محمد مرسى كأول المنتصرين و أسرع المنهزمين .
لقد استعملت قناة الجزيرة ” الربيع العربي” بابا لرشوة العقول العربية التي طالما تلظت بنار الاستبداد و لم تستح القناة الصهيونية الماكرة أن تزعم و تدعى أنها قناة “الثورات العربية ” بامتياز مع أن ما كشف لاحقا يؤكد أنها ثورات موتورة من البداية تسيرها المخابرات و صبيان دكاكين المخابرات الذين دربتهم أموال ” الجمعيات الأمريكية ” مثل نوادي القمار السياسي فريدوم هاووس و مينابوليس الذين رأينا عينات مشبوهة منهم في حملة ” النظافة ” طلعت ريحتكم اللبنانية و على رأسهم طبعا السيد مروان معلوف و بقية ” الشلة” التي زين بعضها الصور الأولى لثورة “الياسمين ” التونسية ، بما يعنى أن قناة ” الثورات ” قد كانت من البداية جزءا من لعبة صهيونية لتسويق هذه ” الثورات” و التعتيم على حقيقة ما جرى في الأسابيع التي سبقت سقوط بن على و مبارك ، في حين فتحت المحمية القطرية خزائنها النفطية لكل المهللين و المبشرين و المحللين بهذه “الثورات” .
استطاعت قطر و “جزيرتها” و مخابراتها و قرضاويها أن تزرع الشك في مفهوم الأمن القومي العربي ، و أن تتحول سوريا بكل تاريخها القومي إلى علامة استفهام يلوكها بعض المتآمرين على القضايا العربية و على المقاومة ، بل استطاعت قطر و مالها الفاسد أن تصنع “إسلاما ” تكفيريا على المقاس و أن تجند مخابراتها المتحالفة مع الصهيونية العالمية كل مؤمن بأفكار القرضاوى لتدفعه في أتون حرب “إنشاء” الخلافة الإسلامية في الشام و العراق ، و لولا صمود الجيش العربي السوري و خيار حزب الله “سنكون أين يجب أن نكون ” لتحولت الأحلام المريضة إلى حقائق و الحقائق إلى دول مفتتة و الدول المفتتة إلى كيانات تتلقفها الجماعات الإرهابية ، كل هذا تحقق دون أن تخسر الصهيونية جنودا و سلاحا و دون أن يضطر مجلس الأمن إلى الاجتماع لإصدار الفتاوى المعتادة و تضطر الجامعة العربية إلى تلاوة البيان المكرر الذي طالما نال سخرية المتابعين ، لنتذكر تلك المقولة الشهيرة للزعيم الراحل أبو عمار لصحفي الجزيرة سامي حداد ” يا فرحة إسرائيل بك ” و نقول لقطر و الجزيرة “يا فرحة إسرائيل بكما ” .
ذهب وضاح خنفر صديق الإخوان المسلمين و لسان حالهم لكن الجزيرة لم تتغير ، فمسألة الخط التحريري في القناة الصهيونية القطرية مسألة مقدسة لا يمكن للأمير القطري أن يتعرض لها بالتغيير أو الزيادة أو النقصان و الاعتداء عليها يمثل انتهاكا “للأعراف الدبلوماسية” المنظمة للعلاقة بين المحمية القطرية و الإمبراطورية الصهيونية التي تحكم العالم ، و رغم أن الحرب السورية و ما كشفت من عورات و تضليل تعاملت به القناة مع ” مشاهديها” فإن القناة لا تزال تحاول الصمود في مواجهة انحدار نسبة المشاهدة الذي عبر ت عنه كل الإحصائيات و الاستقراءات ، لكن من الواضح أنه لم يعد مكان بعد نهاية الحرب قريبا في سوريا لكل هؤلاء العملاء المهرجين الملطخة أيديهم بدماء الأبرياء في سوريا و في بقية الوطن العربي ، لا مكان لخديجة بن قنة ، فيصل القاسم ، محمد كريشان ، جمال ريان ، توفيق طه ، الحبيب الغريبى ، أحمد منصور ، عزمي بشارة ، و كما سقط وضاح خنفر تحت شظايا وثائق ويكيليكس الشهيرة فسيسقط هؤلاء العملاء القتلة تحت شظايا لعنات الأبرياء،فأين سيهربون من عدالة السماء ؟ .
بانوراما الشرق الاوسط